فضائح السعودية

عمال المنازل في السعودية يشتكون الظلم والإساءة والعنف بأنواعه

كشف بحث حقوقي جديد النقاب عن أن عمال المنازل والفلل في المملكة لا يزالون الأقل حماية والأكثر ضعفا.

وأوصى البحث الحقوقي سلطات آل سعود بضرورة الاهتمام بإصلاحات حماية عمال المنازل بمَن فيهم السائقين الخاصّين.

وأعلنت سلطات آل سعود عن إصلاحات في أكتوبر/تشرين الأول 2020 في نظام الكفالة الذي يربط الوضع القانوني لملايين العمّال الوافدين.

نظام الكفالة

والنظام هناك مرتبط بكفلاء مستقلّين، ما يسهّل الانتهاكات والاستغلال، بما في ذلك العمل القسري.

ومن المرتقب أن تنطلق الإصلاحات المتعلّقة بالحالات التي يمكن فيها لعامل أن يغيّر صاحب عمله أو يغادر البلاد في مارس/آذار 2021.

ورغم عدم الإعلان عن التفاصيل بعد. لكن الإصلاحات لا تنطبق على 3.7 مليون عامل منزلي يستثنيهم قانون العمل.

وأفادت “بلومبرغ” بأنّ مسؤولا سعوديا ذكر أنّهم يسعون إلى مراجعة لوائح العمالة المنزلية.

انتهاكات حقوقية

وقال آدم كوغل، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “هيومن رايتس ووتش”: “لدى السعودية أحد أكثر النماذج إساءة من نظام الكفالة”.

وأضاف كوغل: “بينما قد تشكّل الإصلاحات المعلنة خطوة في الاتجاه الصحيح، إلا أنها لا تفكّك بأي شكل نظام الكفالة بالكامل”.

وأشار إلى أن الأهمّ من ذلك هو أنّ ملايين العمّال المنزليين محرومون من الإصلاحات المقترحة، ما يتركهم تحت رحمة أصحاب العمل أثناء عملهم في الخفاء في منازل خاصّة”.

وبموجب نظام الكفالة في السعودية، يحتاج العمّال الوافدون إلى صاحب عمل يكفل دخولهم إلى البلاد وخروجهم منها.

وبالإضافة إلى ذلك يحتاجون إذنه لتغيير الوظيفة ومغادرة البلاد.

تقييد الحركة

السعودية هي الدولة الخليجية الوحيدة التي لا تزال تطلب من جميع العمّال الوافدين الحصول على تصريح خروج لمغادرة البلاد.

وفي حال غادر هؤلاء العمال عملهم الحالي، يمكن الإبلاغ عنهم بتهمة “الهروب”، واعتقالهم، وترحيلهم.

استنادا إلى تصريحات سلطات آل سعود ستخفّف الإصلاحات من القيود للسماح للعمّال بتغيير وظائفهم بعد إتمام عقودهم أو بعد عام على إعطاء مهلة إشعار.

وتخوّلهم طلب تصريح خروج من الحكومة من دون إذن صاحب العمل.

لكنّ هذه تغييرات صغيرة لعنصرَيْن من أكثر العناصر إساءة في نظام الكفالة.

بما أنّ التفاصيل الكاملة لم تُعلَن بعد، يصعب تقييم ما إذا كانت ستُعتبر إصلاحات.

شكاوى متعددة

في نوفمبر/تشرين الثاني، قابلت “هيومن رايتس ووتش” سبعة عمّال منزليين وافدين من الهند وباكستان يعملون كسائقين لأصحاب عمل من القطاع الخاص في السعودية.

بحسب صحيفة “الاقتصادية” اليومية، يشكّل السائقون في السعودية 55% من عمّال المنازل.

قال العمّال السبعة إنّ أصحاب عملهم تأخّروا عن دفع رواتبهم، أو حسموا منها، أو لم يدفعوها البتّة لمدة تصل إلى ستة أشهر على التوالي.

وألقى ذلك أثّر على قدرتهم على سداد قروض أخذوها لدفع رسوم التوظيف.

وأضافوا أنّ أصحاب العمل أرغموهم على العمل لساعات طويلة ووجّهوا إليهم إهانات لفظية.

وقالوا إنّ أصحاب العمل أجبروهم على العمل حتى 18 ساعة في اليوم، من دون أيّ يوم عطلة.

وشكل الانتهاك بذلك لائحة العمالة المنزلية السعودية التي تتطلّب منح العامل تسع ساعات من الراحة المتواصلة في اليوم ويوم عطلة في الأسبوع.

انتهاكات

لا تُحدّد اللائحة، على عكس قانون العمل، يوم العمل بثماني ساعات أو تتطلّب دفع تعويض عن ساعات العمل الإضافية.

قال سائق هندي يعمل لحساب أسرة سعودية منذ يناير/كانون الثاني 2019 إنّ أصحاب العمل يتوقّعون منه العمل بشكل متواصل.

من الساعة السابعة صباحا حتى ساعات متقدّمة بعد منتصف الليل، ويخشى أن يتسبّب له الإرهاق في العمل بحادث سير.

قال: “عندما لا يعودون بحاجة إليّ لتيسير أمورهم الخاصّة، يرسلونني إلى منزل شقيقة صاحبة المنزل لتدبير أعمالها”.

وتابع: يتصرّفون وكأنّهم يمتلكونني، لذا عليهم الاستفادة منّي في كلّ لحظة.

وزاد: “في أغلب الأيام، لا يكون لدي وقت لتناول وجبة غداء مناسبة”.

كما قال سائق هندي آخر في الرياض إنه منذ سبتمبر/أيلول 2019، يعمل حتى 16 ساعة يوميا من دون يوم راحة.

قال جميع السائقين إنّ رواتبهم تأخّرت، أو لم تُدفع، أو حُسمت منها مبالغ غير متوقّعة.

روايات مؤلمة

روى سائق باكستاني في الرياض أنّه وصل إلى السعودية في يناير، وأنّه تعرّض، في يوليو/تموز، لحادث سير خلُصت الشرطة إلى أنّه لم يكُن مذنبا فيه.

لكنّ صاحب العمل احتفظ براتبه الشهري الذي يساوي 1,200 ريال سعودي (319 دولار أمريكي) منذ ذلك الحين لمعاقبته.

قال: “بما أنّ صاحب العمل غاضب بسبب الحادث، تتضوّر عائلتي في بلادي جوعا، وكذلك الأمر بالنسبة إليّ إذ ليس لديّ المال لتناول وجبة ملائمة”.

قال سائق هندي إنّ صاحب العمل يدفع له فقط 50% من المبلغ المذكور في عقده.

في 2017، طلبت سلطات آل سعود من أصحاب العمل تسجيل العمّال المنزليين للحصول على بطاقات الراتب للعمالة المنزلية، التي تعمل كبطاقات ائتمان لسحب رواتبهم والحرص على توثيقها إلكترونيا.

لكن، لم يتمّ تسجيل أيّ من السائقين الذين جرت مقابلتهم للحصول على هذه البطاقات.

نتيجة ممارسات التوظيف الاستغلالية، غالبا ما يكون العمّال الوافدون مديونين أصلا لدى وصولهم إلى المملكة.

منع الحقوق

وتعرقل التأخيرات في الدفع أو الحسومات على رواتبهم تسديدهم لقروضهم.

دفع السائقون بين 626 و1,355 دولار لتأشيرات العمل وبطاقات السفر إلى السعودية، ما جعلهم مديونين.

بموجب نظام العمل السعودي، من غير القانوني تقاضي رسوم توظيف من العمّال الوافدين، لكنّ هذه الرسوم ليست ممنوعة صراحة للعمّال المنزليين الوافدين.

أخذ بعض الرجال قروضا خاصة مع فوائد لتسديد رسوم تأشيراتهم لوكلاء التوظيف بينما استعمل آخرون مدّخراتهم.

في 2017، قالت السلطات السعودية إن العمّال المنزليين يستطيعون تغيير صاحب العمل في بعض الظروف.

بما في ذلك إذا لم يتقاضوا رابتهم لثلاثة أشهر أو إذا تقاعس صاحب العمل عن تجديد تصاريحهم.

لكن أفادت “مايغرنت رايتس” (Migrant-Rights.org) أنّ ذلك نادرا ما يُطبّق بسبب العيوب في نظام الشكاوى وآليات العدالة.

تقصير حكومي

قال خمسة من أصل سبعة عمّال إنّهم اشتكوا لمكاتب العمل الحكومية حول الانتهاكات المتعلّقة بالرواتب، والإرهاق، والإساءة النفسية، لكنّهم لم يحصلوا على أيّ مساعدة.

قال السائق الذي تعرّض للحادث: “لا جدوى من الذهاب إلى مكتب العمل. الرجال هناك أكثر فظاظة وأقلّ تعاونا من صاحب العمل”.

في 2013، أنشأت وزارة العمل، التي أصبحت الآن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، خطّ مساعدة يمكن أن يتّصل به العمّال لتسجيل شكاواهم بلغات متعدّدة.

قال شخصان عملا في خطّ المساعدة بين 2013 و2018 لـ هيومن رايتس ووتش إنّ أغلبية الاتصالات التي تلقّياها كانت من عمّال منزليين.

أضافا أنّ الأسباب الأكثر شيوعا وراء اتصال العمّال المنزليين هي طلب المساعدة في تحصيل رواتبهم المتأخّرة، أو المنخفضة، أو غير المدفوعة.

أمّا أبرز الشكاوى بين العاملات المنزليات، فكانت متعلّقة بالانتهاكات اللفظية والجسدية والجنسية.

وسبق أن وثّقت “هيومن رايتس ووتش” مجموعة من الانتهاكات بحقّ العاملات المنزليات الوافدات.

وشملت الانتهاكات عدم دفع رواتبهنّ، وتحديد إقامتهنّ قسرا، وحرمانهنّ من الطعام، وتعريضهنّ للعمل المفرط وللإساءة النفسية والجسدية والجنسية.

وصلت بعض هذه الحالات إلى حدّ العمل القسري أو الاتجار.

قال أحد العمّال السابقين في خطّ المساعدة: “لم يتقاضَ بعض العمّال المنزليين أجورهم منذ خمسة وأحيانا ستّة أعوام، ولم يعرفوا ماذا عساهم يفعلون.

كان بعض العمّال يخاطرون بحياتهم عبر استعمال هواتف أصحاب العمل سرّا للاتصال بنا لأنّه لم يكُن لديهم أيّ تواصل آخر مع العالم الخارجي.

استغرق إقناع العمّال بألّا يخافوا من البوح بالحقيقة وقتا طويلا، إذ يعيشون حالة خوف دائمة.

تجاهل الشكاوي

بعد إطلاع على شكاواهم، غالبا ما كانوا يتردّدون ويطلبون منّي حذف كلّ أقوالهم من شدّة خوفهم من التقدّم بشكوى رسمية”.

عندما يدخل عمّال خطّ المساعدة شكاوى العمّال الوافدين في نظامهم، بحسب إلحاحها، تُرسل إلى الشرطة المحلية أو وزارة العمل.

قال عامل خطّ المساعدة السابق: “بعد ذلك، عندما يعيد العامل الاتصال للاشتكاء من عدم حلّ مشكلته، لا يسعنا سوى إعطائه رقم تعقّب طلبه”.

لم تكُن صلاحياتنا تتخطّى ذلك”.

قال كوغل: “ينبغي أن تفكّك السعودية كليا نظام الكفالة لجميع العمّال الوافدين”.

وأضاف يجب أن يتغير كي لا يضطر أيّ عامل إلى الاعتماد على صاحب عمل واحد للدخول إلى البلاد، أو الإقامة فيها، أو مغادرتها.

وطالب سلطات آل سعود أيضا أن توسّع تدابير حماية قانون العمل وتطبّقها بالتساوي على ملايين العمّال الوافدين الذين يطهون، وينظّفون، ويقودون السيارات لعائلات في السعودية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى