فضائح السعودية

آل سعود يشرعون الأبواب للتطبيع السياحي مع إسرائيل

لم يعد مسير الرياض على طريق التطبيع مع “إسرائيل” سراً، بعد أن أعلنت المملكة أن أبوابها مفتوحة للسياح من مختلف دول العالم، دون أن تضع أي شرط, ما يعني (ضمناً) السماح للإسرائيليين بزيارة المملكة, وقد سبق أن استفادت الرياض من صناعة دولة الاحتلال وخبراتها العسكرية والاستخبارية.
حيث أن كل الإشارات توحي بمستقبل مزدهر للعلاقات الثنائية بين المملكة و”إسرائيل”؛ فالخطوات التي تتخذها حكومة الرياض بدعم واضح من ولي العهد محمد بن سلمان، تذهب في هذا المنحى.
فبعد تعاون الرياض العسكري مع “إسرائيل” وتغيير لهجة إعلامها -المعروف بتبعيته للسلطة- نحو تشجيع التطبيع، وفتحها المجال الجوي أمام الطيران المتجه لـ”إسرائيل” المحظور منذ 70 عاماً.
جاء ذلك في اجتماعات منظمة السياحة العالمية في دورتها الثالثة والعشرين، التي تنعقد بمدينة سانت بطرسبورغ الروسية بين 9 و13 سبتمبر الجاري، وتشارك فيها المملكة.
من جهته أثنى الأمين العام للمنظمة، زوراب بولوكاشيفيلي، على “الخطة الطموحة” التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان، “وما تقوم به المملكة لتصبح في صدارة الوجهات السياحية العالمية”.
وقد سبق السعوديون الإسرائيليين في التشجيع على إجراء رحلات سياحية، لا سيما من خلال وجوه إعلامية أخذت على عاتقها ترويج التقارب مع “إسرائيل”، على مرأى ومسمع من سلطات المملكة التي بدا صمتها مؤيداً للتقارب.
وفي أغسطس الماضي، قالت الصحفية والكاتبة السعودية سكينة المشيخص: “لا توجد لدينا مشكلة سياسية مع إسرائيل, إسرائيل لم تطلق علينا حتى رصاصة”.
وعن زيارة “إسرائيل” مستقبلاً تقول المشيخص: “الزملاء الذين زاروا إسرائيل استفادوا بأن رأوا إسرائيل من الداخل، وأنا مستعدة أن أزور إسرائيل في المستقبل، بالتأكيد”.
وتابعت: “من وجهة نظري السلام مع إسرائيل ليس خسارة إنما مكسب للجميع. أعتقد بأن هذه الفرصة ستكون قريبة جداً”.
التصريحات التطبيعية التي أدلت بها الكاتبة جاءت بعد أيام من فضيحة كان بطلها مواطنها المدون محمد سعود، الذي تعرض لإهانة كبيرة من قبل الفلسطينيين حين حاول دخول المسجد الأقصى.
وتعرض سعود -وهو طالب في كلية القانون بالعاصمة السعودية- للرشق بمقذوفات، وطُرد من باحة الأقصى، واشتهر أحد الأطفال بالبصق عليه.
وزار سعود -برفقة وفد صحفي عربي- “إسرائيل” بعد تلقيه دعوة من وزارة خارجية الاحتلال، والتقى خلالها البرلمان الإسرائيلي، إضافة إلى الاجتماع بشخصيات رسمية هناك.
وأكد سعود بعدها بأيام أن حكومة آل سعود لم تمسه بسوء، بل نشر مقطع فيديو من قلب الرياض وهو يستمع لأغانٍ باللغة العبرية.
تلك الخطوات السعودية التشجيعية قد تكون أحد الأسباب الداعية لرد المبادرة بزيارات “إسرائيلية” سياحية للمملكة.
فقد بدأت نتائج التطبيع الذي تقوده الرياض تظهر بين أوساط المجتمع الإسرائيلي، إذ رفع إسرائيلي علم المملكة في القدس المحتلة مؤخراً، مع مطالب بالسماح له بزيارتها.
واحتفت وزارة خارجية الاحتلال بطلب مواطنها، إذ نشرت مقطع فيديو له، على حسابها في موقع “تويتر”، في دلالة على تبنيها فكرة تبادل الزيارات بين السعوديين والإسرائيليين.
وقال الإسرائيلي في الفيديو المتداول: “كلي أمل أن يتحقق السلام مع المملكة وأتمكن من زيارتها فيما يتمكن السعوديون من زيارة إسرائيل”.
هذا الإسرائيلي يتمنى تحقيق ما قام به أحد مواطنيه في أبريل الماضي، إذ نشرت صحيفة “إسرائيل هيوم” تقريراً كشفت فيه عن زيارة قام بها صحفي إسرائيلي إلى المملكة لحضور مسابقة “الفورميلا” التي جرت في الرياض.
ويروي التقرير تفاصيل الزيارة، بدءاً من اتخاذ الصحفي الحريدي، يوسف زينيتش، القرار، مروراً بتقديم الفيزا، والوصول للرياض، وانتهاء بزيارة قام بها إلى مدينة المستقبل (نيوم) التي ينوي ولي العهد محمد بن سلمان إقامتها.
وقبلها بنحو عام ونصف، وخلال انشغال العالم بمتابعة حملة الاعتقالات بحق الدعاة والنشطاء وقادة الرأي، أثارت صور لمواطن إسرائيلي من أصل روسي يُدعى بن تسيون تشدنوفسكي، داخل المسجد النبوي في المدينة المنورة، حالة من الغضب بين الناشطين العرب في وسائل التواصل الاجتماعي.
ولتغليف الأمر بتوجه ديني أعلنت مصادر عبرية، مايو الماضي، اعتزام وفد يهودي إسرائيلي زيارة المملكة بناء على دعوة من رابطة العالم الإسلامي.
وقال حساب “إسرائيل بالعربية” (رسمي تابع لخارجية الاحتلال): إن “الزيارة ستتم في يناير 2020، حسبما أعلن أمين عام الرابطة الشيخ السعودي محمد بن عبد الكريم العيسى”.
وما يشجع الإسرائيليين على زيارة السعودية هو تمتعها بمواقع تاريخية عديدة، تعود لفترات ما قبل ظهور الإسلام، بينها مواقع لليهود، بعض آثارها قائمة حتى اليوم، ويعتبرها الإسرائيليون أماكن أسلافهم، وهو ما سيشهد رحلات سياحية لإسرائيليين لزيارتها في حال لم تضع الرياض شروطاً تمنع دخول وفود سياحية إسرائيلية للبلاد عندما تفتح المملكة أبوابها للسياح من جميع دول العالم
وكان كشف، في سبتمبر 2018، عن صفقة لشراء المملكة منظومة “القبة الحديدية”، التي لم تكن الأولى؛ إذ سبق أن كشفت وسائل إعلام عبرية عن لقاءات سرية متبادلة بين مسؤولين من كلا الطرفين لأجل تعاون كبير.
وكشفت المصادر ذاتها أن الصفقة السعودية-الإسرائيلية “قدرت بأكثر من 250 مليون دولار أمريكي”، مشيرة إلى أن بعض برامج وأجهزة التجسس نُقلت فعلياً للرياض، وبدأ العمل بها بشكل رسمي بعد أن تم تدريب الطاقم الفني المسؤول عن إدارتها وتشغيلها.
الانفتاح على “إسرائيل” لم يتوقف عند حد الانتفاع من الصناعات العسكرية والأمنية؛ إذ تحدثت مصادر، عن وجود تعاون من نوع آخر، يهدف إلى تأجير مساحة من الأرض لـ”إسرائيل”.
أحاديث وقرارات ولي العهد محمد بن سلمان، منذ توليه العهد في يونيو 2017، كانت داعماً لتقارب سعودي مع “إسرائيل”، يفضي مع الأيام لتطبيع شامل يصل إلى السياحة.
ففي تصريح له لمجلة “ذي أتلانتيك” الأمريكية، في أبريل 2018، أعلن بن سلمان صراحة عن حق الشعب اليهودي في دولته الخاصة، في إشارة منه إلى أن “إسرائيل” لم تعد عدو العرب الأول في ظل وجود المصالح المشتركة ضد إيران.
نتيجة هذا التوجه كانت واضحة على مقالات وتغريدات كتاب وناشطين سعوديين، يدعون فيها للسلام مع الكيان الإسرائيلي.
وكان صمت الرياض المطبق حيال الاعتداءات والانتهاكات المتكررة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين، يشير إلى تخلٍّ واضح من قبل الرياض عن القضية الفلسطينية التي اعتُبرت القضية العربية الأم على مدى عقود، وهو ما تحدثت عنه الكثير من وسائل الإعلام التي تقف إلى جانب الفلسطينيين.
وفي 6 سبتمبر الجاري، كشف رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال حوار له مع قناة “بي بي سي”، عن تزايد التطبيع العربي مع “إسرائيل” على مستوى قادة الدول والشعوب.
وأوضح أن القادة العرب يريدون تقوية العلاقات مع “إسرائيل” في مجالات التجارة والتكنولوجيا والطاقة والمياه والأمن، مضيفاً أن “التطبيع معنا يتزايد.
لا أعتقد أنه من الممكن التوصل لاتفاقات سلام أخرى، لكن الجديد هو أن دولاً عربية باتت تدرك أن بإمكاننا المضي قدماً في أمور عدة، خاصة في المجال الأمني، وأنا سعيد بذلك للغاية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى