متفرقات سعودية

بعد حرب الأسعار .. المملكة تخسر الأسواق الصينية

لم تقتصر حرب أسعار النفط التي أشعلها ولى العهد محمد بن سلمان مع روسيا، في مارس/ آذار المنصرم، على الخسارة الآنية فقط، بل تعدت لفقدان المملكة أسواقا عالمية.

وأظهرت بيانات إحصائية، خسارة المملكة لأسواق الصين، لتصيح روسيا أكبر مصدر للنفط العام خلال إبريل/ نيسان المنصرم.

وتخطت روسيا السعودية لتصبح أكبر مصدر للنفط الخام إلى الصين في إبريل/ نيسان، حسب ما أظهرته بيانات الجمارك، إذ ارتفعت الصادرات 18 في المائة عنها قبل عام مع اقتناص شركات التكرير للمواد الخام بأسعار رخيصة وسط حرب أسعار بين المنتجين.

وبلغت الشحنات الروسية 7.2 ملايين طن الشهر الماضي، بما يعادل 1.75 مليون برميل يوميا، وفقا للأرقام الصادرة عن الإدارة العامة للجمارك، اليوم الثلاثاء، مقابل 1.49 مليون برميل يوميا في إبريل/ نيسان 2019 و1.66 مليون برميل يوميا في مارس/ آذار.

وانخفضت الإمدادات من السعودية إلى 1.26 مليون برميل يوميا، من 1.53 مليون برميل يوميا في إبريل/ نيسان 2019 و1.7 مليون برميل يوميا في مارس/ آذار.

وبلغ إجمالي واردات الصين من النفط الخام في إبريل/ نيسان 9.84 ملايين برميل يوميا، ارتفاعا من 9.68 ملايين برميل يوميا في مارس/ آذار، لكن بانخفاض كبير عن 10.64 ملايين برميل يوميا في إبريل/ نيسان من العام الماضي، بحسب بيانات صدرت في وقت سابق من الشهر الحالي.

وعلى الرغم من هذا، زادت واردات الأشهر الأربعة الأولى من العام 1.7 في المائة على أساس سنوي مع استغلال مصافي النفط الصينية لتهاوي أسعار الخام.

ويقدر المحللون أن متوسط نسبة الطاقة الإنتاجية المستغلة في مصافي التكرير المستقلة، المعروفة باسم “أباريق الشاي”، ارتفع إلى حوالي 70 في المائة في أواخر إبريل، وهو نفس مستواها قبل تفشي الفيروس، لكنهم يستبعدون أن تعود شركات التكرير المدعومة من الدولة إلى مستوياتها الطبيعية قبل مايو/ أيار.

ويتوقع فريق أبحاث النفط في رفينيتيف أن تبلغ واردات الصين في مايو /أيار مستوى مرتفعا غير مسبوق عند 53.7 مليون طن، أو 12.7 مليون برميل يوميا، مع وصول أحجام قياسية من منتجي أوبك.

وتتسلم شركات التكرير الصينية في مايو/ أيار أيضا أول شحنة خام لها من الولايات المتحدة منذ نوفمبر/ تشرين الثاني، وهي شحنة حُجزت خلال مارس/ آذار في مستهل انهيار أسعار النفط.

ولم تذكر الجمارك أي واردات من فنزويلا منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي مع تحاشي مؤسسة النفط الوطنية الصينية، أكبر مشتر لنفط كراكاس، تحميل أي كميات خام من هناك كي لا تنتهك العقوبات الأميركية.
لكن بعض الشحنات الفنزويلية تحول اتجاهها إلى ماليزيا لمزجها قبل التصدير إلى الصين، مما أفرز زيادة كبيرة في الشحنات الماليزية التي ارتفعت لأكثر من ثلاثة أمثالها في الأشهر الأربعة الأولى.

وأعلنت شركة أرامكو السعودية، سابقا، أن أرباحها في الربع الأول انخفضت بنسبة 25 في المائة مقارنة بالعام الماضي.

كما هوت عائدات تصدير النفط خلال الربع الأول بنسبة 24% على أساس سنوي إلى 34 مليار دولار، وتراجعت الأصول الاحتياطية للمملكة إلى أدنى مستوى منذ 9 سنوات، إلى 473.3 مليار دولار.

وسبق أن هبطت احتياطيات العملات الأجنبية في البنك المركزي في مارس/آذار بأسرع معدل منذ 20 عاما على الأقل ولأدنى مستوى لها منذ 2011.

ولم تخرج المملكة، أكبر مصدر للنفط في العالم من دائرة الانكماش، التي تسيطر على الاقتصاد منذ أشهر طويلة، حيث ذكرت مؤسسة “أي اتش اس” ماركت العالمية للأبحاث، في تقرير لها، أن مؤشر مديري المشتريات في المملكة انخفض إلى مستوى 44.4 نقطة، مقابل 42.4 نقطة في مارس/ آذار.

ويعني انخفاض المؤشر عن مستوى 50 نقطة أن ثمة انكماشاً، في حين أن تخطيه هذا المستوى يشير إلى النمو.

ويستند مؤشر مديري المشتريات إلى خمس ركائز رئيسة، هي الطلبيات الجديدة ومستويات المخزون والإنتاج وحجم تسليم المُوردين، وبيئة التوظيف والعمل.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عمل سريعا على إقناع المملكة وروسيا الموافقة على خفض إنتاج النفط في نيسان/إبريل. ولم ينفع الاتفاق في إنقاذ أسعار النفط حيث كانت المحاولة قليلة ومتأخرة.

وجهت المملكة شركة النفط الوطنية (أرامكو) إلى تخفيض إنتاجها من النفط الخام ليونيو/حزيران بقدر طوعي إضافي يبلغ مليون برميل يوميا، فوق التخفيضات التي تعهدت بها المملكة سابقا بموجب اتفاق (أوبك بلس).

وتواجه المملكة بأسعار 30 دولارا للبرميل أسوأ أزمة اقتصادية وإمكانية خسارة الحامي الأمريكي.

وفي سياق متصل، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية، إن أحلام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في عام 2020، قضي عليها بفعل الانفجار المفاجئ لفيروس كورونا.

وأوضحت الصحيفة أن بن سلمان كان يراهن على قمة العشرين، في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، وستتحول القمة إلى لقاءات عن بعد، عبر الإنترنت، وهو ما يخلق واقعا جديدا له، يضعف من آماله وطموحاته والمشاريع التي روج لها بوصفها حداثة.

ورأت الصحيفة أن إعلان وزير الاقتصاد السعودي تجميد عدد من المشاريع الكبرى الخاصة بالتنمية، ورغم عدم إعلان أسمائها، إلا أن مشروع “نيوم” الذي كان سيكلف 500 مليار دولار سيكون الضحية الأولى.
وأشارت إلى أن المشاريع السياحية، التي جعل منها بن سلمان شعارا آخر لمخطط انفتاحه، ستشهد بطئا.

وقال الدبلوماسي الفرنسي السابق فرانسوا توازي، إن الموجة الثانية من إجراءات التقشف في السعودية، مثل تجميد المساعدات المباشرة، التي كان يتم تقديمها للمحتاجين والرفع من الضريبة المضافة من 5% إلى 15%، كلها ستؤدي إلى “نهاية دولة الرفاهية”، وهو منعطف حقيقي في السعودية.

وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن الكثير من الإجراءات الأخيرة، تعود إلى تهاوي سعر البترول دون 30 دولارا للبرميل بعدما كان في بداية آذار/مارس يفوق 50 دولارا، علما أن البترول يشكل 70% من مداخيل المملكة، وبهذا تجد البلاد نفسها أمام أزمة غير مسبوقة منذ عقود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى