واقع النساء المحكومات بالإعدام في السعودية: تمييز متعدد وانعدام للشفافية

تحذر أوساط حقوقية من تدهور بالغ في واقع النساء المحكومات بالإعدام في السعودية في ظل ما يتعرضن له من انتهاكات جسيمة في ظل نظام قضائي يفتقر إلى العدالة والشفافية، ويُكرّس التمييز على أساس النوع والجنسية.
وبحسب الأوساط الحقوقية بإن النساء في السعودية لا يواجهن فقط التحديات القانونية المرتبطة بأحكام الإعدام، بل يُواجهن أيضًا تمييزًا مزدوجًا يفاقم من قسوة هذه العقوبة.
فالتمييز الأول مرتبط بالنوع الاجتماعي، حيث تتعامل المحاكم السعودية مع النساء ضمن أطر ثقافية واجتماعية تقليدية تفتقر إلى المساواة أمام القانون، ما يؤثر على تقييم الأدلة، ظروف المحاكمة، وأحكام القضاء.
أما التمييز الثاني، فهو يمسّ النساء من الجنسيات الأجنبية، خاصة العاملات المنزليات، اللواتي يُحرمن من الترجمة الفعالة، ولا يحصلن على دعم قانوني كافٍ، وغالبًا ما تُنتهك حقوقهن الأساسية في المحاكمة العادلة. كما يُمنعن في كثير من الأحيان من الحصول على الحماية القنصلية، ما يزيد من هشاشتهن في مواجهة النظام القضائي.
أرقام مقلقة: تصاعد في إعدامات النساء
تستعرض منظمات حقوقية بيانات مقلقة حول تنفيذ أحكام الإعدام بحق نساء خلال السنوات الخمس الماضية، مشيرة إلى أن العدد آخذ في الارتفاع، مع غياب أي مؤشرات على مراجعة أو تعديل في السياسات القضائية:
2020 و2021: تنفيذ الإعدام بحق سيدتين سعوديتين بتهمة القتل.
2022: إعدام امرأة إثيوبية بتهمة مماثلة.
2023: إعدام ست نساء (ثلاث سعوديات، وثلاث أجنبيات من غانا، اليمن، وبنغلاديش).
2024: تنفيذ الإعدام بحق تسع نساء، بينهن أربع نيجيريات في قضايا تتعلق بالمخدرات.
والعديد من هؤلاء النساء – لا سيما العاملات المنزليات من نيجيريا وغيرها – قد يكنّ ضحايا اتجار بالبشر، وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول قانونية وقانونية هذه الأحكام، ومدى التزام القضاء السعودي بالتحقيق الشامل وضمان المحاكمة العادلة.
التمييز ضد الأجانب: نمط ممنهج
أظهرت إحصائيات حقوقية أن السعودية أعدمت أجانب في قضايا مخدرات بثلاثة أضعاف عدد المواطنين في القضايا ذاتها، بين عامي 2010 و2021، ما يعكس نمطًا من التمييز المنهجي على أساس الجنسية.
وكانت لجنة القضاء على التمييز العنصري التابعة للأمم المتحدة قد نبهت لهذا التوجه في تقرير رسمي عام 2018، لكن السلطات السعودية لم تتخذ إجراءات ملموسة لمعالجته.
وتنتقد المنظمات الحقوقية “الغياب التام للشفافية” في تعامل السلطات السعودية مع قضايا النساء المحكومات بالإعدام. وأبرزت في هذا السياق عدة مظاهر لانعدام العدالة:
عدم نشر أي معلومات عن ظروف الاعتقال أو المحاكمة.
منع المراقبين المستقلين والمنظمات الحقوقية من زيارة السجون أو التواصل مع المحكومات.
حرمان القنصليات الأجنبية من متابعة قضايا مواطناتها بانتظام.
وهذا التعتيم يزيد من خطر تنفيذ الإعدامات بحق نساء دون اكتمال التحقيق أو التأكد من ظروف المحاكمة العادلة.
إعدامات بلا اعتبار للظروف الإنسانية
تحذر المنظمات الحقوقية من احتمال تنفيذ أحكام الإعدام بحق نساء حوامل، مرضعات، أو أمهات لأطفال صغار، دون أي مراعاة لظروفهن الاجتماعية أو الصحية، في غياب أي دلائل على توفير رعاية طبية أو نفسية أو قانونية ملائمة.
وهذه الانتهاكات تجعل من عقوبة الإعدام أداة قمعية بالغة القسوة، تُضاعف من الأثر الإنساني والنفسي طويل الأمد على الضحايا وأسرهن.
وتطالب تلك المنظمات المجتمع الدولي بالضغط على السعودية لوقف تنفيذ أحكام الإعدام، خاصة بحق النساء الأجنبيات، وإجراء مراجعة شاملة للمنظومة القضائية لضمان التزامها بمعايير العدالة الدولية وتوفير حماية خاصة للنساء المعرضات للاتجار أو العنف المنزلي أو الاستغلال الوظيفي، وإعادة تقييم أحكام الإعدام في ضوء هذه الانتهاكات.