
أصدر حزب التجمع الوطني السعودي المعارض بيانًا شديد اللهجة تعليقًا على زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى العاصمة الرياض، مؤكدًا أن الزيارة مجرد استعراض سلطوي ولا تمثل أي مكسب حقيقي للشعب السعودي، بل تعكس انغماس السلطة في تحالفات استبدادية ومعادية لحقوق الإنسان.
ووصف الحزب الزيارة بأنها تأتي في وقت مظلم تعيشه المملكة سياسيًا وحقوقيًا، في ظل القمع المتزايد، وتفشي الاعتقالات التعسفية، والتضييق على الحريات العامة، والانهيار الكامل لأي مساحة سياسية داخلية.
واعتبر الحزب أن استقبال ولي العهد محمد بن سلمان لترامب لا يعكس موقفًا سياديًا مستقلًا، وإنما هو جزء من حملة دعاية سياسية تهدف إلى تحسين صورة محمد بن سلمان داخليًا ودوليًا، في الوقت الذي تتفاقم فيه أزمات البلاد من البطالة وتآكل الدخل وصولاً إلى سياسة الجباية المكثفة التي تطال المواطن العادي.
تحالف رمزي بين نموذجين من الشعبوية الاستبدادية
هاجم الحزب استقبال النظام السعودي لشخصية مثل دونالد ترامب، المعروف عالميًا بخطاباته الشعبوية وتحريضه ضد الأقليات وتأييده العلني للأنظمة الاستبدادية، مؤكدًا أن سجل ترامب لا يختلف كثيرًا عن سجل الأنظمة القمعية التي تتجاهل القوانين وتحكم خارج إرادة شعوبها.
وقال البيان إن “ترامب لم يكن يومًا حليفًا للشعوب أو المدافعين عن العدالة، بل كان داعمًا صريحًا للطغاة، ومبررًا لقمع المعارضين، ومتواطئًا مع الأنظمة المستبدة ما دامت تضمن المصالح الأميركية الاقتصادية والعسكرية”.
وشدد “التجمع الوطني” على أن العلاقات التي تُبنى على المصالح الشخصية بين النخب، دون مشاركة الشعوب أو احترام خياراتها، لا يمكن اعتبارها علاقات شرعية أو مستقرة، بل هي تحالفات هشة مآلها السقوط، لأنها تخلو من أي مضمون ديمقراطي أو شراكة حقيقية.
زيارة دعائية وإعلامية لا تعود بالنفع على السعوديين
أشار البيان إلى أن الإعلام الرسمي السعودي تعامل مع زيارة ترامب كحدث استثنائي، وروّج لها كدليل على نجاح الدبلوماسية السعودية وعلاقاتها الدولية.
غير أن الحزب يرى أن هذا الترويج لا يخدع أحدًا، مؤكدًا أن الزيارة لا تعدو كونها صفقة دعائية بين رجلين يمثلان ذروة الانحدار الأخلاقي في الحكم والسياسة.
وقال الحزب إن “المكاسب” السياسية التي يتم الترويج لها ليست سوى أوهام تخفي وراءها صفقات مالية وسياسية مشبوهة، تُعقد باسم الدولة بينما المستفيد الحقيقي منها هم الأفراد المسيطرون على السلطة، وحاشيتهم من رجال الأعمال والمستشارين، بالإضافة إلى ترامب نفسه، الذي يُعرف باستخدام زياراته ومكانته السياسية السابقة لبناء نفوذ شخصي وتحصيل الدعم المالي والسياسي لمشاريعه الخاصة.
رفض قاطع لأي مسار تطبيعي
أكد الحزب مجددًا رفضه لأي محاولة لاستغلال هذه الزيارة لتمهيد الطريق نحو تطبيع علني مع الاحتلال الإسرائيلي. وذكّر البيان بمواقف الحزب الراسخة في مناهضة التطبيع، مشيرًا إلى أن التعاون مع الاحتلال الصهيوني — سواء أكان سريًا أو معلنًا — لا يمثل الشعب السعودي، بل يناقض وجدان الأمة وتاريخها وموقفها الداعم للحق الفلسطيني.
وأضاف أن سياسة محمد بن سلمان في فتح قنوات غير معلنة مع إسرائيل، وتحويل المملكة إلى بوابة تطبيع إقليمي، تخالف تطلعات الشعب السعودي الذي يرى في القضية الفلسطينية قضية مركزية، وفي الاحتلال مصدرًا للعدوان واللااستقرار في المنطقة.
وفي ختام بيانه، شدد حزب “التجمع الوطني” على أن المملكة لا تحتاج إلى زيارات استعراضية من زعماء سابقين مثقلين بالفضائح السياسية والاقتصادية، بل تحتاج إلى إصلاح سياسي حقيقي يعيد للشعب كرامته، ويطلق سراح المعتقلين السياسيين، ويوقف حملات القمع والتضييق.
وأكد الحزب أن الخلاص لن يأتي من الخارج، بل من الداخل، من خلال حوار وطني جاد، وانتقال سلمي للسلطة، وتأسيس نظام سياسي يقوم على المساءلة، والفصل بين السلطات، والعدالة الاجتماعية.