فضائح السعودية

منظمة العفو الدولية تحقق في وقائع جريمة قتل خاشقجي

أنتجت منظمة العفو الدولية برنامجا إذاعيا سيتم بثه على مدار ثلاث حلقات متتالية يحقق في وقائع جريمة قتل الصحفي البارز جمال خاشقجي مطلع تشرين أول/أكتوبر 2018.

وتناولت الحلقة الأولى من برنامج (بودكاست) قصة حياة جمال خاشقجي ثم في الحلقة الثانية تفاصيل جريمة قتل الصحفي البارز وتضمن عرضا لأدلة تورط نظام آل سعود بشكل مباشر بالجريمة.

وكان خاشقجي دخل إلى مقر قنصلية المملكة في تركيا لينجز بعض المعاملات الورقية، ولم يخرج. منذ ذلك الحين، سربت عدة سيناريوات بشأن مصيره ومكان وجوده.

بعد مرور ثلاثة أسابيع على اختفاءه، كشفت النيابة العامة في نظام آل سعود في نتائج تحقيقها أن جمال خاشقجي مات بعد “شجار وتشابك بالأيدي” داخل القنصلية السعودية في اسطنبول.

وسبق أن قالت منظمة العفو الدولية بعد مرور عام على إعدام خاشقجي خارج نطاق القضاء، يكرم المواطنون السعوديون إرث خاشقجي بمواصلة النضال من أجل حقهم في التعبير عن أنفسهم بحرية؛ على الرغم من استمرار السلطات في حملة القمع، وعدم وجود أي مؤشر لمحاسبة المسؤولين عن مقتل جمال خاشقجي.

وقالت لين معلوف، مديرة البحوث للشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية: “إن أي حديث عن تحمل المسؤولية عن مقتل جمال خاشقجي لا معنى له، إن لم يتم فوراً، ودون قيد أو شرط، إطلاق سراح عشرات الأفراد الذين ما زالوا يعانون في السجن، والذين ما زالوا عرضة لخطر التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة السيئة، لمجرد أنهم عبروا عن رأيهم بطريقة سلمية”.

فحتى الآن، وثقت منظمة العفو الدولية حالات ما لا يقل عن 30 سجين رأي ممن يقضون عقوبة السجن لمدة تتراوح بين خمس سنوات و30 عامًا لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، والتجمع السلمي.

ومن بين المحتجزين حالياً محمد القحطاني، وهو عضو مؤسس في الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية (حسم) التي دعت إلى حماية حقوق الإنسان وتعزيزها، وقدمت الدعم القانوني لعائلات المعتقلين؛ ووليد أبو الخير، وهو محامٍ كان يدافع عن المدافعين عن حقوق الإنسان قبل سجنه.

ومن بين المحتجزين حالياً محمد القحطاني، وهو عضو مؤسس في الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية (حسم) التي دعت إلى حماية حقوق الإنسان وتعزيزها، وقدمت الدعم القانوني لعائلات المعتقلين؛ ووليد أبو الخير، وهو محامٍ كان يدافع عن المدافعين عن حقوق الإنسان قبل سجنه. وقد حوكم كل محمد القحطاني ووليد أبو الخير، وحُكم عليهما أمام محكمة مكافحة الإرهاب بالسجن لمدة تتراوح بين 10 و15 سنة، على التوالي ، بسبب نشاطهما السلمي في مجال حقوق الإنسان.

وبمناسبة الذكرى السنوية الأولى لإعدام جمال خاشقجي خارج نطاق القضاء، يطلق النشطاء السعوديون في الخارج – بدعم من منظمة العفو الدولية – سلسلة من المدونات الصوتية (بودكاست) تحت عنوان “المملكة العربية السعودية الكبرى”، وهي تسلط الضوء على مختلف قضايا حقوق الإنسان التي تؤثر على البلاد.

وتسلط السلسلة الأولى الضوء على قصة جمال خاشقجي. وتكمن في صميم هذه المبادرة رغبة النشطاء في أن يظهروا للجميع في السعودية، والعالم بأسره، أن اجراءات القمع المتشددة لن تمنعهم من التعبير عن آرائهم، ورواية قصصهم الخاصة، ومواصلة نضالهم من أجل إطلاق سراح المدافعين عن حقوق الإنسان الآخرين، الذين يدفعون ثمناً باهظاً بسبب رفع صوتهم.

وقالت هالة الدوسري، وهي كاتبة سعودية ومدافعة عن حقوق الإنسان: “ستُمثل المدونات الصوتية منصة قوية للصحفيين السعوديين والباحثين والناشطين لمواجهة الحملة الإعلامية المضللة التي تقودها الدولة. إنها ستشرك الشعب السعودي في مناقشة نادرة وحرة حول قضايا مثل: المشاركة العامة، وسيادة القانون، والحركة النسوية، وغيرذلك من القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان.

فوفقًا لتقارير إعلامية صدرت الأسبوع الماضي، حول فيلم وثائقي تم بثه يوم الأحد 29 سبتمبر/أيلول، أقر ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، لأول مرة بأنه يتحمل مسؤولية مقتل جمال خاشقجي قائلاً: “لأن ذلك حدث في ظل ولايتي”.

“إن تحمل محمد بن سلمان المسؤولية عن مقتل جمال خاشقجي ستكون مجرد محاولة فاشلة أخرى للعلاقات العامة، إذا لم يتم متابعتها بإجراءات ذات مغزى، وملموسة، وفورية. وأضافت لين معلوف قائلة: “ويجب أن يشمل ذلك الوقف الفوري لحملة القمع، والإفراج عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان من جهة؛ والدخول الفوري وغير المشروط لمراقبي حقوق الإنسان المستقلين إلى البلاد، بما في ذلك مراقبة المحاكمة الجارية في قضية مقتل جمال خاشقجي والإبلاغ عنها علنًا”.

حسبما ورد، فقد تعرض جمال خاشقجي للخنق بعد لحظات من دخوله القنصلية السعودية في تركيا في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018. ولقد خلص تقرير للأمم المتحدة، أصدرته أغنيس كالامارد، المقررة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً، في يونيو/حزيران 2019، إلى أن الصحفي كان ضحية “قتل خارج نطاق القضاء، وأن الدولة السعودية مسؤولة عن ذلك بموجب قانون حقوق الإنسان”. ولم تتعاون السعودية مع المقررة الخاصة كالامارد أثناء التحقيق الذي أجرته.

وقد أُغلقت في وجه الجمهور جلسات المحاكمة الجارية في السعودية لـ 11 مشتبهاً بتهمة تورطهم في مقتل جمال خاشقجي، التي بدأت في يناير/كانون الثاني 2019 ، وافتقرت إلى أي شكل من أشكال الشفافية. وبخلاف حضور الدبلوماسيين، لم يسمح المسؤولون السعوديون بمراقبة الإجراءات بشكل مستقل. ويواجه خمسة مشتبه بهم عقوبة الإعدام بناءً على طلب الادعاء.

وحتى الآن، لم تظهر أية معلومات تتعلق بالطريقة التي أجري بها التحقيق، وما إذا كان هؤلاء المتهمون قد تمكنوا من الاتصال بمستشار قانوني، وغير ذلك من الضمانات الأخرى للمحاكمة العادلة، والأهم من ذلك، حول مكان رفات جمال خاشقجي وما إذا كان قد تم أعادتها لعائلته.

لقد وثقت منظمة العفو الدولية، منذ فترة طويلة، أوجه القصور الشديدة التي يعاني منها نظام العدالة الجنائية السعودي، بما في ذلك فترات الاحتجاز الطويلة دون تهمة أو محاكمة، وانعدام الوصول إلى مستشار قانوني أثناء التحقيق، واستخدام التهم المبهمة، وغير المُعرّفة التي لا تشبه الجرائم المعترف بها، وممارسة الضغط على المحتجزين للتوقيع على اعترافات، وقبول أحكام بالسجن محددة سلفًا لتجنب الاحتجاز التعسفي المطول. وهذا الافتقار إلى الاستقلال والشفافية والإنصاف يعني أن نظام العدالة الجنائية السعودي أدنى بكثير مما تقتضيه المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

واستطردت لين معلوف قائلة: “ونظراً لبواعث القلق القائمة البالغة الخطورة بشأن الإجراءات القانونية الواجبة، والمحاكمات العادلة في السعودية، يجب أن تسمح السلطات السعودية على الفور بحضور المراقبين المستقلين هذه المحاكمة، والتي بدونها ستكون مجرد محاكمة صورية أخرى تفشل في محاسبة المسؤولين عن عملية القتل وتنفيذها، وانتهاكاً لحق الأسرة، والجمهور السعودي الأوسع، في معرفة ما حدث لجمال خاشقجي “في ظل إدارة محمد بن سلمان”.

منذ مقتل خاشقجي، استمرت حملة القمع ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين ومنظمات المجتمع المدني دون انقطاع. واتُهمت المدافعات عن حقوق الإنسان، وحوكمن بسبب نضالهن السلمي من أجل حقوق الإنسان، والدفاع عن حقوق المرأة في البلاد. وبينما تم إطلاق سراح العديد من الناشطات بشكل مؤقت في الأشهر الأخيرة، ما زالت لجين الهذلول، وسمر بدوي، ونسيمة السادة، ونوف عبد العزيز، قيد الاحتجاز التعسفي منذ مايو/أيار 2018 . كما اعتُقل تعسفياً ما لا يقل عن 14 من نشطاء المجتمع المدني، والكتّاب، وأفراد أسر النشطاء المحتجزين، منذ ستة أشهر تقريباً، وما زالوا رهن الاحتجاز دون توجيه تهم إليهم.

واستُخدمت عقوبة الإعدام كسلاح سياسي ضد الأقلية الشيعية في عملية إعدام جماعي مروع لـ 37 رجلاً ، معظمهم من الأقلية الشيعية في السعودية، في وقت سابق من هذا العام. وتمت إدانة ما لا يقل عن 14 آخرين أُعدموا بسبب جرائم تتعلق بمشاركتهم في مظاهرات مناهضة للحكومة في المنطقة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية في السعودية بين عامي 2011 و2012. وأعدم ما لا يقل عن14 آخرين أدينوا بارتكاب جرائم عنيفة تتعلق بمشاركتهم في المظاهرات المناهضة للحكومة في المنطقة الشرقية ذات الغالبية الشيعية في السعودية بين 2011 و2012. وقد قالوا للمحكمة أنهم تعرضوا للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة أثناء استجوابهم من أجل انتزاع “اعترافات” منهم. ومن بين الذين أُعدموا عبد الكريم الحواج– وهو شاب شيعي قُبض عليه وعمره 16 عاماً، وأدين بجرائم تتعلق باشتراكه في احتجاجات مناهضة للحكومة.

وتواصل منظمة العفو الدولية حملتها لصالح ثلاثة شبان، هم: علي النمر، وداوود المرهون، وعبد الله الزاهر، الذين ما زالوا ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام، وهم معرضون لخطر الإعدام الوشيك. وكانت أعمارهم جميعاً دون 18 عاماً وقت ارتكاب الجرائم المزعومة. بموجب القانون الدولي، يُحظر استخدام عقوبة الإعدام بحق الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً وقت ارتكاب الجريمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى