متفرقات سعودية

“أرامكو” تبدأ بتسريح موظفين وتعتزم الاستدانة لتوزيع أرباح

بدأت شركة “أرامكو” السعودية بتسريح موظفين فيما تبحث عن استدانة ضخمة لتوزيع أرباحها على المستثمرين، وذلك في انعكاسات خطيرة يشهدها عملاق النفط بفعل سياسيات ولى العهد محمد بن سلمان وأزمة كورونا.

وقالت شركة “أرامكو” إنها تراجع نفقاتها التشغيلية، في أول تعليق لها على تقارير قالت إن عملاق النفط السعودي بدأت تسريح موظفين.

وتذرعت الشركة النفطية بأنها “تتكيف مع بيئة أعمال معقدة للغاية وسريعة التغير بسبب جائحة كورونا”.

وكانت وكالة “بلومبيرغ” للأنباء ذكرت في وقت سابق أن “أرامكو” بدأت بالفعل بتسريح المئات من موظفيها ضمن خطة لخفض نفقاتها التشغيلية في مواجهة تباطؤ الطلب العالمي على النفط وتراجع أسعار النفط بسبب به تفشي جائحة كورونا وانخفاض الأسعار.

ويتجاوز عدد موظفي “أرامكو” نحو 70 ألف موظف، وقالت تقارير إنها شطبت نحو 500 وظيفة.

وقال الرئيس التنفيذي للشركة أمين ناصر، إنها ستلجأ للاستدانة لتوزيع أرباح على المساهمين.

وذكر ناصر في تصريحات للصحفيين أن الشركة ستستخدم السيولة والدين لسداد توزيعات أرباح الربع الأول من العام الحالي.
وكانت “أرامكو” أعلنت أنها أتمت صفقة استحواذ على 70 بالمئة من عملاق صناعة البتروكيماويات، الشركة السعودية للصناعات الاساسية “سابك”، بشراء حصة الصندوق السيادي السعودي مقابل 69 مليار دولار تسدد على مدى ثلاث سنوات.

وقال ناصر “نود أن نستخدم النقد لدينا بكل تأكيد في أغلب الوقت، لكن أدوات دين أخرى من البنوك أو السندات متاحة أيضا لنا إذ لدينا ميزانية قوية”.

وهوت أرباح شركة النفط الحكومية، بنسبة 25% في الربع الأول من العام الجاري، متأثرة بتداعيات فيروس “كورونا” وانهيار أسعار النفط عالمياً ما يعزز أزمة اقتصاد المملكة وانهيار رؤية 2030.

وأعلنت (أرامكو) في الإفصاح للبورصة، أن صافي أرباحها تراجع إلى 62.48 مليار ريال (16.64 مليار دولار)، بعد الزكاة والضريبة في الربع المنتهي في 31 مارس/ آذار، مقابل 83.29 مليار ريال قبل عام.

وتقل الأرباح المسجلة كثيراً عن توقعات صناديق استثمار محلية وإقليمية، حيث قدرت المجموعة المالية هيرميس المصرية والراجحي كابيتال السعودية وأرقام كابيتال ومقرها دبي الأرباح بنحو 17.8 مليار دولار في المتوسط.

وقالت “أرامكو” إن النتائج تعكس انخفاض أسعار النفط الخام، وكذلك تراجع هوامش التكرير والكيماويات، وخسائر إعادة تقدير المخزونات.

وانخفضت أسعار النفط الخام 65% في الربع الأول، قبل أن يتفق المنتجون في منظمة أوبك وخارجها فيما يعرف بتحالف “أوبك+” على خفض الإمدادات بمعدل قياسي قدره 9.7 ملايين برميل يومياً بدءاً من مايو/ أيار الجاري للمساعدة في رفع الأسعار وكبح فائض المعروض.

وتدفع شركات الطاقة في المملكة ثمناً باهظاً لانهيار أسعار النفط، فقد أعلنت الشركة السعودية للصناعات الأساسية “سابك”، عملاق قطاع صناعة البتروكيميائيات بالمملكة، في الرابع من مايو/ أيار الجاري، عن تكبدها خسائر بقيمة 950 مليون ريال في الربع الأول من عام 2020 مقارنة بأرباح بلغت 909 ملايين دولار في نفس الفترة من 2019.

وتأتي خسائر (سابك)، وهي ثاني أكبر شركة مدرجة في سوق الأسهم السعودية بعد (أرامكو)، للربع الثاني على التوالي، حيث تكبدت في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي نحو 720 مليون ريال.

كذلك أفصحت شركة بترورابغ، العاملة في تكرير النفط وإنتاج البتروكيماويات، في الخامس من مايو/ أيار عن خسائر حادة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، بقيمة 1.79 مليار ريال، مقارنة بأرباح 257 مليون ريال خلال نفس الفترة من عام 2019.

وجهت المملكة شركة النفط الوطنية (أرامكو) إلى تخفيض إنتاجها من النفط الخام ليونيو/حزيران بقدر طوعي إضافي يبلغ مليون برميل يوميا، فوق التخفيضات التي تعهدت بها المملكة سابقا بموجب اتفاق (أوبك بلس).

وقال مسؤول في وزارة الطاقة بهذا يصل إجمالي خفض الإنتاج الذي ستطبقه المملكة إلى حوالي 4.8 ملايين برميل يوميا من مستوى إنتاج أبريل/نيسان.

وأوضح أنه سيكون إنتاج المملكة ليونيو/حزيران -بعد الخفض المستهدف والطوعي- 7.492 ملايين برميل يوميا.

وجاء هذا القرار بعد ساعات من إعلان وزارة المالية في الممكلة عن إجراءات “مؤلمة” لإنقاذ الموازنة من العجز الكبير. وشملت هذه الإجراءات زيادة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% بدءا من الأول من يوليو/تموز المقبل، ووقف صرف بدل غلاء المعيشة اعتبارا من يونيو/حزيران المقبل.

كما يأتي قرار خفض إنتاج النفط بعد أيام من نشر وكالة “رويترز” تفاصيل مكالمة عاصفة بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترامب، هدد فيها الأخير بقطع الدعم العسكري إذا لم تتوقف المملكة عن إغراق الأسواق، في أعقاب حرب أسعار مع روسيا أشعلتها الرياض وأدت إلى خفض انهيار تاريخي لأسعار الخام مما أضر بصناعة النفط الصخري الأميركي.

ولم تخرج المملكة من دائرة الانكماش، التي تسيطر على الاقتصاد منذ أشهر طويلة، حيث ذكرت مؤسسة “أي اتش اس” ماركت العالمية للأبحاث، في تقرير لها، أن مؤشر مديري المشتريات في المملكة انخفض إلى مستوى 44.4 نقطة، مقابل 42.4 نقطة في مارس/ آذار.

ويعني انخفاض المؤشر عن مستوى 50 نقطة أن ثمة انكماشاً، في حين أن تخطيه هذا المستوى يشير إلى النمو.

وهوت عائدات تصدير النفط خلال الربع الأول بنسبة 24% على أساس سنوي إلى 34 مليار دولار، وتراجعت الأصول الاحتياطية للمملكة إلى أدنى مستوى منذ 9 سنوات، إلى 473.3 مليار دولار.

وخفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني العالمية، في الأول من مايو/ أيار، النظرة المستقبلية للسعودية من “مستقرة” إلى “سلبية”، بسبب المخاطر التي يمكن أن تواجهها المملكة من جراء تذبذب أسعار النفط الناتج من أزمة كورونا، ومن عدم اليقين الناتج من تعامل المملكة للتخفيف من آثار هذه العوامل، من خلال موازنة الديون والإيرادات النفطية.

وتوقعت موديز أن يصل حجم الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 38% لعام 2020، ليقفز إلى 45 في المائة بعدها في المدى المتوسط.

وتراجعت صادرات النفط السعودية نحو الولايات المتحدة الأميركية بمستويات قياسية منذ بداية العام 2020، وشهدت تراجعا ملحوظا مع تفشي فيروس كورونا وحرب أسعار النفط العام.

وأفاد وكالة بلومبيرغ بأن شحنة نفط سعودية واحدة فقط أبحرت باتجاه الشواطئ الأميركية هذا الشهر يونيو/ حزيران، وأن توقعات المراقبين تشير إلى استمرار انخفاض صادرات الخام السعودي إلى الولايات المتحدة بمستويات قياسية، بعد أن تم “إغراق” السوق الأميركي وإرباكه في وقت سابق.

وقالت الوكالة في تقرير للكاتبين برايان وينغفيلد وخافيير بلاس إن المملكة التي أغرقت الولايات المتحدة بالنفط الخام في وقت سابق من هذا العام، خفّضت صادراتها إلى السوق الأميركية بشكل غير مسبوق خلال الفترة الأخيرة.

وبحسب المعطيات صدّرت المملكة شحنة نفط واحدة فقط إلى الولايات المتحدة منذ مطلع يونيو/حزيران الجاري، أي ما يعادل 133 ألف برميل في اليوم، بينما كان المعدل خلال أبريل/نيسان الماضي حوالي 1.3 مليون برميل يوميا عندما غمرت الرياض السوق العالمية أثناء حرب الأسعار التي خاضتها ضد روسيا.

وأضافت أنه إذا استمر انخفاض وتيرة الصادرات في النصف الثاني من الشهر الحالي، فيحتمل أن تبلغ واردات الولايات المتحدة من النفط الخام السعودي أدنى مستوى لها في 35 عاما، مما يساعد سوق الخام الأميركي على استعادة توازنه وفقا للمنتجين والمحللين.

وينقل التقرير عن كبيرة المحللين في شركة “إنرجي أسبكتس” للاستشارات أمريتا سين قولها إن “شحنات النفط السعودي ستنخفض مع بدء المصافي المحلية في رفع معدلات الإنتاج واستمرار انخفاض الإنتاج المحلي، لذلك ستضطر المصافي الأميركية إلى الاستيراد من مكان آخر والتخلص تدريجيا من المخزون”.

وذكر الكاتبان في تقريرهما أن عدد الناقلات السعودية المتجهة إلى الولايات المتحدة قد يرتفع بشكل طفيف بعد أن استعاد السوق الأميركي توازنه، وتراجعت حدة الإرباك الذي تسببت فيه عملية الإغراق أثناء حرب الأسعار.
ودفعت السياسة النفطية السعودية في أبريل/نيسان الماضي عددا من المسؤولين الأميركيين إلى التعبير عن استيائهم بشكل علني، حيث نشر السيناتور تيد كروز تغريدة قال فيها “رسالتي إلى السعوديين: غيروا اتجاه ناقلات الجحيم”.

وعن سياسة المملكة في الفترة القادمة، نقل تقرير بلومبيرغ عن مسؤولين سعوديين قولهم إنه من غير المرجح أن تزيد المملكة من معدل الشحنات إلى الولايات المتحدة في النصف الثاني من الشهر الحالي وحتى يوليو/تموز المقبل.

ولم تقتصر حرب أسعار النفط التي أشعلها ولى العهد محمد بن سلمان مع روسيا، في مارس/ آذار المنصرم، على الخسارة الآنية فقط، بل تعدت لفقدان المملكة أسواقا عالمية.

وأظهرت بيانات إحصائية، خسارة المملكة لأسواق الصين، لتصبح روسيا أكبر مصدر للنفط العام خلال إبريل/ نيسان المنصرم.

وتخطت روسيا المملكة لتصبح أكبر مصدر للنفط الخام إلى الصين في إبريل/ نيسان، حسب ما أظهرته بيانات الجمارك، إذ ارتفعت الصادرات 18 في المائة عنها قبل عام مع اقتناص شركات التكرير للمواد الخام بأسعار رخيصة وسط حرب أسعار بين المنتجين.

وبلغت الشحنات الروسية 7.2 ملايين طن خلال إبريل، بما يعادل 1.75 مليون برميل يوميا، وفقا للأرقام الصادرة عن الإدارة العامة للجمارك، مقابل 1.49 مليون برميل يوميا في إبريل/ نيسان 2019 و1.66 مليون برميل يوميا في مارس/ آذار.

وانخفضت الإمدادات من السعودية إلى 1.26 مليون برميل يوميا، من 1.53 مليون برميل يوميا في إبريل/ نيسان 2019 و1.7 مليون برميل يوميا في مارس/ آذار.

وبلغ إجمالي واردات الصين من النفط الخام في إبريل/ نيسان 9.84 ملايين برميل يوميا، ارتفاعا من 9.68 ملايين برميل يوميا في مارس/ آذار، لكن بانخفاض كبير عن 10.64 ملايين برميل يوميا في إبريل/ نيسان من العام الماضي، بحسب بيانات صدرت في وقت سابق من الشهر الحالي.

وعلى الرغم من هذا، زادت واردات الأشهر الأربعة الأولى من العام 1.7 في المائة على أساس سنوي مع استغلال مصافي النفط الصينية لتهاوي أسعار الخام.

ويقدر المحللون أن متوسط نسبة الطاقة الإنتاجية المستغلة في مصافي التكرير المستقلة، المعروفة باسم “أباريق الشاي”، ارتفع إلى حوالي 70 في المائة في أواخر إبريل، وهو نفس مستواها قبل تفشي الفيروس، لكنهم يستبعدون أن تعود شركات التكرير المدعومة من الدولة إلى مستوياتها الطبيعية قبل مايو/ أيار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى