معتقلي الرأي

تجريم النشاط الحقوقي تكريس للاستبداد والقمع في السعودية

تجمع أوساط حقوقية على إدانة تجريم النظام السعودي النشاط الحقوقي في المملكة بغرض تكريس الاستبداد والقمع ومنع أي نشاط سلمي للدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان.

وأبرز مركز الخليج لحقوق الإنسان في تقرير تلقى “سعودي ليكس” نسخة منه، تعرض المدافعون عن حقوق الإنسان المحتجزون في سجون السعودية للعديد من الانتهاكات، بما في ذلك احتجازهم بعد انتهاء مدة محكوميتهم.

وقال المركز إن السلطات السعودية تواصل استهدافها الممنهج للمدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين وغيرهم من النشطاء، والعديد منهم اختفى قسراً منذ شهور”.

وأدان المركز ممارسة إبقاء المدافعين عن حقوق الإنسان المسجونين الذين أتموا محكوميتهم في السجن من أجل منعهم من القيام بعملهم السلمي والمشروع في مجال حقوق الإنسان.

وبهذا الصدد جدد المركز قلقه البالغ حيال سلامة ورفاهية المدافع البارز عن حقوق الإنسان محمد القحطاني الذي تم إخفاؤه قسرياً من قبل السلطات السعودية لأكثر من ثلاثة شهور”.

ودعا المركز إلى رد دولي قوي ضد رفض السلطات الكشف عن أي معلومات موثوقة تؤكد مكان وجود الدكتور القحطاني.

وبتاريخ 23 يناير/كانون الثاني 2023، كتبت زوجة الدكتور القحطاني، مدافعة حقوق الإنسان، مها القحطاني، تغريدة ورد فيها ما يلي، “اليوم أكمل زوجي ثلاثة أشهر وهو في الإخفاء القسري وهذا يعد انتهاك لحقوق الإنسان. أين الدكتور محمد فهد القحطاني؟”

كانت آخر مرة سمعت عائلته منه في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2022، عندما اتصل بهم من سجن إصلاحية الحائر في الرياض.

وكان من المقرر إطلاق سراح القحطاني في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 بعد أن أمضى عقوبة بالسجن لمدة 10 سنوات.

يأتي إخفائه بعد أن رفعت زوجته شكوى، بتاريخ 10 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إلى مدير سجن إصلاحية الحائر حول تعرض زوجها إلى اعتداءات متكررة من قبل النزلاء الذين يعانون من أمراضٍ نفسية، من الذين يقبعون في نفس الجناح (8أ).

وقد أكدت المناشدات المتكررة السابقة من قبل مركز الخليج لحقوق الإنسان وشركائه على إطلاق سراح الدكتور القحطاني، الذي فاز بجائزة رايت لايفليهود في عام 2018 لالتزامه بتعزيز حقوق الإنسان، ودفع الإصلاحات الديمقراطية في المملكة.

ووافق يوم 09 مارس/آذار 2023 من الأسبوع الماضي، الذكرى السنوية العاشرة لاعتقاله بسبب أنشطته السلمية والشرعية في مجال حقوق الإنسان.

في هذه الأثناء أكدت تقارير محلية متكررة استلمها مركز الخليج لحقوق الإنسان، أن مدافع حقوق الإنسان عيسى النخيفي تم نقله بتاريخ 24 أكتوبر/تشرين الأول 2022، من سجن إصلاحية الحائر في الرياض إلى جهة مجهولة، ولا توجد أية معلومات عن مكان تواجده الحالي. كان من المؤمل الإفراج عنه حيث أكمل مدة محكوميته في 18 ديسمبر/كانون الأول 2022.

بذلك يمكن القول إن النخيفي يتعرض الآن للإخفاء القسري من قبل السلطات السعودية، وهو نفس ما تعرض له القحطاني.

وقد قد أمضيا محكوميتهما في الجناح (8أ) من السجن نفسه، وخاضا معاً عدة إضرابات عن الطعام للمطالبة بحقوقها وللاحتجاج على سوء المعاملة التي كانوا يتعرضون لها.

بتاريخ 28 فبراير/شباط 2018، حكمت المحكمة الجنائية المتخصصة عليه بالسجن لمدة ست سنوات، تتبعها ست سنوات أخرى من حظر السفر بعد الإفراج عنه بالإضافة إلى منعه من الكتابة أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

ووُجهت ضد عيسى النخيفي تهمة “إهانة” السلطات وتحريض الرأي العام ضد الحكام، فضلاً عن كونه على اتصال مع شخصيات معارضة مشبوهة.

كما أُتهم بالمطالبة بالإفراج عن أعضاء المنظمة غير الحكومية المحظورة – وهي جمعية حسم. وقد تم توجيه التهم بموجب قانون مكافحة جرائم الإنترنت، وتشمل التهم أنشطته على الإنترنت وعلى شبكات التواصل الاجتماعي مثل رفضه للحرب في اليمن، ودعمه لوسم البرلمان الشعبي.

إن النخيفي هو ناشط اجتماعي احتج على سياسة الحكومة بتشريد العائلات من الحدود السعودية اليمنية من أجل اتخاذ تدابير أمنية دون تعويض مناسب.

في 18 ديسمبر/كانون الأول 2016، اعتقلته قوات الأمن في منطقة جيزان بعد أن قام بالتغريد بتاريخ 06 ديسمبر/كانون الأول 2016، “لم أسرق تريليونات، ولم أشتري يختاً ولم أشتر طائرة. ليس لدي بيت لأطفالي. لا أملك وظيفة بعد أن أُخذت وظيفتي مني، وحتى أني تأخرت عن دفع ايجار المنزل فلماذا الاستدعاء.”

لقد أفرج عنه سابقاً بتاريخ 06 نيسان/أبريل 2016 بعد أن قضى ثلاث سنوات وثمانية أشهر في السجن. وتعرض زعماً للتعذيب ووُضع في الحبس الانفرادي بعد أن بدأ إضراباً عن الطعام من أجل المطالبة بالعدالة.

وقد تم اتهامه بعدة تهم ٍمن بينها، الطعن في السلطة القضائية، اتهام مؤسسات الدولة بالتقصير في أداء واجباتها، المشاركة في الفتنة بالتحريض على المظاهرات وتنظيمها، وتخزين وإرسال ما من شأنه المساس بالنظام العام.

إلى ذلك أكد تقرير موثوق أن الحكم الأولي بالسجن ثماني سنوات ضد الطبيب والناشط على الإنترنت زياد السفياني قد تم تشديده إلى 14 عاماً في مرحلة الاستئناف.

والسفياني وزميله أسامة خالد، هما طبيبان شابان معروفان بمساهمتهما في منشورت ويكيبيديا العربية، وقد حكم عليهما بالسجن في السعودية. ساهم كلاهما في الإنسكلوبيديا الإلكترونية، التي يديرها متطوعون، على مدار العقد الماضي، وقاموا بتحرير مقالات عن المدافعة عن حقوق الإنسان لجين الهذلول.

تم اعتقالهما في صيف 2020، عندما كانت المملكة في فترة إغلاق بسبب الإجراءات الصحية المتعلقة بكوفيد-19 وتم الحكم عليهما بالسجن لمدة خمس وثماني سنوات على التوالي قبل أن يتم تغليظ الحكم الصادر ضد خالد إلى 32 عاماً عند استئنافه الحكم. لا يُعرف الكثير من التفاصيل عن أيٍ من القضيتين.

من جهة أخرى أكدت مصادر موثوقة أنه في يناير/كانون الثاني 2023، أعادت المحكمة العليا قضية الأكاديمية والمدافعة عن حقوق الإنسان سلمى الشهاب إلى المحكمة الجزائية المتخصصة، التي قررت في فبراير/شباط 2023 تخفيض الحكم الصادر ضدها من 34 إلى 27 عاماً بالإضافة إلى منعها من السفر لمدة مماثلة بعد انتهاء مدة محكوميتها.

وأدان مركز الخليج الحكم اللاإنساني والجائر المتضمن السجن لمدة 27 عاماً ضد مدافعة حقوق الإنسان سلمى الشهاب بسبب نشاطاتها على الإنترنت، حيث أن هذا كان أشد حكم صدر على أي ناشط سلمي على الإطلاق.

والتغريدة التي وضعتها الشهاب في مقدمة تغريداتها ونشرتها بتاريخ 30 أغسطس/آب 2019، ورد فيها، “أرفض الظلم، وأنصر المظلوم…الحرية لمعتقلي الرأي ولكل مظلوم في العالم.”

في 20 ديسمبر/كانون الأول 2020، كتبت التغريدة التالية، ” الحرية لمسجونات الأنظمة الأبويّة والخزي والعار للسجان!”

سلمي الشهاب، 34 سنة، أم لطفلين، طبيبة أخصائية في صحة الفم والأنسان. كانت تدرس لنيل الدكتوراه بجامعة ليدز ببريطانيا في مجال اختصاصها، وقد سبق لها أن حصلت على شهادة الماجستير من جامعة الملك سعود في الرياض.

بتاريخ 09 أغسطس/آب 2022، أصدرت محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة حكما بالسجن لمدة (34) سنة ضدها، إضافة لمنعها من السفر لمدة مماثلة بعد إكمالها محكوميتها. يتعلق هذا الحكم الجائر فقط بنشاطاتها السلمية والحضارية من خلال تغريداتها على تويتر.

لقد وجهت لها النيابة العامة تهم عديدة من بينها، “زعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة”، “نشر الفتنة”، “تقديم العون لمن يسعون إلى خلخلة النظام العام”، و “نشر إشاعات كاذبة ومغرضة على تويتر”. تم استخدام قانون مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله لسنة 2017، وقانون مكافحة جرائم المعلوماتية لسنة 2007 في إصدار الحكم القاسي الأخير ضدها.

في 15 يناير/كانون الثاني 2021، تم اعتقال الشهاب بعد قدومها لبلدها من أجل قضاء العطلة مع أهلها. تم إخضاعها لسوء المعاملة أثناء اعتقالها ولساعات تحقيق طويلة يومية على مدى تسعة أشهر ونصف.

بدأت بعد ذلك محاكمتها أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، وهي محكمة الإرهاب التي تأسست سنة 2008 لمحاكمة أعضاء التنظيمات الإرهابية، ولكنها غالباً ما استخدمت لسجن مدافعي حقوق الإنسان. لقد حُكم عليها ابتداءً بالسجن لمدة ست سنوات في عام 2021.

الجدير بالذكر أنه لم يسمح لها بتوكيل محام ٍ طوال مرحلة التحقيق المضنية في انتهاكٍ صارخ إلى المادة الرابعة من قانون الإجراءات الجزائية السعودي.

في سياق قريب وبتاريخ 12 مارس/آذار 2023، نشرت مدافعة حقوق الإنسان أريج السدحان، شقيقة عامل الإغاثة عبد الرحمن السدحان، الذي حُكم عليه بالسجن لمدة 20 عاماً في المملكة العربية السعودية لامتلاكه حساب تويتر ساخر مجهول، التغريدة التالية، “اليوم مرت 5 سنوات على اعتقال أخي عبد الرحمن السدحان تعسفياً في المملكة العربية السعودية من قبل الحكومة السعودية. تم احتجازه دون تهمة لمدة 3 سنوات وتعرض للتعذيب الوحشي قبل أن يحكموا عليه بالسجن 20 عاماً في محكمة صورية بتهمة التغريد. ما زلنا يُرفض لنا أي اتصال.

حُكم على السدحان بالسجن لمدة 20 عاماً خلال جلسة استماع عقدتها المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض بتاريخ 05 أبريل/نيسان 2021. في 12 مارس/آذار 2018 ، تم القبض على السدحان بمكاتب جمعية الهلال الأحمر السعودي في الرياض، حيث كان عمل كعامل إغاثة.

وأعرب مركز الخليج لحقوق الإنسان عن القلق إزاء الأساليب المختلفة التي تستخدمها السلطات السعودية لاعتقال ومضايقة نشطاء الإنترنت أو إسكات الحوار عبر الإنترنت، بما في ذلك استخدام الذباب الإلكتروني، بالإضافة إلى المراقبة.

أنشأت المديرية العامة للمباحث، بأوامر مباشرة من محمد بن سلمان، مجموعات استخبارات إلكترونية مؤلفة من أعداد كبيرة من الذباب الإلكتروني تستخدم حسابات تويتر للتحريض على مهاجمة الأصوات المستقلة الداعية إلى الإصلاح، والمطالبة باعتقال مستخدمي تويتر المعروفين من الذين تمت مراقبتهم.

في 09 أغسطس/آب 2022، أُدين أحمد أبو عمو، وهو مواطن لبناني أميركي مزدوج الجنسية وكان مديراً في تويتر، بستة من بين11 تهمة، بما في ذلك “العمل كوكيل للمملكة” و”محاولة إخفاء مدفوعات من مسؤول” مرتبطة بالعائلة المالكة السعودية.

في 15 ديسمبر/كانون الأول 2022، حُكم عليه بالسجن لمدة 42 شهراً لدوره في الوصول إلى المعلومات السرية والحساسة ومراقبتها ونقلها والتي يمكن استخدامها لمعرفة وتحديد مكان مستخدمي تويتر، الذين هم محل اهتمام العائلة المالكة السعودية.

ودعا مركز الخليج لحقوق الإنسان السلطات السعودية إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن الدكتور محمد القحطاني، عيسى النخيفي، زياد السفياني، أسامة خالد، سلمى الشهاب، عبدالرحمن السدحان، وجميع معتقلي الرأي.

وأكدت المركز أنه أثناء احتجازهم، يتوجب الالتزام بقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد مانديلا)، وتوفير الرعاية المناسبة للحفاظ على صحتهم، والسماح لهم بالوصول الكامل إلى أسرهم.

وحث المركز الحقوقي على ضمان وفي جميع الظروف أن يكون جميع المدافعين عن حقوق الإنسان في المملكة قادرين على القيام بعملهم المشروع في مجال حقوق الإنسان دون خوف من الانتقام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى