السعودية في مأزق الفساد: من أرامكو إلى نيوم أين ذهبت الأموال؟

تحولت مشاريع كبرى يروج لها ولي العهد محمد بن سلمان في إطار رؤية 2030، إلى منصات للعبث المالي والخداع البصري، ما جعل المملكة أسيرة في مأزق الفساد وتعاني من تبديد الثروات في مشاريع ضخمة لا جدوى اقتصادية لها.
من أرامكو إلى نيوم، تبرز قصة رجل جمع الملفات الثقيلة والهفوات القاتلة، إنه “نظمي النصر” الذي لم يكن مجرد مسؤول تنفيذي، بل كان مهندسًا لواحدة من أكبر شبكات الفساد المالي في المشاريع الضخمة داخل المملكة.
أرامكو والفساد الصامت عندما كان “خالد الفالح” على رأس الشركة، كان “نظمي النصر” الرجل الموثوق لإدارة المشاريع، لكنه استغل ذلك في تمرير صفقات مشبوهة وعقود مبهمة، مما فتح بابًا للفساد الذي لم يُكشف بالكامل حتى الآن.
وتشير التقارير إلى أن “نظمي النصر ” كان يتحكم في الأوقاف المالية، وتمرير أموال لمشاريع خارجية بحسابات سرية، مستغلًا الثقة التي مُنحت له.
والملفات كانت جاهزة منذ سنوات، لكنها ظلت حبيسة الأدراج في الديوان لماذا؟ لأن الخوف من التداعيات السياسية كان هو السبب لذلك. لكن يبدو أن الوقت قد حان لإعادة فتحها.
وفي محاولة لإظهار نجاح المشروع، استأجر النصر يخوتًا فاخرة لتقديم صورة زائفة عن التشغيل في جزيرة سندالة، لكن الفضيحة لم تتوقف هنا.
إذ ورد في عدة تحقيقات لمنظمات حقوقية أن العمال المهاجرين في مشروع نيوم السعودي الذي من المقرّر أن يضم مدينة ذات ثمانية جوانب تطفو على الماء، ومنتجعات فاخرة على البحر الأحمر، يشتكون من العمل في ظروف قاسية وصعبة للغاية إذ يُجبرون على العمل لساعات طويلة خارج الإطار القانوني للعمل، وفقًا لفيلم وثائقي، تم تصويره بشكل سري، على قناة ITV،
تحقيق آخر في مجلة “ذا صن” The Sun البريطانية كشف عن أن 100 ألف عامل اختفوا أثناء العمل في مشروع نيوم السعودي والذي يروّج له عبر صور سينمائية لمّاعة، ويفيد التحقيق أن هؤلاء العمّال إما تم ترحيلهم دون الوثائق المناسبة، أو تُرِكوا دون دعم، أو في أسوأ الحالات، ماتوا بسبب ظروف العمل السيئة ونقص الرعاية الطبية الكافية.
لكن المملكة خفضت في الفترة الأخيرة من مشروع مدينة نيوم (الخط)، الذي كان من المفترض أن يمتد على مسافة 170 كيلومتر بعرض بضعة مئات من الأمتار، وأن يأوي 1.5 مليون نسمة، لكنه سيمتد حالياً على مسافة 2.5 كيلو متر فقط وسيضم 300 ألف نسمة. واعتبر وزير المالية أن سبب التعديلات هو الأوضاع الجيوسياسية وإمكانيات الدولة.
وفي هذا الشريط الوثائقي السري يقول أحد العمّال إنه يعمل بانتظام مدة 16 ساعة متواصلة خلال 14 يوماً لبناء “ذا لاين”، المدينة الضخمة التي يتم بناؤها في شمال غرب المملكة العربية السعودية.
وهذا يتنافى تماماً مع ما ينص عليه القانون السعودي الذي يحدد ساعات العمل ب 60 ساعة كحد أقصى في الأسبوع، بما في ذلك العمل الإضافي، تذكر الصحيفة.
بالإضافة إلى فترات العمل الطويلة، يقول أحد العمال إنه يتعين عليهم ركوب حافلة غير مدفوعة الأجر لمدة ثلاث ساعات للوصول إلى الموقع الصحراوي والعودة، مما يترك لهم حوالي أربع ساعات للنوم.
وفي شهادة أخرى في هذا الفيلم الوثائقي يقول أحدهم “نحن نعمل كثيراً ولدينا القليل من الوقت للراحة. ينتابنا التعب ونعاني من القلق ليل نهار”، مضيفا “السعودية لا تهتم كثيراً بالمواطنين من الدول الأخرى. نحن نعامل مثل المتسولين”.
ويقول عامل آخر، وهو يرفع أكوامًا من الصخور والأوساخ، إن العمّال “يعملون دون توقف”، مضيفاً “نحن لا نحصل على ما يكفي من الراحة”. “إن قلة النوم تسببت في العديد من الحوادث”.
اليوم، الحديث يدور عن تحرك جاد لإعادة إحياء قضايا الفساد ضد “نظمي النصر”، بعد أن أصبح عبئًا لا يمكن التستر عليه! هل يكون الضحية القادمة في لعبة المصالح؟.