فضائح السعودية

دعوى الجبري ضد بن سلمان تهدد بكشف أسرار من أروقة الحكم في السعودية

أبرز تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية تهديد دعوى قضائية رفعها مسؤول استخباري سعودي سابق في محكمة أمريكية بإفشاء أسرار ملكية من داخل أروقة الحكم في السعودية، مع تأكيد المسؤول أن ولي العهد محمد بن سلمان حاول اغتياله.

واعتبر مصدر مقرّب من الديوان الملكي السعودي أن دعوى سعد الجبري المكونة من 107 صفحات الأسبوع الماضي، لا أساس لها. وأصر على أن المسؤول السابق في جهاز الاستخبارات يواجه مزاعم فساد خطيرة في المملكة.

وقد تتحوّل دعوى الجبري التي شملت اتهامه لبن سلمان بتدبير اعتقال نجله وابنته في المملكة دون توجيه اتهامات لهما، إلى نزاع علني يؤدي إلى كشف بعض أوجه صراعات القوة والنفوذ في الدولة الخليجية الثرية.

وهي المرة الأولى التي يرفع فيها مسؤول كبير سابق دعوى ضد ولي العهد. وفي حال ثبتت صحة ما ورد في الدعوى، فإنها ستلقي مزيدا من الضوء على ما يعتبره مراقبون حملة حكومية ضارية لملاحقة الخصوم والمنتقدين في الخارج.

وفي دعوى الجبري اتهم بن سلمان بإرسال فرقة قتل إلى كندا، حيث يعيش في المنفى، بهدف قتله وتقطيعه بالطريقة نفسها التي قُتل بها الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية المملكة في اسطنبول عام 2018، على حد قوله.

وجاء في الدعوى أن الجبري هو أكثر شخصية يرغب ولي العهد بالتخلص منها.

وأضاف مسؤول الاستخبارات السابق أن بن سلمان يريد التخلّص منه بسبب قربه من الأمير محمد بن نايف الذي حلّ محمد بن سلمان مكانه في ولاية العهد عام 2017، ولأنه يعرف الكثير عن نشاطات له يمكن أن تلحق ضررا بالعلاقات بين واشنطن والرياض.

معلومات حساسة
تشمل الدعوى مراسلات عبر تطبيق “واتساب” لإقناع الجبري بالعودة إلى المملكة بعيد إعفاء محمد بن نايف من منصبه، عبر إغرائه بعرض عمل، قبل أن تجري محاولة فاشلة عبر الإنتربول لترحيله.

وأكد الجبري أنه بعد 13 يوما من اغتيال خاشقجي في الثاني من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2018، وصل فريقٌ يضم “مرتزقة شخصيين” لولي العهد في “فرقة النمر”، على حد قوله، إلى كندا، لقتله.

وأضاف أن الفريق كان يضم متخصصين في الطب الشرعي ومعدات شبيهة بمعدات المجموعة التي قامت بتقطيع جثة خاشقجي التي لم يتم العثور عليها بعد.

وأكّد مسؤول سعودي رفيع المستوى أن الحكومة تستعد للرد على الدعوى القضائية في المحكمة الأمريكية، في حين لم تنف كندا الادعاء بأنها اعترضت فرقة الاغتيال السعودية.

وقد أعرب مسؤولون سابقون في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي ايه) عن دعمهم للجبري، وأشادوا به كشريك في جهود مكافحة الإرهاب بعدما ساعد بحسب هؤلاء في إحباط عدة هجمات ضد المصالح الأمريكية.

وأقيمت الدعوى على الأمير محمد و12 شخصا آخرين ذكرت أسماؤهم و11 شخصا لم تحدد هوياتهم، لمحاولة القتل خارج إطار القضاء، بموجب “قانون حماية ضحايا التعذيب”.

ومن غير الواضح مصير الدعوى في الولايات المتحدة حيث لا يقيم الجبري ولا ولي العهد.

لكن لا يزال من الممكن أن تشكّل القضية مصدر قلق للرياض؛ لأنها تؤكد أن الجبري يمتلك “معلومات حساسة ومهينة” عن ولي العهد، بما في ذلك تسجيلات سيتم نشرها في حال مقتل الجبري.

ومن بين المعلومات التي وردت أنه في عام 2015 شجّع الأمير محمد سراً روسيا على التدخل في الصراع السوري، وهي خطوة أثارت غضب وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.

وبعد شهرين منذ ذلك، بدأت القوات الروسية تدخّلها، مما قضى فعليا على أي فرصة لتحقيق نصر عسكري للمعارضة السورية التي قالت المملكة إنها تدعمها.

مخاطر سياسية
يرى مصدر في الديوان الملكي أن الدعوى مجرد “إعلان علاقات عامة”، واصفا إياها بـ”القضية الواهية” التي “لا تقدم أي دليل”، متهّما المسؤول السابق بالتورط في قضايا فساد بمليارات الدولارات خلال فترة عمله في وزارة الداخلية.

وقالت الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط بسمة المومني، إن إرسال فرقة قتل إلى كندا في ذروة الغضب العالمي بشأن مقتل خاشقجي، إذا تأكّد، يظهر أن الرياض تعتبر الجبري “مصدرا للمخاطر السياسية” عليها.

وأضافت الأستاذة في جامعة واترلو الكندية: “ملاحقة المنافسين بهذه الطريقة تظهر أيضا أن محمد بن سلمان يشعر بأنه لا يمكن المساس به”.

وقوبلت اتهامات الكسب غير المشروع ضد الجبري بتشكيك في مجتمع الاستخبارات الأمريكي، حيث قال مسؤول سابق في وكالة الاستخبارات المركزية لوكالة: “كل من يعرف سعد والسعودية ويعرف ما هو قادر عليه محمد بن سلمان، لن يصدق ذلك”.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعم ولي العهد خلال قضية خاشقجي.

لكن وزارة الخارجية الأمريكية أصدرت الأسبوع الماضي تحذيرا نادرا بشأن احتجاز ابنة الجبري ونجله، سارة وعمر، وكلاهما في العشرين من العمر، ووصفته بأنه أمر “غير مقبول” وطالبت بـ”الإفراج الفوري عنهما”.

وقال دانيال هوفمان المدير السابق لقسم الشرق الأوسط في وكالة الاستخبارات المركزية: “خلال سنوات عملي (…) لم أعرف قط مسؤولاً أجنبياً أفضل من سعد في موضوع مكافحة الإرهاب”.

وأضاف “هذا نزاع بين سعد والحكومة السعودية. يجب السماح للولدين بمغادرة المملكة إذا رغبا في ذلك”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى