مقررو الأمم المتحدة: أرامكو السعودية تقوّض حقوق الإنسان والبيئة

وجه عدد من المقررين الخاصين التابعين للأمم المتحدة رسالة إلى حكومة السعودية، عبّروا فيها عن قلقهم من الانتهاكات لحقوق الإنسان المرتبطة بمشروع مصفاة ومجمع بتروكيماويات في قرية بارسو بمنطقة راتناجيري في ولاية ماهاراشترا الهندية.
ويعد هذا المشروع المشترك بين شركة أرامكو السعودية وشركة أبوظبي الوطنية للنفط (أدنوك)، بالإضافة إلى ثلاث شركات هندية مملوكة للدولة، من المشاريع الكبرى في القطاع البتروكيماوي، ويُنفذ وفقًا لمذكرة تفاهم موقعة في عام 2018.
ويركز المقررون على المخاوف البيئية والاجتماعية التي أثارها هذا المشروع بين السكان المحليين والنشطاء، لاسيما في ضوء موقعه في منطقة غنية بيئيًا بالقرب من جبال الغات الغربية.
وتشتهر هذه المنطقة بأنها موطن لأنواع نباتية وحيوانية فريدة، مما يثير القلق بشأن تأثير المشروع على التنوع البيولوجي المحلي.
كما عبّر المزارعون في المنطقة عن مخاوفهم من أن التلوث الناتج عن المشروع قد يتسبب في تدهور محاصيلهم من المانجو والكاجو، التي تعتبر مصدر رزق رئيسي لهم.
من جانب آخر، يبرز المقررون قلقهم من احتمال تدمير النقوش الصخرية القديمة التي توجد في الموقع، والتي تعد جزءًا من التراث الثقافي للمنطقة. هذا يعكس مخاوف أوسع تتعلق بالحفاظ على البيئة والتراث الثقافي في إطار المشاريع الكبيرة التي تشهدها المنطقة.
انتهاكات حقوق الإنسان: الاعتقالات والقمع
لم تقتصر المخاوف على التأثيرات البيئية فحسب، بل امتدت أيضًا إلى انتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة.
وفقًا للمقررين، تم توثيق حالات اعتقالات تعسفية طالت نشطاء وصحفيين، بالإضافة إلى استخدام القوة لتفريق الاحتجاجات السلمية. وأوضح التقرير أن الغاز المسيل للدموع استخدم ضد نساء وأطفال خلال هذه الاحتجاجات، مما يعكس الأساليب القمعية التي استخدمتها السلطات المحلية.
كما تم فرض قيود صارمة على حرية التعبير والتجمع، مما أثر سلبًا على قدرة الصحفيين والمجتمعات المحلية على متابعة ومناقشة تطورات المشروع.
الافتقار إلى الشفافية والمشاركة المجتمعية
أحد النقاط التي أبرزها المقررون هو غياب الشفافية بشأن تفاصيل المشروع، مما حال دون تمكين السكان المحليين من المشاركة الحقيقية في اتخاذ القرارات المؤثرة في حياتهم وبيئتهم.
وهذا الافتقار إلى المعلومات يشكل عائقًا كبيرًا أمام المجتمعات المحلية التي تتأثر بشكل مباشر بالمشروع، ويحد من قدرتها على اتخاذ قرارات مبنية على معلومات واضحة ومدروسة.
في الرسالة الموجهة إلى الحكومة السعودية، طالب المقررون باتخاذ خطوات جادة لضمان امتثال شركة أرامكو، والشركات التابعة لها، للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وأكدوا على أهمية إجراء تقييمات بيئية واجتماعية شاملة للمشروع بالتشاور مع المجتمعات المحلية، مع ضمان الشفافية والمساءلة في جميع مراحل المشروع. كما شددوا على ضرورة أن تعمل الشركات المملوكة للدولة على تحسين ممارساتها بما يتماشى مع المعايير البيئية والاجتماعية العالمية، وذلك لتجنب المزيد من الانتهاكات.
التحديات السابقة واستجابة أرامكو
في السياق نفسه، تشير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى أن خبراء الأمم المتحدة قد وجهوا رسالة في يونيو 2023 إلى صندوق الاستثمارات العامة والحكومة السعودية، أكدوا فيها مسؤولية شركة أرامكو عن انتهاكات لحقوق الإنسان في سياق تغير المناخ.
كما أشاروا إلى التأثيرات السلبية لأنشطة الشركة على التمتع بحق الإنسان في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة. رغم ذلك، لم تتجاوب أرامكو مع استفسارات المقررين أو المخاوف التي تم طرحها.
وتعتبر المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن الحكومة السعودية تتحمل مسؤولية أي انتهاكات تحدث نتيجة لأعمال شركة أرامكو سواء داخل المملكة أو خارجها، خاصة وأن الحكومة هي الممولة الرئيسية لهذه الشركة.
كما تشدد المنظمة على أن عدم إشراك المجتمعات المحلية في اتخاذ القرارات المتعلقة بمشاريع تؤثر على حياتهم هو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، وهو أمر أصبح عادة لدى الحكومة السعودية والشركات التابعة لها.
وتشير الرسالة التي وجهها المقرّرون الخاصون إلى الحكومة السعودية إلى ضرورة اتخاذ خطوات فورية لتصحيح الوضع الحالي وضمان أن مشروع مصفاة ومجمع بتروكيماويات بارسو يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والبيئة. كما يجب أن يتم تضمين المجتمعات المحلية في جميع مراحل اتخاذ القرار وضمان توفير المعلومات الشفافة لهم، بما يتماشى مع مبادئ المساءلة والعدالة الاجتماعية.