غير مصنف

لجنة أممية ترصد انتهاكات “التمييز العنصري” في السعودية

نظرت “لجنة القضاء على التمييز العنصري” التابعة للأمم المتحدة في التقريرين الدوريين العاشر والحادي عشر المجمعين للسعودية وتوصلت إلى عدد من الانتهاكات لاتفاقية القضاء على التمييز العنصري من قبل السلطات السعودية.

وبحسب منظمة منا الحقوقية فإن اللجنة الأممية تلقت قبل المراجعة مقترحات من منظمات المجتمع المدني المحلية والإقليمية والدولية، بما في ذلك تقرير مشترك من منظمتي منا لحقوق الإنسان والقسط لحقوق الإنسان، لتقديم معلومات حول كيفية تقييم امتثال السعودية للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (“الاتفاقية”).

وخلال مرحلة ما قبل الدورة، تمت دعوة ممثلي المجتمع المدني أيضًا لتقديم معلومات شفهية في الاجتماعات العامة والمغلقة. وهذا العام، وبفضل الدعم المقدم من كانتون جنيف، سافر الناشطون السعوديون إلى جنيف لحضور المراجعة والمشاركة فيها.

وبعد حوار تفاعلي مع الوفد السعودي، اعتمدت اللجنة ملاحظاتها الختامية في 10 ديسمبر 2024، وحددت أكثر من عشرين مجالا رئيسيا للقلق فيما يتعلق بتنفيذ المملكة العربية السعودية لالتزاماتها بموجب اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والتي صدقت عليها في عام 1997.

وترأس الوفد السعودي الحاضر في جنيف، هالة مزيد التويجري، رئيسة هيئة حقوق الإنسان السعودية.

وبينما تقدم هيئة حقوق الإنسان السعودية نفسها كمؤسسة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان، فقد تم إرسالها أيضًا كرئيس لوفد حكومي للدفاع عن موقف الدولة، مما يقوض مبدأ الاستقلال المنصوص عليه في مبادئ باريس.

وتنص هذه المبادئ على أنه “لا ينبغي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان أن تشارك كجزء من وفد حكومي أثناء الاستعراض الدوري الشامل، أو أثناء الاستعراضات الدورية أمام هيئات المعاهدات، أو في الآليات الدولية الأخرى التي توجد فيها حقوق المشاركة المستقلة للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان”.

وفي ملاحظاتها الختامية، حثت اللجنة السعودية على “إنشاء مؤسسة وطنية مستقلة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، ضمن إطار زمني واضح”.

وعلى الرغم من ادعاءات الوفد السعودي بأن قوانين المملكة “تحظر أي تمييز على أساس العرق أو الأصل يقوض الحريات الأساسية”، فإن الواقع على الأرض يرسم صورة مختلفة.

ولا يزال غياب قانون شامل لمكافحة التمييز يمثل فجوة كبيرة، مع عدم وجود تشريع محدد يجرم التمييز العنصري. وفي حين يضمن النظام الأساسي للحكم المساواة بموجب المادتين 8 و47، إلا أن هذه الأحكام لا يتم تنفيذها بشكل كافٍ في الممارسة العملية.

علاوة على ذلك، تعمل قوانين مثل قانون مكافحة الإرهاب لعام 2017 على إدامة التمييز من خلال تجريم الأفعال التي تتعارض مع تفسير الدولة للإسلام واستهداف الأقليات الدينية، بما في ذلك المسلمين الشيعة وغيرهم من الديانات غير السنية.

كما أن عدم وجود قانون عقوبات يترك مجالاً واسعاً للممارسة التقديرية للسلطة من قبل القضاة، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تطبيق العدالة بشكل تمييزي.

وفي ملاحظاتها الختامية، حثت اللجنة الأممية السعودية على “تطوير واعتماد تشريعات شاملة لمكافحة التمييز تحتوي على تعريف واضح للتمييز العنصري وتشمل أشكال التمييز الهيكلية والمباشرة وغير المباشرة والمتداخلة”.

وأكدت السلطات السعودية أيضًا أن جميع أشكال التمييز على أساس المذهب، بما في ذلك التمييز ضد السعوديين الشيعة، محظورة وأن السعوديين الشيعة يمكنهم ممارسة جميع حقوقهم وحرياتهم.

وكشفت اللجنة عن حقيقة مختلفة إلى حد كبير، وأعربت عن مخاوف كبيرة بشأن التمييز الذي تواجهه الأقلية العرقية والدينية الشيعية.

وتشير التقارير إلى أن المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين والصحفيين الذين يدافعون عن حقوق الفئات الضعيفة، مثل الأقلية الشيعية، يتعرضون في كثير من الأحيان للترهيب والمضايقة والاعتقال التعسفي وغير ذلك من الأعمال الانتقامية بسبب عملهم.

كما سلطت اللجنة الضوء على العقبات التي يواجهها الأفراد الشيعة في الحصول على تصاريح لبناء دور العبادة الدينية، فضلا عن عدم وجود معلومات وإحصاءات مفصلة عن ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية.

وقد أثيرت مخاوف أخرى بشأن تفشي التمييز الهيكلي وتهميش الأفراد الشيعة، وخاصة نقص تمثيلهم في المجالات الرئيسية مثل إنفاذ القانون، والإدارة العامة، والقضاء.

وأخيراً، لفتت المنظمات المقدمة انتباه اللجنة إلى التمييز الذي يواجهه السكان القبليون المحليون. وفي سياق مشروع نيوم، واجه أفراد قبيلة الحويطات التهجير القسري والاحتجاز التعسفي والملاحقات القضائية القاسية لمعارضتهم عمليات الإخلاء، مع تعرض الكثير منهم للعنف المفرط، بما في ذلك القتل خارج نطاق القضاء لعبد الرحيم الحويطي.

وفي ملاحظاتها الختامية، سلطت اللجنة الضوء على “الأهمية الخاصة” لتوصياتها بشأن وضع قبيلة الحويطات البدوية. وفيما يتعلق بمشروع نيوم، أشارت إلى “عملية التشاور غير الكافية” للحصول على “الموافقة الحرة والمسبقة والمستنيرة” للقبيلة.

بالإضافة إلى ذلك، سلطت اللجنة الضوء على عمليات إخلاء أفراد الحويطات “دون توفير سكن بديل مناسب أو تعويض”. وأوصت الدولة الطرف بضمان حصول الأسر والأفراد المتضررين على “السكن البديل الملائم والتعويض وسبل الانتصاف الفعالة”.

وفي تناقض صارخ مع ادعاء الوفد السعودي بأن المملكة ملتزمة باحترام الالتزامات الدولية المتعلقة بعقوبة الإعدام ولا تطبقها إلا على الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام بعد جمع الأدلة المناسبة، سلطت اللجنة الضوء على التطبيق غير المتناسب لعقوبة الإعدام.

وقالت اللجنة إن أفراد الأقلية العرقية والدينية الشيعية، والعمال المهاجرين، وعاملات المنازل، بما في ذلك النساء، ممثلون بشكل زائد في نظام العدالة الجنائية ويتعرضون للاحتجاز التعسفي والتعذيب والمحاكمات غير العادلة.

ولاحظت اللجنة أيضًا زيادة كبيرة في عمليات الإعدام منذ عام 2023، دون بيانات مفصلة عن العوامل الديموغرافية أو العوامل المرتبطة بالجريمة.

وفي ضوء هذه القضايا، أوصت اللجنة الأممية السلطات السعودية بوقف العمل بعقوبة الإعدام بهدف إلغائها في نهاية المطاف، بما يتماشى مع التزاماتها الدولية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى