تسييس الحرمين

الكشف عن عدد وفيات موسم الحج 1446هـ وسط صمت سعودي رسمي

كشف مرصد انتهاكات الحج والعمرة عن ارتفاع حصيلة وفيات موسم الحج لعام 1446هـ / 2025م إلى 493 حالة وفاة، في ظل استمرار الصمت الرسمي السعودي تجاه هذه الأرقام والمآسي التي طالت آلاف الأسر المسلمة في مختلف دول العالم.

وجاء هذا الإعلان بالتزامن مع استمرار السلطات السعودية في ترويج رواية “نجاح الموسم”، من دون تقديم أي إحصاء رسمي للوفيات، أو توضيح لأسباب هذه الخسائر البشرية الكبيرة، أو حتى الإشارة إلى فتح أي تحقيق حول ما جرى.

وفيات مرتفعة بين الحجاج الإندونيسيين

ووفقًا للمرصد، فقد سُجِّلت 350 حالة وفاة بين الحجاج الإندونيسيين وحدهم، ما يجعلهم أكثر الجنسيات تضررًا هذا العام. وقد أُعلنت هذه الأرقام بشكل تدريجي خلال الأيام الأخيرة، في حين أضافت كوسوفو اسمها إلى قائمة الدول المتضررة بالإعلان عن وفاة حاج واحد ضمن بعثتها الرسمية.

وتأتي هذه الأرقام في سياق تصاعد الانتقادات الحقوقية ضد إدارة السعودية لمواسم الحج، التي باتت تتكرر فيها الوفيات بأعداد كبيرة دون وجود إجراءات شفافة تضمن سلامة الحجاج أو توفر الحد الأدنى من المحاسبة.

صمت سعودي… ونهج متكرر

ورغم ضخامة الأرقام، لم تُصدر الجهات الرسمية السعودية أي بيان حتى اليوم يُعالج هذه الحصيلة المؤلمة. واكتفت وسائل الإعلام الرسمية بإبراز مشاهد الطواف والانسياب الحركي، والإشادة بـ”نجاح التنظيم”، من دون الإشارة إلى الأثمان البشرية التي تكبّدها الحجاج.

ويؤكد مرصد انتهاكات الحج والعمرة أن هذا الصمت ليس جديدًا، بل هو نهج سعودي متكرر. ففي موسم الحج الماضي 1445هـ، امتنعت الرياض عن إعلان أعداد الوفيات إلا بعد ضغوط حقوقية وإعلامية دولية، واضطرت للاعتراف بسقوط أكثر من 200 حاج بعد أسابيع من الغموض.

غياب الشفافية والمحاسبة

يرى المرصد الحقوقي أن الإصرار على تجاهل الأرواح التي تُزهق سنويًا في المشاعر المقدسة، وعدم فتح أي تحقيقات مستقلة، يثير شكوكًا حقيقية حول كفاءة الإدارة السعودية لمواسم الحج، ومدى التزامها بمسؤولياتها الدينية والأخلاقية تجاه الحجاج.

وقال المرصد في بيان نُشر عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس” (تويتر سابقًا): “إن احترام الحجاج يبدأ باحترام حقهم في الحياة، وحق عائلاتهم في معرفة الحقيقة.”

وأضاف: “إن تكرار هذا التجاهل وغياب الشفافية، يؤكد أن السلطات السعودية تفضّل الترويج لصورة إعلامية زائفة عن النجاح، على حساب أرواح الحجاج ومصير أسرهم.”

الحاجة لتحقيق دولي

تتزايد الأصوات المطالبة بفتح تحقيق دولي مستقل في حالات الوفاة، خاصة أن الأرقام المسجلة تشير إلى إخفاقات محتملة في الرعاية الطبية، أو سوء في إدارة الحشود، أو نقص في الإجراءات الوقائية، وهي عوامل باتت ملازمة لمواسم الحج في السنوات الأخيرة.

ويشير مراقبون إلى أن بعض حالات الوفاة جرت في ظروف يُشتبه في ارتباطها بـضربات شمس وإجهاد حراري شديد، في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وغياب ممرات تبريد كافية، أو خطط استجابة عاجلة. كما تحدّثت تقارير غير رسمية عن تأخير في الاستجابة الطبية لبعض الحالات الحرجة.

أصوات من دول العالم الإسلامي

وفي ظل غياب موقف سعودي رسمي، بدأت بعض الدول الإسلامية بمطالبة السلطات السعودية بتقديم توضيحات حول مصير حجاجها. كما دعت جمعيات أهلية وعائلات ضحايا إلى معرفة ظروف الوفاة، ومواقع دفن ذويهم، والحصول على تقارير طبية رسمية، وهي حقوق لم تتجاوب معها السلطات حتى اللحظة.

وفي هذا السياق، قال أحد أعضاء الوفد الصحي لحجاج إحدى الدول الآسيوية: “نواجه صعوبة بالغة في الحصول على أي معلومة دقيقة من الجانب السعودي. هناك تكتم واضح، ولا يتم إشراكنا في عمليات الإحصاء أو التحقيق.”

ورغم حجم الكارثة، لا تزال السلطات السعودية تُصرّ على إخفاء الأرقام وتجاهل النداءات الحقوقية والدبلوماسية، ما يعكس أزمة عميقة في إدارة مناسك الحج، وتحولًا خطيرًا في التعامل مع الحشود الإسلامية من حول العالم. وفي ظل هذا الصمت، تظل الأرواح التي زهقت هذا العام بلا رواية رسمية، ولا عزاء شفاف لعائلاتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى