معتقلي الرأي

عصام الزامل.. حذر من الفساد فعوقب بالسجن

تواصل سلطات آل سعود اعتقال الاقتصادي الشهير في المملكة عصام الزامل” منذ سبتمبر / أيلول 2017، عقب انتقاده خطط محمد بن سلمان في طرح خمسة في المئة من أسهم شركة أرامكو الحكومية للاكتتاب العام ضمن برنامج ولي العهد للإصلاح الاقتصادي.
لم يكتف أل سعود بفعلتهم بالزامل فقط لأنه حاول التحذير من الفساد في المملكة, فوصل بهم الحد إلى تهديده بعقوبة الإعدام.
ويعد الزامل أحد خبراء الاقتصاد الشباب في المملكة وعادًة ما كانت لآرائه الاقتصادية صدى واسع، خاصًة بين الشباب، إذ يتابعه أكثر من 900 ألف شخص على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، بينما زار أكثر من 3 مليون شخص مدونته الشخصية التي رشحت لجائزة منتدى الإعلام العالمي لأفضل مدونة عن الاقتصاد، وهو ما يبرز أن الرجل له تأثير وحضور إعلامي واسع على الفضاء الإلكتروني،
وكان أحد الشخصيات الاقتصادية الحاضرة دائمًا ضيفًا بالبرامج الاقتصادية، وصنفته مجلة “فوربس” بأنه أحد أهم الشخصيات بالمملكة، لكن لم تشفع له تلك الشهرة ليكون ضمن ضحايا حملة الاعتقالات في المملكة.
ويصنف الزامل -الذي كان مبتعثًا للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكة من قبل شركة (أرامكو)-، نفسه بأنه مسلم، يكره الظلم، والاستبداد، والفساد.
إذ قال خلال حوار له نشر قبل أربعة سنوات “قد أكون بمنظور العلماني المتطرف إسلاميًا، وبمنظور الإسلامي المتشدد ليبراليًا”، وخلال هذه الفترة كان يُهاجم إعلاميًا ويوجه له تهم تلقي دعم قطري والانضمام للإخوان المسلمين، وهي التهم التي نفاها عن نفسه تمامًا، لكنه في الوقت ذاته يعتبر من مؤيدي الربيع العربي سواء في مصر أو تونس وليبيا، إذ سبق له رفع شعار “رابعة” تضامنًا مع ضحايا ميدان رابعة العدوية في مصر، كما شدد حينها أيضًا على عدم وجود أي علاقة له بالإخوان المسلمين، وأن القول بذلك هو كذب.
ووفقًا لمصادر اعلامية، فقد وجهت النيابة العامة في المملكة للزامل تهمًا منها الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين والتواصل مع قطر.
إن بين التهم “لقاء أجانب لهم صفة رسمية دبلوماسية وتزويدهم بمعلومات وتحليلات عن المملكة، وما تقوم به من إجراءات وقرارات وما يحدث فيها من حراك مجتمعي مع عدم إبلاغ الجهات الرسمية بذلك”.
إن “المحكمة الجزائية المتخصصة عقدت جلسة سرية ظهر الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري ووجهت له خلالها النيابة عدة تهم “جائرة بلغة فضفاضة وفق قانوني مكافحة الإرهاب ومكافحة جرائم المعلوماتية، مطالبة بما سمّته إنزال عقوبات مشددة ضده”.
وقبل نشر هذه التهم لم يكن معلومًا هل تلك التهم موجهه للزامل أم لا، قال يحيى العسيري، عضو جماعة القسط، إذ أكد أن هذه الاتهامات موجهه للاقتصادي عصام الزامل، لكن السؤال الآن ما الذي فعله الزامل ليواجه هذه الاتهامات.
من المعروف عن الزامل أنه يعتمد دائمًا في آرائه الاقتصادية على الأرقام الرسمية والتحليلات الواقعية إلى حدٍ كبير، بعيدًا عن الجمل الرنانة التي يستخدمها عادًة بعض الاقتصاديين، لكن لم تتفق آراؤه في عدة قضايا اقتصادية مع الموقف الرسمي، وربما كانت هذه الآراء هي السبب الرئيسي في اعتقاله وتعرضه لهذه التهم.
في 26 أغسطس (آب) 2016، توقع الزامل فشل طرح شركة أرامكو، وهو الطرح الذي كان يعد العمود الأساسي لرؤية 2030 التي يعمل عليها ولي العهد محمد بن سلمان، إذ يتركز برنامجه الطموح للإصلاح الاقتصادي على بيع ما يصل إلى 5%، ولكن توقع الزامل فشل هذه الخطوة وذلك من خلال تغريدة شهيرة له.
هكذا قال الرجل منذ أكثر من عامين وهو ما تحقق بالفعل مؤخرًا، اذ أن المملكة ألغت الطرح المحليّ والعالمي لشركة النفط الوطنية العملاقة “أرامكو”، الذي كان سيعد الأضخم من نوعه في التاريخ، وجرى تسريح المستشارين الماليين للإدراج، وهو ما نفاه وزير الطاقة السعودي، موضحًا أن “الحكومة لا تزال ملتزمة بالطرح الأولي العام لأرامكو”.
في التاسع من أغسطس (آب) 2017، تحدث الخبير الاقتصادي عصام الزامل عن تقرير هيئة الإحصاء حول سوق العمل للربع الأول لعام 2017، إذ كشف عن احتواء الإصدار على أرقام غير واقعية، وافتقاره لأرقام من المفترض أنها أساسية، إذ لم يشمل التقرير على عدد قوة العمل وعدد العاطلين، بحسب ما أكد الزامل.
التقرير تحدث عن تراجع لعدد العاطلين إلا أن الزامل علق تعليقًا ساخرًا على هذا التراجع قائلًا: “أنه لا يوجد إلا تفسير واحد لهذا الانخفاض وهو أن السعوديين توقفوا عن الإنجاب لمدة سنة كاملة قبل 20 سنة”.
الزامل بحساباته توقع خطأ أرقام هيئة الإحصاء وواصل نقده لها واعتبرها تضلل الناس وطالبها بتوضيح لهذه الأرقام أو تصحيح، قائلاً إن المعلومة الدقيقة هي أهم عنصر لبناء القرارات والخطط الاقتصادية الصحيحة، كما أنه لا مبرر لمحاولة الهيئة من تقليل نسب البطالة فارتفاع البطالة مع انخفاض أسعار النفط أمر طبيعي ولا داعي لإنكار الواقع، بحسبه، ولكن لم ترد الهيئة على هذا النقد.
في 27 سبتمبر (أيلول) 2016، عندما قرر مجلس الوزراء بالمملكة، بتعديل وإلغاء أو إيقاف بعض العلاوات والبدلات والمكافآت والمزايا المالية المخصصة لموظفي الدولة من مدنيين وعسكريين ومن في حكمهم من المؤسسات العامة والهيئات، وإدخال بعض التعديلات في الإجازات والمكافآت، انتقد الزامل هذه القرارات واعتبرها سلبيه على المستوى الاقتصادي، وبالفعل كانت كذلك لاحقًا.
وقال الزامل إن قرارات خفض البدلات سيؤثر بشكل سلبي وكبير على المستوى المعيشي لكثير من المواطنين، موضحًا أن الحقيقة المرة هي أن اقتصاد المملكة ضعيف وهش، وأنه خلال الأربعين سنة الماضية فشلت المملكة في بناء اقتصاد منتج قادر على الحافظ على مستوى معيشي مرتفع للمواطنين.
على الجانب الآخر، فإن آخر ما كتب الكاتب والصحفي، جمال خاشقجي على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” قبل اختفائه، كان تضامن مع الزامل الذي ذكر أنه لا يستحق هذه المعاملة، وأن الاتهامات الموجهة له غير مقنعة.
وسبق أن تم تسريب تعمد سلطات آل سعود تسجيل عدداً من الاعترافات التي انتُزعت تحت التعذيب، في وقت تشهد المملكة تشديداً أمنياً غير مسبوق أدى لاعتقال عشرات الناشطين والحقوقيين والدعاة من مختلف التوجهات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى