متفرقات سعودية

وسط عجز حكومي.. ضعف الاستيراد يهدّد بنقص السلع في السعودية

سلطت جائحة كورونا الضوء على المخاوف بشأن مخاطر الأمن الغذائي ونقص السلع الذي قد يهدّد المملكة العربية السعودية في ظل استمرار التداعيات السلبية والآثار الاقتصادية وتوقف الأعمال والأنشطة التجارية وتعليق حركة الطيران وضعف الاستيراد الذي أدّى إلى نقص سلع غذائية.

وتأتي المملكة في مقدمة الدول الخليجية المتضررة من الأزمات التي صاحبت تفشي فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19″، وسط فشل حكومي في اتخاذ سياسات مناسبة لتعزيز المخزون الاستراتيجي من الغذاء.

وحذر مراقبون من أزمة غذاء مقبلة في السعودية بسبب غياب استراتيجية واضحة لتجاوز خطر انعدام الأمن الغذائي وانخفاض مستويات الاكتفاء الذاتي.

وتستورد دول الخليج نحو 84% من حاجتها الغذائية، ومسألة تحقيق الاكتفاء الغذائي من السلع والمنتجات الزراعية قد تكون صعبة بسبب شح المياه وتراجع مياه الأمطار والتصحر والطقس وعوامل بيئية أخرى، إلا أن الحكومات الخليجية تستطيع تبني سياسات موحدة لسد الفجوة الغذائية.

وتأثرت الحياة المعيشية للمواطن السعودي بفعل الإجراءات والقرارات التقشفية التي أقرتها حكومة المملكة في أعقاب تفشي فيروس كورونا، من خلال زيادة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% وإلغاء بدل غلاء المعيشة، فضلاً عن رفع الرسوم الجمركية على 3 آلاف سلعة في الأسواق المحلية.

وقضية الأمن الغذائي لم تشكل مشكلة حقيقية للسعودية طيلة العقود الماضية نتيجة لارتفاع القوة الشرائية للمواطن، ولوفرة الموارد المالية قياساً إلى عدد السكان، غير أن أزمة تفشي كورونا دقت ناقوس الخطر في ظل عجز حكومي على إدارة الأزمة في أوقات الأزمات والكوارث.

يأتي ذلك دخل قرار زيادة الضريبة على القيمة المضافة في السعودية من 5 إلى 15 بالمئة حيز التنفيذ أول أمس الأربعاء، في خضم حملة تقشف تسببت بها أسعار النفط المتراجعة والإغلاقات المرتبطة بفيروس كورونا المستجد.

وأفاد تجّار، هذا الأسبوع، بحصول زيادة كبيرة في عمليات البيع، من المنازل إلى السيارات والأدوات الكهربائية والذهب وغيرها، لتفادي الضريبة الجديدة في الدولة النفطية الثرية التي تواجه مصاعب اقتصادية كبرى.

وكانت السعودية، صاحبة أكثر اقتصاد في المنطقة، قادرة على تمويل مشاريع ونفقات ضخمة من دون أي ضرائب طوال عقود، لكن انهيار أسعار النفط بدءا من 2014 أجبرها على تغيير استراتيجيتها.

وبدأت تحصيل الضريبة على القيمة المضافة في 2018 وسط عجز مستمر في الميزانيات السنوية في فترة ما بعد انهيار الأسعار الخام، وفرضت ضرائب أخرى، بينها رسوم إقامة إضافية على الاجانب.

وبينما كانت تعلّق أداء العمرة، المناسك التي تدر عليها المليارات سنويا، وتغلق المتاجر والمساجد والأعمال وحركة النقل خوفا من تفشي فيروس كورونا المستجد، أعلنت أنّ هذه الإغلاقات ستتسبب، بالتزامن مع تراجع أسعار النفط، بمصاعب اقتصادية غير مسبوقة.

وتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي للسعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، بنسبة 6,8 في المئة هذا العام، في أسوأ أداء له منذ ثمانينيات القرن الماضي.

وتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي للسعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، بنسبة 6,8 في المئة هذا العام، في أسوأ أداء له منذ ثمانينيات القرن الماضي.

وعند الحدود السعودية الإماراتية، تكدست السيارات فوق شاحنات النقل طوال أسبوعين في محاولة لدخول المملكة قبل الضريبة الجديدة.

وتخالف هذه الإجراءات الصارمة عرفا اجتماعيا معتمدا منذ عقود كان ينعم المواطنون بموجبه بإعانات وإعفاءات من الضرائب ورخاء، تقدمها الدولة مستخدمة عائداتها الكبيرة من الثروة النفطية.

واجتذبت مراكز التسوق في المملكة حشوداً كبيرة في الأيام الأخيرة حيث عرض تجار التجزئة “مبيعات قبل الضريبة على القيمة المضافة” وحسومات قبل بدء الارتفاع.

وقال عاملون في متجر للذهب في الرياض إنّ المبيعات شهدت قفزة بنسبة 70 في المئة في الأسابيع الأخيرة، في حين أن تجارة السيارات شهدت ارتفاعا بنسبة 15 في المئة.

ومع تطبيق الأسعار الجديدة، تتوقع الشركات انخفاض المبيعات، من السيارات إلى مستحضرات التجميل والأجهزة المنزلية وغيرها.

وتوقّعت مؤسسة كابيتال إيكونوميكس الاستشارية ارتفاع التضخم إلى 6 بالمئة في تموز/يوليو من 1,1 بالمئة في أيار/مايو.

وقالت في تقرير “الحكومة أنهت إغلاق البلاد في حزيران/يونيو وهناك دلائل على أن النشاط الاقتصادي بدأ في التعافي”، لكن “مع ذلك ، نتوقع أن يسير التعافي ببطء في ظل تدابير التقشف المالي”.

كما تخاطر المملكة بخسارة المنافسة التجارية أمام دول الخليج الأخرى، بما في ذلك حليفتها الرئيسية الإمارات، وهي دول أدخلت ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 بالمئة في الوقت نفسه لكنها امتنعت حتى الآن عن زيادتها.

وقال طارق فضل الله، الرئيس التنفيذي لقسم الشرق الأوسط في شركة نومورا لإدارة الأصول، إن المملكة “تقدم على مخاطر هائلة من خلال السياسات المالية الانكماشية”. ولا تملك السعودية خيارات كثيرة في ظل تراجع أسعار النفط.

فقد تلقت إيراداتها المالية ضربة أخرى مع تقليص السلطات بشكل كبير أعداد الحجاج هذا العام، من 2,5 مليون حاج العام الماضي إلى حوالي ألف فقط، بسبب المخاوف من تفشي الفيروس الذي تسبب بوفاة أكثر من 1600 شخص في المملكة من بين نحو 200 ألف إصابة مسجلة.

وتدر مناسك الحج والعمرة 12 مليار دولار سنويا على خزينة الدولة.

وبحسب وسائل الإعلام الحكومية، فإن حملة التقشف ستضيف لخزائن الدولة حوالى 100 مليار ريال (26,6 مليار دولار). لكن من غير المرجح أن تسد عجز الميزانية الضخم في المملكة.

وتتوقع مجموعة “جدوى” السعودية للاستثمار أن يرتفع العجز إلى مستوى قياسي قد يبلغ 112 مليار دولار هذا العام.

وانكمش الاقتصاد السعودي بنسبة 1 في المئة في الربع الأول من العام الحالي، نتيجة انكماش القطاع النفطي 4.6 في المئة.

وسجلت أسعار النفط أسوأ أداء فصلي في تاريخها خلال الربع الأول من العام الجاري، بسبب تدهور الطلب على الخام بفعل “كورونا” التى أدت لشبه توقف لحركة الإنتاج عالميا.

واعتبارا من يونيو/ حزيران الماضي، أوقفت المملكة بدل غلاء معيشة كان يصرف للمواطنين. وخفضت السعودية إنفاقها الحكومي لعام 2020 بنحو 13.3 مليار دولار، وسيتم اقتراض 220 مليار ريال (58.7 مليار دولار)، بزيادة 100 مليار ريال (26.7 مليار دولار)، عما كان مخططا له قبل “كورونا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى