أخبار

السعودية تُعدم الصحفي تركي الجاسر: اغتيال الكلمة باسم “الأمن”

في خطوة أثارت صدمة واسعة في الأوساط الحقوقية والصحفية حول العالم، أعلنت وزارة الداخلية السعودية، يوم السبت 14 يونيو/حزيران 2025، تنفيذ حكم الإعدام بحق الصحفي السعودي البارز تركي الجاسر، بعد اعتقال دام أكثر من سبع سنوات، وُجهت له خلالها تهم “الخيانة” و”التخابر مع جهات أجنبية” و”تمويل الإرهاب”.

هذا الإعدام، الذي يأتي في خضم انشغال العالم بالحرب الإسرائيلية على إيران والإبادة المتواصلة في قطاع غزة، أعاد إلى الواجهة ملف القمع الممنهج الذي تمارسه السلطات السعودية بحق أصحاب الرأي، وخاصة الصحفيين.

تركي الجاسر: الصوت الحر الذي أرعب السلطة

تركي الجاسر، الذي عمل في صحيفة “التقرير” السعودية قبل إغلاقها، وساهم في مدونته الخاصة بكتابة مقالات ناقدة تناولت قضايا شائكة مثل الفساد، وحقوق المرأة، والربيع العربي، لم يكن مجرد صحفي عادي، بل كان شاهداً صريحاً على تناقضات النظام وممارساته القمعية.

وبحسب لجنة حماية الصحفيين (CPJ)، فإن اعتقاله عام 2018 جاء بعد اتهامه بإدارة حساب مجهول على تويتر آنذاك، عُرف باسم “كشكول”، كان ينشر معلومات عن قضايا فساد في العائلة المالكة.

وبينما لم تُعلن السلطات مسبقاً عن صدور أي حكم قضائي بالإعدام، جاء بيان الداخلية كإعلان مفاجئ بتنفيذ عقوبة الموت، متجاهلاً أبسط معايير العدالة والشفافية. لم تذكر المحكمة التي أصدرت الحكم، ولا تاريخ الجلسة، ولا محامي الدفاع، ولا طبيعة الأدلة. كل ما ورد هو سرد للاتهامات التي لطالما وُظفت لتصفية النشطاء والمعارضين.

السجل الدموي يتسع… وصمت العالم مستمر

يأتي إعدام تركي الجاسر ضمن موجة متصاعدة من أحكام الإعدام في السعودية. ففي عام 2024، أعدمت المملكة 330 شخصاً، بزيادة كبيرة عن العام السابق، بينما تجاوز عدد الإعدامات منذ بداية عام 2025 المئة.

ورغم المناشدات المتكررة من الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، تواصل الرياض تنفيذ هذه العقوبات في غياب الشفافية والضمانات القانونية.

منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش طالبتا مراراً بوقف أحكام الإعدام، لا سيما في القضايا السياسية والمرتبطة بحرية التعبير. لكن النظام، وعلى رأسه ولي العهد محمد بن سلمان، يزداد تعنتاً، في ظل صمت دولي تواطئي، وتطبيع سياسي غربي مع الانتهاكات.

رسالة الجاسر الأخيرة: لا تنسوا الصحفيين خلف القضبان

يرحل تركي الجاسر، لكن قصته لن تُنسى. إعدامه هو جريمة مكتملة الأركان، تنضم إلى سجل طويل من الانتهاكات التي تُمارس باسم القانون ضد حرية التعبير في المملكة.

واليوم، تُسلّط هذه الجريمة الضوء مجدداً على عشرات الصحفيين والمغردين والكتاب الذين يقبعون خلف القضبان، في ظروف مجهولة، وفي مواجهة مصير قد لا يكون مختلفاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى