معتقلي الرأي

محمد بن سلمان يعزز قبضته على الحكم

لم تتوقف منظمات حقوقية عالمية عن إصدار تقارير وبيانات حول الانتهاكات التي تمارس من قبل سلطات آل سعود في داخل سجون المملكة.
جميع هذه التقارير تتفق على أن انتهاكات بشعة تمارس بحق سجناء غالبيتهم حكم عليهم بدوافع سياسية، وتطالب هذه المنظمات بالإفراج عنهم، لكن بعضهم تم إعدامهم.
آخر هذه التقارير صدر الجمعة (13 سبتمبر الجاري)، ذكر أن الرياض أعدمت 130 شخصاً منذ بداية عام 2019، أغلبهم من معارضي ولي العهد محمد بن سلمان، وبينهم ستة كانوا أطفالاً وقت اعتقالهم.
وقالت منظمة “مشروع مناهضة عقوبة الإعدام”، في تقريرها الذي عرض بالتزامن مع بدء أعمال مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، إن ما لا يقل عن 24 معتقلاً آخرين معرضون لخطر الإعدام الوشيك، ثلاثة منهم أطفال.
وأوضح التقرير أن أغلب من نفذت فيهم أحكام الإعدام كانوا من معارضي بن سلمان، ومن منتقدي سياساته، أو من المدافعين عن حقوق الإنسان في المملكة.
وتنتشر عشرات السجون على خريطة المملكة تشمل مختلف مناطق في البلاد, يفوق عدد السجون الكبرى منها الـ15 سجناً.
بعض هذه السجون اكتسبت شهرة عريضة لكونها تضم سجناء الرأي، وأودع فيها، منذ سبتمبر 2017، عدد كبير من مشاهير الدعاة، وعلماء الدين، والصحفيين والكتاب، ورجال أعمال، وناشطات.
وكثيراً ما تتحدث وسائل إعلامية عالمية عن الانتهاكات التي تمارسها سلطات آل سعود بحق مواطنين، وتزج بهم في السجون بسبب معارضتهم نظام الحكم، أو لمجرد إبداء الرأي.
وبلغ الأمر بتلك الانتهاكات أن تتسبب بتوتر العلاقات بين المملكة وحكومات غربية، لكن على الرغم من كل هذا لا تتوقف السلطات في المملكة عن شن عمليات اعتقال، في حين تستمر عقوبات الإعدام تنفذ بحق متهمين.
في هذا الشأن ذكر حساب “مجتهد” على منصة “تويتر”، المعروف بنشره أخباراً مسربة من داخل مراكز القرار، وأسرار العائلة السعودية الحاكمة، الجمعة (13 سبتمبر 2019)، أن السلطات تعكف على بناء خمسة سجون جديدة.
وأشار الحساب إلى أن هذه السجون تتبع لأمن الدولة، وتتوزع على عدد من مدن البلاد، لافتاً النظر إلى أن ثلاثة منها طاقة استيعاب كل واحد تساوي طاقة استيعاب سجن ذهبان، البالغة 7500 سجين.
في حين يبلغ استيعاب سجن رابع 25 ألف سجين، وهو مخصص للأجانب، في حين لم يذكر أي تفاصيل فيما يتعلق بالسجن الخامس.
وحول السجون أيضاً كان حساب “العهد الجديد” الناشط على منصة “تويتر”، وأثبت من خلال تسريبات عديدة نشرها سابقاً اطلاعه على أسرار حكومة آل سعود، قد ذكر في 10 سبتمبر الجاري، أن قصر السلام الملكي في جدة سيتحول إلى سجن سري.
سيصبح في قصر السلام سجن سري، حيث يتم الآن بناء عشرة أدوار تحت القصر، ستكون بعضها زنازين فردية وسجون سرية معتمة، بغية أن يشهد هذا السجن أحداثاً شبيهة بأحداث الريتز، وينوي ابن سلمان أن يشرف بنفسه (يتلذذ) على عمليات التحقيق والتعذيب.
وقال الحساب: “يتم الآن بناء عشرة أدوار تحت القصر، سيكون بعضها زنازين فردية وسجوناً سرية معتمة، بغية أن يشهد هذا السجن أحداثاً شبيهة بأحداث الريتز، وينوي بن سلمان أن يشرف بنفسه (يتلذذ) على عمليات التحقيق والتعذيب”، بحسب قوله.
وكانت سلطات آل سعود حولت فندق “ريتز-كارلتون” في الرياض إلى سجن بعد إخلائه من نزلائه، في نوفمبر 2017، وزجت فيه بأمراء ووزراء وأثرياء، في حملة اعتقالات واسعة لم تشهد لها السعودية مثيلاً في السابق.
إعلام آل سعود والمؤسسات الحكومية تسعى جاهدة لنشر صورة إيجابية مشرقة عن السجون، لتَظهر كأنها فنادق 5 نجوم، حيث تتحدث عن نشاطات تثقيفية وتعليمية وبرامج تأهيلية واهتمام بصحة ووعي السجين، لتأتي الحقائق عكس ما تشتهي السلطات.
هيئة حقوق الإنسان بالمملكة، بعد زيارات نفذتها خلال عامي 2017 و2016، للسجون العامة وسجون المباحث ودور التوقيف والملاحظة ومؤسسات رعاية الفتيات، سعت لعلاج العديد من الأوضاع السيئة التي رصدتها.
وبحسب ما نشرته صحيفة “مكة” السعودية، (1 مايو 2018)، فإن الهيئة الحقوقية رصدت اكتظاظ عدد من السجون ودور التوقيف بالنزلاء بما يتجاوز طاقتها الاستيعابية.
ولاحظت الهيئة أيضاً نقص عدد العاملين، ما يترتب عليه ضعف الرقابة أو متابعة القضايا، وعدم ملاءمة بعض السجون لظروف الأشخاص ذوي الإعاقة، وتجاوز المدد النظامية للتحقيق.
بالإضافة إلى هذا عدم تمكين النزلاء في بعض السجون من التواصل مع محاميهم لمعرفة آخر مستجدات قضاياهم، وسوء مستوى النظافة والتهوية والصيانة الدورية، وعدم كفاية خدمات الرعاية الصحية.
وما يؤكد وجود عدد كبير من السجناء ما أقره النائب العام السعودي، سعود المعجب، من تدابير لتقليص أعداد السجناء في المملكة، وذلك بحسب ما نشرته صحيفة “عكاظ” السعودية، في 26 يناير 2018.
ومنذ توليه منصب ولاية العهد، في يونيو 2017، يقف محمد بن سلمان وراء حملات الاعتقال التي طالت أعداداً كبيرة من الأبرياء، ومن أبرزهم معتقلو الرأي، بحسب ما أكدت مصادر حقوقية سعودية في أكثر من مناسبة.
وكانت مصادر حقوقية كشفت في سبتمبر 2018، أن عدد معتقلي الرأي بالمملكة ناهز ثلاثة آلاف معتقل، منذ سبتمبر 2017، من تخصّصات شرعية وقانونية وقضاة وإعلاميين وغيرهم.
وأكدت المصادر أن “السلطات اعتقلت عدداً غير معلوم من النساء، بعضهن يحتجزن مع أطفالهن في سجون لا تحترم أبسط مقومات حقوق الإنسان”.
وشددت المصادر، التي طلبت عدم ذكر أسمائها، على أن المعلومات التي تصل إليهم بخصوص أحوال المعتقلين داخل السجون “لا تزيد على عُشر عدد المعتقلين الحقيقي”.
وينتهك الإهمال الصحي لمعتقلي الرأي في المملكة نظام الإجراءات الجزائية، وجميع المواثيق الحقوقية الدولية التي تكفل حقوق المعتقل وتضمن له رعاية صحية تامة.
ويرى مراقبون أن تحرّكات بن سلمان هذه هدفت إلى القضاء على النشاط الدعوي والحقوقي في البلاد؛ بهدف تعزيز قبضته الأمنية، لتيسير تسويق رؤيته الجديدة القائمة على الانفتاح المفرط والمخالف لعادات المجتمع المحافظ وثقافته.
وتعزّز المحاكمات السريّة التي أجرتها سلطات آل سعود لعدد من المعتقلين، على غرار الشيخ سلمان العودة الذي طالبت النيابة العامة بقتله “تعزيراً”، الشكوك حول نيّة بن سلمان إعدام عدد من المعتقلين؛ تمهيداً لتنصيب نفسه حاكماً جديداً للبلاد.
ويشار إلى أن المملكة تحتل المرتبة الثالثة عالمياً من حيث تنفيذ عقوبة الإعدام، بعد كلٍّ من الصين وإيران، بحسب ما كشف تقرير لمنظمة العفو الدولية “أمنستي”، في 10 أبريل الماضي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى