السعودية تعلن عن عجز في الربع الأول بقيمة 15.65 مليار دولار

أعلنت وزارة المالية السعودية عن تسجيل عجز في الميزانية العامة للربع الأول من عام 2025 بلغ 58.69 مليار ريال سعودي (15.65 مليار دولار أمريكي)، مقارنة بعجز قدره 12.4 مليار ريال (3.3 مليار دولار) في نفس الفترة من العام السابق.
وفقًا للبيانات الرسمية، بلغ إجمالي الإيرادات في الربع الأول من عام 2025 حوالي 293.4 مليار ريال، بزيادة بنسبة 4% عن نفس الفترة من العام 2024. من جهة أخرى، ارتفع إجمالي الإنفاق الحكومي إلى 305.8 مليار ريال، مسجلًا زيادة بنسبة 8% مقارنة بالربع الأول من العام السابق.
وتعود هذه الزيادة في العجز إلى استمرار الحكومة في تبني سياسة الإنفاق التوسعي، حيث تم تخصيص جزء كبير من الميزانية لتنفيذ المشاريع التنموية والإستراتيجيات القطاعية، بالإضافة إلى دعم الخدمات العامة وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين والمقيمين.
وعلى الرغم من العجز المسجل، تشير وزارة المالية إلى أن هذه السياسة المالية تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتعزيز الاستقرار المالي على المدى المتوسط والطويل. كما أكدت الوزارة على استمرارها في تنفيذ برامج رؤية المملكة 2030، التي تركز على تنويع مصادر الدخل الوطني وتقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية.
ومن المتوقع أن تستمر الحكومة في تمويل العجز من خلال إصدارات الدين المحلي والدولي، مع الحفاظ على مستويات الدين العام ضمن حدود مستدامة.
وتشير التوقعات إلى أن نسبة العجز في الميزانية لعام 2025 ستبلغ حوالي 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بنسبة 2.9% في العام السابق.
وتشير عدة تقارير وتحليلات اقتصادية إلى تعثر ملحوظ في بعض المشاريع الكبرى المرتبطة برؤية السعودية 2030، التي أُطلقت بهدف تنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد على النفط، وتحويل المملكة إلى مركز استثماري وسياحي عالمي. ومع مرور نحو تسع سنوات على إطلاقها، تبدو التحديات أكبر من التوقعات، ما يثير تساؤلات حول وتيرة التنفيذ ومستقبل الرؤية.
من أبرز الأمثلة مشروع “نيوم”، المدينة المستقبلية التي وُعد بأن تكون رمزًا للابتكار والذكاء الصناعي، بتكلفة تتجاوز 500 مليار دولار. ورغم الضجيج الإعلامي، تُظهر التقارير أن البناء يسير بوتيرة أبطأ من المعلن، بينما تم تقليص عدد الوحدات السكنية التي يُفترض إنجازها بحلول 2030 من 1.5 مليون إلى أقل من 300 ألف وحدة فقط.
كذلك، واجهت مشاريع السياحة والترفيه مثل “القدية” و”البحر الأحمر” تأخيرات متكررة، فيما لم تحقق جهود جذب المستثمرين الأجانب النتائج المرجوة، في ظل مخاوف تتعلق بالشفافية والبيئة القانونية.
أما على صعيد البطالة، فبالرغم من تعهدات خلق ملايين الوظائف للمواطنين، لا يزال القطاع الخاص يعتمد بشكل كبير على العمالة الأجنبية، مع استمرار نسب بطالة الشباب في مستويات مرتفعة.
ويرى مراقبون أن غياب الشفافية، وتضخم التوقعات، والتحديات الجيوسياسية، إضافة إلى التباطؤ في تنفيذ إصلاحات مؤسسية حقيقية، كلها عوامل تعرقل مسار الرؤية. وبينما تُصر الحكومة على أن الرؤية “تتطور باستمرار”، يشكك البعض في إمكانية تحقيق أهدافها في الإطار الزمني المحدد دون مراجعة جادة للمسار وآليات التنفيذ.