أخبار

خفايا تواطؤ آل سعود مع الإمارات لتقسيم اليمن

منذ تشكيل التحالف الذي تقوده الرياض وأبو ظبي لدعم ومساندة الشرعية في اليمن, إلا انهما سرعان ما كشٌفت نواياهم للحفاظ على مصالحهم, وحولوا دخولهم لمساندة الشرعية إلى عملية تقسيم وتبادل الأدوار.
في الـ26 من مارس 2015، أعلنت الرياض وأبو ظبي تزعمهما لتحالف يضم عدة دول لمساندة الحكومة الشرعية في اليمن، برئاسة عبد ربه منصور هادي، بعد انقلاب الحوثيين على الحكم ووصولهم إلى العاصمة المؤقتة للبلاد عدن، بعدما كانوا قد سيطروا، في سبتمبر 2014، على صنعاء العاصمة الرئيسية للبلاد.
وخلال الأعوام الماضية، نفذ التحالف عمليات جوية وبحرية وبرية دعماً للقوات اليمنية، تمكنت خلالها الشرعية من استعادة السيطرة على عدة محافظات يمنية معظمها جنوبية، إضافة إلى بعض المحافظات في وسط البلاد.
وتمكنت حينها دول التحالف من السيطرة على المجال الجوي اليمني، ومنع المليشيات الحوثية وأعوانها من استخدام القوات الجوية ضد عمليات التحالف أو الجيش الوطني والمقاومة الشعبية المناهضة لهم، خلال السنوات الأولى.
لكن أهداف التحالف بدأت بالتراجع بشكل كبير؛ بعد منع تقدم القوات اليمنية نحو العاصمة صنعاء (الهدف الرئيسي للتحالف)، منذ أواخر 2016، وإعلان عدة دول الانسحاب من التحالف.
بعد تحرير معظم مناطق الجنوب، وتوقف المعارك باتجاه مناطق الشمال، عملت الإمارات على تنفيذ خطتها الرئيسية من هذه الحرب؛ من خلال النفوذ الطاغي الذي قامت به في مناطق جنوب اليمن.
وعملت الإمارات على تدريب نحو 80 ألف مسلح، وشكلت “نخباً” و”أحزمة” مسلحة تمثلت في “الحزام الأمني (عدن، والضالع، وأبين)، والنخبة الحضرمية، والنخبة الشبوانية”.
وبدأ نفوذ الإمارات بالبعد العسكري بتأسيس تلك القوات بقيادة الوزير المُقال من حكومة هادي، والقيادي المحسوب على التيار السلفي، هاني بريك، وتضم في صفوفها جمعاً متنوعاً من الضباط والعسكريين اليمنيين، ونشطاء الحراك الجنوبي، وبعض المحسوبين على “التيار السلفي”، إضافة إلى عناصر سابقة من الأمن كانت تتبع الرئيس السابق، علي عبد الله صالح.
كما وسعت الإمارات نشاطها العسكري بالجنوب عن طريق تدريبها لعدد من سكان جزيرة “سقطرى”، يصل عددهم إلى 5 آلاف عنصر بمناطق عسكرية مختلفة أسستها الإمارات، فضلاً عن إرسال نحو ألف شاب من جزيرة سقطرى إلى الإمارات لعدة أشهر لأخذ دورات تدريبية في مجال الأمن؛ تمهيداً لتوزيعهم على نقاط عسكرية في المناطق الحدودية بالجنوب، خلال أشهر مايو ويونيو ويوليو الماضية.
وواجهت الإمارات، منذ عام 2016، اتهامات بالعمل على إضعاف سلطة الحكومة الشرعية في المناطق التي يفترض أنها خاضعة لها، وامتلاك أهداف خفية في اليمن، وفي المقابل اتهمت السعودية بالسيطرة على قرارات هادي ومنعه من العودة.
يقول الباحث السياسي عبد الرقيب محمد، إن أهداف الإمارات في اليمن تلخصت بالسيطرة على الموانئ فيها بشكل أساسي، والاستيلاء على الجزر اليمنية، مثل سقطرى الاستراتيجية.
وأوضح أن من تلك الأهداف أيضاً إنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة ميون الواقعة على مضيق باب المندب، حيث تشير الأنباء إلى أنها شردت السكان الأصليين لهذه الجزيرة على مرأى ومسمع الشرعية والتحالف العربي، وفق ما وثقته مؤسسات بحثية أمريكية.
وأكد أن الإمارات تهدف إلى تقسيم اليمن بحيث يعود إلى ما قبل عام 1990، “ليعود الجنوب إلى الانفصاليين الذين سيكونون موالين لها، والشمال بيد الحوثيين الذين تحالفت أبوظبي مؤخراً مع راعيتهم إيران، في حين سيتم إقصاء الإسلاميين الذين تتخوف منهم”.
وبدا واضحاً أن الإمارات ركزت من مناطق سيطرتها على عدن العاصمة المؤقتة للبلاد، والتي يوجد فيها أحد أكبر الموانئ الطبيعية في العالم، والذي يهدد بشكل رئيسي موانئ دبي، إضافة لوجود مصافي عدن التي تعد المركز الرئيسي لتصفية النفط باليمن.
كما أن أبوظبي ركزت سيطرتها على المخا، حيث يوجد أحد أهم موانئ تصدير البن في العالم، ومضيق باب المندب الذي تمر منه آلاف السفن، ومحافظة شبوة التي يوجد فيها ميناء بلحاف النفطي، ومحافظة حضرموت حيث المخزون النفطي الأكبر باليمن.
ومؤخراً حاولت الإمارات الزحف نحو الحديدة للسيطرة على ثاني موانئ البلاد الاستراتيجية، لكنها توقفت بفعل التهديدات الإيرانية في منطقة الخليج، والتدخل الدولي.
وبينما تتولى الإمارات عمليات “النهب المنظم” في المحافظات التي تقع تحت سيطرتها، يوكَل أمر محافظة المهرة (شرق اليمن) إلى المملكة، حيث أظهرت الرياض نزعة للاستحواذ على الجغرافيا اليمنية في محافظة بعيدة جداً عن مسرح العمليات العسكرية، والتي لم يدخلها الحوثيون يوماً.
فالمملكة حتى هذه اللحظة تواصل تعزيز وجودها العسكري في المهرة، وتُحكم سيطرتها على المحافظة، وتعمل على تغيير إيقاع الحياة فيها على نحو دفع بالسكان إلى تنظيم أكبر وأطول وقفة احتجاجية في تاريخ المحافظة.
وكشفت وثيقة مؤخراً اعتزام الرياض إنشاء ميناء نفطي في المهرة، حيث أظهرت رسالة من شركة للأعمال البحرية إلى السفير السعودي باليمن تشكره فيها على ثقته بالشركة وطلبه التقدم بعرض فني ومالي لتصميم وتنفيذ ميناء تصدير للنفط.
كما تحدثت مصادر يمنية بأن “الرياض تهدف إلى حماية أراضيها من هجمات الحوثيين، حيث دعمت القوات الحكومية للسيطرة على المدن الحدودية، ووضعهم في مواجهة مباشرة أمام مقاتلي الحوثي، وتقليص خسائرها من جنودها”.
وأضاف: “أما وسائل إعلام آل سعود فأخذت نفس الخط الرسمي بالتفاعل مع الحدث دون تحيز لطرف على حساب طرف، أو إدانة تقدم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي”.
ويشير في حديثه إلى التسريبات التي خرجت وتتحدث عن طلب الرياض من الرئيس اليمني مهلة 5 أيام لإنهاء انقلاب المجلس الانتقالي في عدن، وهو ما حدث عكسه؛ حيث ساعدت تلك المهلة على السيطرة على عدن خلال 4 أيام.
ويضيف: “والآن ما يحدث في شبوة؛ فقد ذهبت وساطة سعودية لوقف تقدم الانتقالي، ولكن الواقع كان أن الرياض حاولت إلهاء السلطة المحلية هناك وإعطاءهم وعوداً مزيفة، وعندما غادرت المحافظة بدأ هجوم الانتقالي المدعوم من الإمارات في محاولة للسيطرة على المحافظة، التي قد تسقط ربما بدعم من آل سعود بيد تلك القوات”.
كما دلل على حديثه بالقول: “في أزمة سقطرى عام 2018، عندما أنزلت الإمارات قوة كبيرة هناك، وحين هدد اليمن بالتصعيد أممياً تدخلت الرياض وأنهت الخلافات، لكنها ساعدت في إخفاء حقيقة أن الإمارات وسعت وجودها وقامت بعمل قاعدة عسكرية في سقطرى بمساعدة منها”.
وسبق أن حذر الرئيس اليمني، في يناير عام 2015، من تشظي البلاد في حال عدم تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي اتفق عليها اليمنيون عام 2013، والتي تحدد وجود 6 أقاليم في البلاد تحت سلطة موحدة للبلاد.
وقال الرئيس اليمني حينها: “المخرج الوحيد لأزمات البلاد هو تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل بكل مصفوفاته وجوانبه، والذي يحمل في طياته معالجات حقيقية موضوعية لمعالجة القضية الجنوبية وقضية صعدة، وفقاً لما تم الاتفاق عليه على مستوى الحوار الذي شاركت فيه كافة الأطياف السياسية”.
وأضاف هادي: “بدون ذلك لا يمكن أن يكون الشمال كما كان ولا الجنوب كما كان، وهو ما يعني تشظي اليمن والخروج عن السيطرة للدولة والمجتمع”، محذراً حينها من أن ذلك سيمثل كارثة، ليس على اليمن وحده، وإنما على المنطقة كلها، وتضرر المصالح الدولية بصورة كبيرة نظراً لحيوية المنطقة ومكانتها الجغرافية.
وتعيش الرياض وأبو ظبي شراكة “عدوانية” في الشرق الأوسط، هدفت بشكل رئيسي إلى التدخل في شؤون دول المنطقة، ومحاولة التوسع والسيطرة على حساب البلدان الأخرى، كما يحدث حالياً في جارتهما اليمن.
ولا تذكر أزمة سياسية أو حرب دائرة في بلد عربي إلا ارتبط اسم أبوظبي والرياض فيها؛ لمحاولتهما فرض أكبر وجود لهما، ودعم الأطراف التي تقدم تنازلات كبيرة وتبني مواقفهما الدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى