فضائح السعودية

كشف المستور من موقف ترامب إزاء مقتل خاشقجي

بعد مرور أكثر من عامين على مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، يوضح مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون في كتابه المثير للجدل “الغرفة التي وقع فيها الحدث”، مبررات موقف الرئيس دونالد ترامب الذي جاء مخالفا لتقديرات أجهزة الاستخبارات الأميركية.

ويسترجع كيف أنه -أي بولتون- وقف مواجهة الصحفيين داخل المركز الصحفي للبيت الأبيض يوم 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، ليرد على أسئلة ساخنة حول موقف واشنطن من مقتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية في 2 أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام.

وهاجم بولتون صحفيين سألوه وكرروا السؤال عن تسجيل عملية القتل، ولماذا لم يستمع إليه مستشار الأمن القومي الأميركي. وانفعل بولتون وقال “لماذا تفترضون استماعي لهذا التسجيل، لم أستمع إليه، ماذا سيضيف استماعي للتسجيل، أنا لا أفهم العربية، كم منكم هنا يعرف العربية!”.

وردّ صحفي بالقول “أنت مستشار الأمن القومي، وهذا يدخل في صميم اختصاصك”، وردّ بولتون “ما قاله الرئيس ترامب يعبّر بدقة عن الموقف الرسمي للولايات المتحدة. لقد قرأت نص التسجيل، وقد أخذنا في حساباتنا كل ما جاء فيه أثناء عملية القتل”، ورفض بولتون التفصيل عن كيفية الوصول لهذا لموقف الذي عبر عنه الرئيس دونالد ترامب.

وبحسب الكتاب وقبل ذلك بأيام في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، خرج الرئيس ترامب يقرأ بيانا مقتضبا حول موقف بلاده من عملية قتل خاشقجي، جاء فيه أن واشنطن تقف إلى جانب حكومة المملكة العربية السعودية على الرغم من قتل خاشقجي.

وقال ترامب “ربما لن نعرف على الإطلاق حقيقة ما حدث فيما يتعلق بخاشقجي، لكن علاقاتنا بالأساس مع الدولة السعودية ستبقى قوية.

وتناقض موقف ترامب مع تقديرات وتسريبات وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) التي أكدت مصادر منها لصحيفتي واشنطن بوست ونيويورك تايمز، مسؤولية مساعدي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن عملية القتل.

ويذكر بولتون أنه في 8 أكتوبر/تشرين الأول، أي بعد مقتل خاشقجي بـ6 أيام، سأل صهره وكبير مستشاريه جاريد كوشنر كيف يجب أن نرد على العاصفة المتزايدة حول مقتل خاشقجي.

وأجاب بولتون بالقول “كانت نصيحتي للسعوديين أن ينشروا الحقائق على الفور مهما كانت، والانتهاء من الموضوع، وهو ما وافق عليه كوشنر”.

وفي اليوم التالي وطبقا لبولتون، تحدث هو وكوشنر -ولاحقا مايك بومبيو وزير الخارجية- مع ولي العهد السعودي، حيث أكدوا على أهمية النظر بجدية شديدة لهذه القضية.

ويذكر بولتون أنه اقترح “إرسال السفير السعودي في واشنطن إلى الرياض للحصول على الحقائق، ثم العودة لتقديم إحاطة لنا”.

وقصد بولتون إرسال السفير خالد بن سلمان الأخ الأصغر لولي العهد السعودي، حيث افترض أنه يدرك جيدا أهمية القضية وتفاعلاتها السريعة داخل العاصمة واشنطن.

وأشار بولتون أنه على عكس العديد من القضايا الأخرى، كان ترامب قد قرر بالفعل كيف سيكون الرد الأميركي الرسمي على السعودية، حيث سيذكر في مقابلة مع برنامج 60 دقيقة أنه لن يُقدم على وقف بيع الأسلحة للسعودية.

ومع استشعار ترامب لحجم الاهتمام السياسي والإعلامي الأميركي بقضية مقتل خاشقجي، تحدث مع الملك سلمان بن عبد العزيز منتصف أكتوبر/تشرين الأول، وطلب منه استقبال وزير خارجيته بومبيو بعد أيام. ويعتقد أن رحلة بومبيو إلى الرياض وفرت لترامب “بعض الوقت، كما أتاحت للسعوديين فرصة أكبر لإخراج الحقائق. ونشر السعوديون روايتهم لما حدث وفصلوا عددا من كبار المسؤولين”.

ويشير بولتون إلى أن الرواية السعودية “لم ترضِ معظم المحللين، وأنها لن تتغير”. ويدافع بولتون عن موقفه بالقول إن مايك بومبيو -وليس هو- من أملى على ترامب البيان الرسمي بشأن عملية القتل، والذي يراه بولتون “نصا غير مكتمل ويتضمن مخاطرة لترامب بالإضرار بنفسه إذا تغيرت الحقائق في المستقبل”.

ويزعم بولتون أنه حاول إدخال بعض التغييرات على نص البيان الرسمي، لكن بومبيو لم يقبل ذلك، ورد بأن “الرئيس طلب البيان، وسأرسله”، وهو ما اعتبره بولتون “تنفيذا للأوامر”، و”يمكن تفهم ذلك أخذا في الاعتبار أن بومبيو رجل ذو خلفية عسكرية، إذ تخرج من أكاديمية ويست بوينت الشهيرة”.

وقبل إصدار ترامب البيان الرسمي لموقف بلاده من عملية قتل خاشقجي، تحدث الرئيس الأميركي مع ولي العهد السعودي ليخبره أن البيان في طريقه للصدور، قائلا له “لقد قمنا بعمل ضخم لمساندتك، سواء فعلتها أم لم تفعلها، نحن نقف مع السعودية”.

وأثناء نقاش ترامب مع كبار مساعديه حول طريقة إصدار البيان وإذا كان سيلقيه بنفسه أو يصدر من البيت الأبيض، فاجأ ترامب بولتون ومسؤولين آخرين بالاعتراف أن موقف بلاده من قتل خاشقجي “سيحوّل الانتباه بعيدا عن إيفانكا، إذا قرأت البيان” بحسب بولتون.

ويذكر بولتون أنه كان هناك اهتمام إعلامي واسع بأخبار تتعلق باستخدام إيفانكا -ابنة ترامب ومستشارته السياسية- بريدها الإلكتروني الخاص في مراسلاتها الحكومية الرسمية.

وقام البيت الأبيض بالدفاع عنها بالقول “إن استخدامها للبريد الإلكتروني مختلف تماما عن استخدام وزيرة الخارجية السابقة منافسة ترامب في الانتخابات الرئاسية عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، المكثف لبريدها الإلكتروني في الأعمال الحكومية”.

ويصف بولتون غضب ترامب من استخدام ابنته بريدها الخاص، وقال غاضبا “لماذا لم تغير هاتفها، كل هذه الفوضى بسبب ذلك الهاتف”.

وطبقا لبولتون، طلب ترامب من بومبيو أن يستطلع رأي بن سلمان فيما قرره، ويضيف بولتون “ثم قررنا إصدار بيان، وأن يجيب بومبيو عن أي أسئلة تتعلق بالموقف الأميركي، لكن ترامب شارك بومبيو في الإجابة عن الأسئلة، وهو أمر يريده ترامب في كل الأحوال”.

ودافع بولتون عن موقف ترامب من عملية قتل جمال خاشقجي، قائلا “من الناحية الجيوستراتيجية الخالصة، كان موقف ترامب هو الموقف المعقول الوحيد،… لقد كانت لدينا مصالح وطنية أميركية كبيرة على المحك”.

وعبّر بولتون عن خشيته من أن يؤدي وقف بيع السلاح للسعودية إلى توجه الأخيرة لروسيا، خاصة أن الرئيس الروسي قد ذكر في وقت سابق وبكل صراحة خلال اجتماعهما بموسكو، أن “روسيا يمكنها بيع الأسلحة للسعوديين” حال توقف واشنطن عن ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى