فضائح السعودية

القرارات المتهورة لبن سلمان تقود المملكة للهاوية

تعاني المملكة من تخبط وتراجع لافت داخليا وخارجيا في ظل قرارات متهورة غير مدروسة يقدم عليها محمد بن سلمان بما يهدد حاضر المملكة ومستقبلها.
مؤخرا عانت المملكة من شلل غير مسبوق في صادراتها النفطية وتكبدت خسائر مالية قياسية بفعل القرارات السيئة غير المدروسة التي اتخذها بن سلمان منذ أصبح الحاكم الفعلي للمملكة، والهجمات الأخيرة على المرافق النفطية التي أدت إلى انهيار صادرات النفط إلى النصف في لمحة بصر.
وتبدو المملكة في وضع صعب مع تصاعد التوتّر بين طهران وواشنطن، فالأولى وللرد على الخطوات الامريكية التصعيدية ضدها، بدأت تعتمد القاعدة الإستراتيجية التالية “إذا ما هاجمتني أهاجم اصدقائك”، وفي هذه الحالة المملكة هي الهدف المثالي للرد الإيراني، وهذا بالفعل ما يفسّر الهجمات المتكررة والجريئة التي باتت تستهدف الرياض.
لكن هذه الهجمات التي تمت بواسطة طائرات من دون طيار وقبضة من الصواريخ كشفت إلى أي حد تبدو المملكة ضعيفة ولا معنى للمليارات الكثيرة التي دفعتها على ترسانة الأسلحة التي اشترتها من أكثر من مصدر.
خطورة الهجوم على المرافق البترولية مؤخرا أشدّ بكثير مما ذكر حتى الآن، إذ تعتمد المملكة بنسبة 90% على النفط والغاز في تحقيق طموحاتها واحتياجاتها، ولكي تحافظ على توازن ميزانيتها لابد أن يظل سعر البرميل 85 دولار على الأقل.
ثم إن المملكة تنوي فتح باب الاستثمار الأجنبي في أسهم شركة أرامكو الوطنية في عام 2020، وتعرّض صناعة النفط إلى هجمات مثل التي حصلت في الأسابيع والاشهر الماضية يمكن أن يجعل المستثمرين الأجانب يصرفون أنظارهم عن هذه الأسهم.
ويقول مراقبون غربيون إن هشاشة وضع المملكة يعكس إلى حد كبير هشاشة الاقتصاد العالمي الذي يعتمد على النفط والغاز إلى درجة أصبح فيها هذا القطاع “مهما ولا يمكن تحمل تبعات انهياره”.
وقبل أيام نشرت وكالة رويترز العالمية للأنباء تسريبات عن بداية تمرد فعلي في أروقة العائلة الحاكمة في المملكة وتصدع داخل نظام آل سعود غضبا على محمد بن سلمان.
وبحسب الوكالة عبر أفراد الأسرة الحاكمة ونخبة رجال الأعمال في المملكة عن إحباطهم من قيادة بن سلمان في أعقاب أكبر هجوم على الإطلاق على البنية التحتية النفطية في المملكة الشهر الماضي.
وقال دبلوماسي أجنبي كبير وخمسة مصادر تربطها علاقات مع العائلة المالكة ونخبة رجال الأعمال، بعدما طلبوا جميعا عدم نشر أسمائهم، إن هذا الأمر أثار قلقا وسط عدد من الفروع البارزة لعائلة آل سعود ذات النفوذ القوي، والتي يبلغ عدد أفرادها حوالي عشرة آلاف، بشأن قدرة ولي العهد على الدفاع عن أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم وقيادتها.
وقالت المصادر إن الهجوم أثار سخطا وسط بعض الذين يعتقدون في دوائر النخبة أن ولي العهد سعى لتشديد قبضته على السلطة.
وقال بعض هؤلاء الأشخاص إن الهجوم أثار انتقادات بين أولئك الذين يعتقدون أنه اتخذ موقفا عدوانيا مبالغا فيه تجاه إيران.
وقال أحد المصادر، وهو أحد أفراد النخبة السعودية الذي تربطه صلات بالعائلة المالكة، “ثمة حالة استياء شديد” من قيادة ولي العهد. “كيف لم يتمكنوا من رصد الهجوم؟”.
وأضاف أن بعض الأشخاص في أوساط النخبة يقولون إنهم “لا يثقون” في ولي العهد، الأمر الذي أكدته المصادر الأربعة الأخرى والدبلوماسي الكبير.
وفي اعتراف بعجزه وفشله، قال بن سلمان خلال مقابلة تلفزيونية بثتها محطة (سي.بي.إس) التلفزيونية الأمريكية يوم الأحد الماضي، إن الدفاع عن السعودية أمر صعب نظرا لحجم المملكة الكبير ونطاق التهديدات التي تواجهها.
وأضاف “من الصعب تغطية كل هذا بالكامل”. ودعا أيضا إلى اتخاذ إجراء عالمي “قوي وصارم” لردع إيران، لكنه قال إنه يفضل “الحل السلمي” على الحل العسكري.
والاستقرار السياسي على المحك في المملكة أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم.
ويخلف ولي العهد رسميا والده الملك سلمان، البالغ من العمر 83 عاما. وبن سلمان هو أيضا الحاكم الفعلي للمملكة وقد تعهد بتحويلها إلى دولة حديثة.
وسيطرة النظام على وسائل الإعلام وقمع المعارضة في المملكة يجعلان من الصعب قياس مستويات الحماس الحقيقي محليا.
وقد استهدفت هجمات الرابع عشر من سبتمبر وحدتين لمعالجة النفط لشركة أرامكو السعودية العملاقة، مما أدى في بادئ الأمر إلى توقف نصف إنتاج المملكة من النفط وهو ما يمثل خمسة في المئة من إنتاج النفط العالمي. وألقت السعودية بالمسؤولية على إيران، وهو تقييم يشترك فيه المسؤولون الأمريكيون. ونفى مسؤولون إيرانيون تورط بلادهم.
وقال نيل كويليام الباحث لدى مؤسسة تشاتام هاوس البحثية في لندن “لا يغيب عن السكان حجم هذه الهجمات ولا حقيقة أن (ولي العهد) هو وزير الدفاع وشقيقه هو نائب وزير الدفاع، ومع ذلك يمكن قول إن البلاد تعرضت لأكبر هجوم على الإطلاق”.
وأضاف كويليام، وهو خبير في شؤون السعودية والخليج، “هناك تقلص في الثقة في قدرته على تأمين البلاد، وهذا نتيجة لسياساته”، مشيرا إلى أن الأمير محمد بن سلمان يشرف على السياسة الخارجية والأمنية والدفاعية.
وأجج الهجوم مشاعر استياء بدأت منذ تولي ولي العهد منصبه قبل عامين، إذ نحى منافسيه على العرش واعتقل المئات من أبرز الشخصيات في المملكة بسبب مزاعم فساد.
وتضررت سمعة بن سلمان في الخارج بسبب حرب مكلفة في اليمن على جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران. وأسفرت الحرب عن مقتل عشرات الآلاف وأدت إلى أزمة إنسانية.
كما تعرض بن سلمان لانتقادات دولية بسبب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي قبل عام في قنصلية المملكة في إسطنبول. وقالت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إن ولي العهد أمر بقتله.
وحاول بن سلمان نفى أنه أمر بقتل خاشقجي، لكنه قال إنه يتحمل في النهاية “المسؤولية الكاملة” بوصفه القائد الفعلي للمملكة.
ويقول بعض المنتقدين السعوديين إن السياسة الخارجية العدائية التي ينتهجها بن سلمان تجاه إيران وتورطه في حرب اليمن عرضا المملكة للهجوم، وفقا لأربعة من المصادر التي لها علاقات مع العائلة المالكة ونخبة رجال الأعمال.
وعبروا أيضاً عن شعورهم بالإحباط لأن ولي العهد لم يتمكن من منع الهجمات على الرغم من إنفاق مئات مليارات الدولارات على الدفاع، وفقا للمصادر الخمسة وأحد كبار الدبلوماسيين.
ويقول بعض أفراد النخبة السعودية إن جهود ولي العهد لإحكام قبضته أضرت بالمملكة. وقال أحد المصادر المقربة من الدوائر الحكومية إن الأمير محمد جاء بمسؤولين أقل خبرة من السابق بشكل عام.
وأزاح الأمير محمد بن سلمان الأمير محمد بن نايف من ولاية العهد ووزارة الداخلية قبل عامين. وكان لولي العهد السابق خبرة لنحو 20 عاما في المناصب العليا بالوزارة، التي كانت مسؤولة عن الشرطة المحلية والاستخبارات.
وعين بن سلمان ابن عمه البالغ من العمر 33 عاما بدلا منه، بعدما جعل القطاعات الرئيسية للمخابرات ومكافحة الإرهاب ضمن اختصاص الديوان الملكي.
كما أطاح بالأمير متعب بن عبد الله، الذي كان يشرف على قيادة الحرس الوطني ويتولى قيادته فعليا منذ عام 1996.
وفي نهاية المطاف حل محله في أواخر العام الماضي الأمير عبد الله بن بندر بن عبد العزيز وكان عمره آنذاك 32 عاما وكان نائب أمير منطقة مكة لمدة تقل عن عامين وقبل ذلك كان يعمل في الأعمال التجارية الخاصة.
يقول مطلعون سعوديون ودبلوماسيون غربيون إن الأسرة لن تعارض على الأرجح بن سلمان خلال وجود الملك على قيد الحياة، وأقروا بأنه من غير المحتمل أن ينقلب الملك على ابنه الأثير.
ونقل الملك معظم مسؤوليات الحكم لابنه، لكنه لا يزال يترأس اجتماعات مجلس الوزراء الأسبوعية ويستقبل كبار الشخصيات الأجنبية.
ويقول المطلعون والدبلوماسيون إنه بصرف النظر عما سيحدث في المستقبل بعد الملك، فإن تحدي سلطة محمد بن سلمان قد يكون صعبا في ظل قبضته المُحكمة على هيكل الأمن الداخلي.
وينظر بعض الأمراء إلى الأمير أحمد بن عبد العزيز، البالغ من العمر 77 عاما، وهو الأخ الشقيق المتبقي الوحيد على قيد الحياة للملك سلمان، كبديل ممكن يحظى بدعم أفراد الأسرة والجهاز الأمني وبعض القوى الغربية، على حد قول اثنين من المصادر الخمسة التي تربطها علاقات بالنخبة السعودية.
وقال أحد رجال الأعمال الكبار “ينظرون جميعا إلى (الأمير) أحمد ليروا ما سيفعل. لا تزال العائلة تعتقد أنه الوحيد الذي يستطيع الحفاظ عليها”.
ولا يوجد دليل على أن الأمير أحمد مستعد للقيام بهذا الدور، وفقا لمراقبين سعوديين. ولا يضطلع الأمير أحمد بدور رسمي، وظل بعيدا عن الأنظار إلى حد كبير منذ عودته إلى الرياض في أكتوبر تشرين الأول عام 2018 بعد أن أمضى شهرين ونصف الشهر في الخارج.
وخلال الرحلة، بدا أنه ينتقد قيادة المملكة بينما كان يرد على متظاهرين خارج مقر إقامته في لندن وهم يهتفون بسقوط أسرة آل سعود.
وكان الأمير أحمد واحدا من ثلاثة أشخاص فقط في هيئة البيعة، التي تضم كبار أفراد الأسرة الحاكمة، عارضوا أن يصبح بن سلمان ولي العهد في عام 2017، بحسب مصدرين سعوديين في ذلك الحين.
وقال أحد المصادر الخمسة التي لها صلات بالنخبة السعودية إن موقف الأمير أحمد بشأن ما إذا كان سيتحدى الأمير محمد بن سلمان هو أنه “سنعبر هذا الجسر عندما نصل إليه”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى