عشرات العمال الوافدين في السعودية يموتون في حوادث مروعة يمكن تجنبها

قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية إن عشرات العمال الوافدين في السعودية يموتون في حوادث مروعة يمكن تجنبها تتعلق بمكان العمل، مثل السقوط من المباني، التعرض للصعقات الكهربائية، وحتى حوادث مميتة تتسبب في انفصال الرأس عن الجسم.
وانتقدت المنظمة السلطات السعودية لعدم توفير الحماية الكافية للعمال من مثل هذه الحوادث المميتة، وأشارت إلى عدم إجراء تحقيقات جدية في حوادث السلامة في أماكن العمل، بالإضافة إلى غياب التعويضات العادلة للعائلات المتضررة.
وتستمر السلطات السعودية في تكثيف أعمال البناء تحضيرًا لاستضافة “كأس العالم فيفا 2034” بالإضافة إلى مشاريع كبيرة أخرى، ما يزيد من مخاطر الحوادث المهنية.
وقالت المنظمة إن العديد من العائلات أفادت بأن أصحاب العمل والسلطات في السعودية لم يوفروا معلومات كافية حول ظروف وفاة أقاربهم، ورفض بعضهم تغطية تكاليف إعادة الجثامين إلى وطنهم، بل ضغطوا عليهم لدفن ذويهم في السعودية مقابل حوافز مالية.
كما أكدت المنظمة أن الشركات غالبًا ما تتجنب تسليم ممتلكات العمال الوافدين المتوفين وأجورهم المستحقة لعائلاتهم، مما يزيد من معاناتهم.
التحقيقات غير الكافية في وفيات العمال
أشار مايكل بيج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”، إلى أن الحوادث المروعة التي تؤدي إلى وفاة العمال الوافدين في السعودية يجب أن تكون بمثابة جرس إنذار لجميع الشركات والمشجعين لاتحادات كرة القدم العالمية التي تفكر في الشراكة مع الفيفا لبطولة كأس العالم 2034.
وقال بيج: “مع غياب الإجراءات الكافية من السلطات السعودية لضمان سلامة العمال، تتحمل الشركات المحلية والدولية مسؤولية أكبر لضمان تجنب انتهاكات حقوق الإنسان في عملياتها بالسعودية”.
في إطار هذا التحقيق، قابلت “هيومن رايتس ووتش” عائلات 31 عاملاً وافدًا من بنغلاديش والهند ونيبال، تتراوح أعمارهم بين 23 و52 عامًا، الذين توفوا في السعودية. كما تم مراجعة وثائق مثل شهادات الوفاة و”شهادات عدم الممانعة” الخاصة بإعادة جثامين العمال إلى بلدانهم.
التصنيف الخاطئ للوفيات وتحقيقات غير شفافة
ذكرت المنظمة أنه على الرغم من تصنيف العديد من وفيات العمال الوافدين في السعودية على أنها “طبيعية” أو غير متعلقة بالعمل، إلا أن التحقيقات المتعلقة بهذه الحوادث غالبًا ما تكون غير كافية. في بعض الحالات، يُوضع علامة على الوفيات على أنها “طبيعية”، مما يحرم العائلات من التعويضات المستحقة.
وأشارت المنظمة إلى أن عملية الحصول على تعويضات للعمال المتوفين طويلة وصعبة، إذ قد تستغرق سنوات. وقالت عائلات إنه من الصعب الحصول على مستحقات الضمان الاجتماعي، حتى مع مساعدة السفارات.
وتُلزم القوانين السعودية أصحاب العمل الذين يشغلون 50 عاملاً أو أكثر بتطبيق سياسات للصحة والسلامة، بما في ذلك التدريب والتقييم المستمر لمخاطر العمل وتوفير المعدات اللازمة للحماية. ومع ذلك، وجد التقرير أن العمال في مختلف قطاعات العمل لا يزالون يواجهون انتهاكات واسعة النطاق فيما يتعلق بسلامتهم المهنية.
وبحسب “المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية” في السعودية، فإن قطاع البناء هو الأكثر تعرضًا لحوادث العمل. كما أن العديد من الإصابات تكون ناجمة عن “التعرض لقوى ميكانيكية غير حية”، السقوط، والحوادث المرورية، والتي تؤثر بشكل غير متناسب على العمال الوافدين.
فشل في توفير الحماية الاجتماعية للعمال
انتقدت “هيومن رايتس ووتش” أيضًا الفيفا لإعطائها السعودية حق استضافة كأس العالم 2034 دون أن تأخذ بعين الاعتبار ضمانات فعّالة لحماية حقوق العمال. كما حذرت المنظمة من أن هذه البطولة قد تؤدي إلى “تكلفة بشرية باهظة يمكن تجنبها” إذا لم تُتخذ تدابير عاجلة لضمان سلامة العمال.
وأشارت المنظمة إلى أن الفيفا تخاطر بتكرار كارثة حقوق الإنسان التي شهدتها البطولات السابقة إذا لم تطالب بتطبيق آليات فعالة لمنع وفيات العمال وتحقيق العدالة لهم، مثل التأمين على الحياة وحماية من الحر الشديد.
ودعت “هيومن رايتس ووتش” السلطات السعودية والفيفا وأصحاب العمل إلى ضمان التحقيق السليم في جميع وفيات العمال الوافدين، بغض النظر عن السبب أو الظروف، وتقديم تعويضات عادلة للعائلات في الوقت المناسب.
كما أكدت على ضرورة توفير الدعم النفسي والاجتماعي للعمال الذين يشهدون وفيات زملائهم، وعدم إجبارهم على استئناف العمل فورًا دون أخذ إجازة حداد.
ومن خلال هذه النتائج، تسلط “هيومن رايتس ووتش” الضوء على انتهاكات خطيرة لحقوق العمال الوافدين في السعودية، وتدعو إلى إصلاحات جذرية تضمن سلامتهم وحمايتهم من الحوادث المميتة، وتوفير التعويضات العادلة لهم ولعائلاتهم في الوقت المناسب.