انتقادات واسعة لإقرار الحكومة السعودية قانون إيقاف الخدمات

عندما حاولت السلطات السعودية معالجة ملف الدائن والمدين وقعت في ظلم المواطن المدين وقطعت عنه شريان الحياة، ومنذ أن بدأ تطبيق قانون إيقاف الخدمات، سرعان ما بدأت مثالبه تظهر.
فعندما يصدر أمر قضائي في إيقاف خدمات المدين، كان ضررها ممتد إلى العائلة حيث لم يكن يسمح بإصدار او تجديد الهوية الوطنية، عدم شراء او بيع السيارة، عدم قدرة المدين على اضافة مولود جديد، ويحتجز جزء من الراتب وغيرها من الايقافات الأخرى.
وحتى بعد تنظيم إيقاف الخدمات الجديد ما زالت الناس تئن من وطأة الحاجة وهم الدين الذي فاقمه نظام إيقاف الخدمات، وما يليه من منع من السفر وسجن بل حتى عدم قدرة المدين على استلام مبلغ مالي وان كان بسيطاً من western union على سبيل المثال.
في المقابل فإن السلطات السعودية لا تزال متمسكة بهذا النظام الذي يجب التخلص منه كما فعلت بعض الدول في حل مشكلة الدائن والمدين.
وقد وصف أمين عام حزب التجمع الوطني الدكتور عبدالله العودة هذا النظام بقوله: هذا النظام مصمم لابتزاز المواطنين في أرزاقهم ولقمة عيشهم، وغير أخلاقي ولا إنساني.
وأضاف: ولا يجوز قانونا ولا شرعاً إيقاف خدمة أحد بسبب شيء آخر مستقل عنه فضلا عن مالو كان السبب غير عادل أو مسيّس.
بينما قال عضو حزب التجمع الوطني ناصر العربي ” هذا طبيعي إذا نظرنا في طبيعة الدولة والنظام السعودي الحالي. فهذا النظام لا يرى المواطن شريك في المواطنة والاستقرار الاقتصادي والسياسي، بل على العكس الدولة ترى المواطن مصدر من مصادر الدخل لديها، فهي تبتزه بالقوانين والتشريعات التي لم يشارك في صياغتها ولا الموافقة عليها ولا حتى الاعتراض عليها”.
وأشار إلى أن هذه الحالة تبين أن الدولة غير مهتمة بحال المواطن، حتى لو تدهورت أحواله المالية التي هي نتيجة سياسة الدولة الفاشلة التي تصنع له فخ السجن وتعاقبه في عدم العدالة في توزيع الثروة العادل. حيث تخصص أموال لا حدود لها للأسرة الحاكمة ومن حولها وبعض الشخصيات المنتفعة والمشاريع الغير مدروسة.
وأضاف العربي بأن حال المواطن صعب في دولة لا يوجد فيها تمثيل شعبي ولا نظام يضمن المسائلة والمحاسبة.
وأكد أن قطعاً إيقاف الخدمات ليس هو الحل، الحل هو في دراسة أسباب الفقر في دولة هي الأكثر ثراء وإنتاج للنفط، هل يعقل أن يعاقب مواطن بسبب عجزة عن دفعه أقساط سيارة أو منزل في ظل تدني مستوى الرواتب واختلال توزيع الثروة.
وشدد على أن الحل يكمن في وجود مجلس منتخب يمثل الشعب ويدرس أسباب الفقر والفساد ويقترح الحلول بدل سلطة فاسدة منفردة بالمال والقرارات والتحكم بمصير المواطنين. هذا النظام الفاسد لا يعرف الرحمة ولا صنع سياسات تراعي حال المواطنين بل على العكس ترى فرصة كبرى في ابتزازهم ونهب أموالهم وحياتهم وهذا ديدن كل سلطة مستبدة في كل زمان وعصر.
بدورها قالت عضو الحزب خلود العنزي” بالمناسبة موضوع إيقاف الخدمات كان معمول به من قبل عند بعض الإمبراطوريات مثل الإمبراطورية اليونانية والرومانية.
وأوضحت “كانوا المديونيون يخضعون للرق والعبودية متى عجزوا عن أداء الديون المستحقة عليهم! بل جاء في القانون أن في وسع الدائنين لشخص ما مجتمعين أن يقطعوا جسد المدين العاجز عن الوفاء ويقسمونه فيما بينهم، لكن في وقت الإصلاحات التي دعى إليها خبراء القانون الروماني رفعت هذه القوانين، واستبدل بها توفير ضمانات كافية لرد الدين.
وكذلك الأمر في الحضارة اليونانية سابقًا، كان الفقراء والفلاحين بمثابة عبيد يُباعون ويُشترون من قبل طبقة النبلاء، إذ كلما عجز الفلاح عن دفع الدين الذي في ذمته صار من حق الدائن أن يبيع المدين؛ ليسترد دينه!
وشددت على أن ما حصل لطبقة الفقراء سابقًا في تلك الحضارتين، وما يحصل اليوم في المملكة العربية السعودية، جعلني أقارن بين العقوبات التي يتلقاها المعُسر هنا وهناك. يعني كأن السلطات السعودية استنسخت هذه العقوبة وحدثتها لتقطع عن المواطن الذي اثقلت كاهله الديون شريان الحياة حرفياً.
ورأت أن هذا القانون يحط من كرامة الإنسان ويتسبب في إهانته وهوانه على الناس. لذا كان لزامًا على من وضع هذا القانون الذي يحارب الناس في أرزاقهم، وأقره أن يراعي تلك الجوانب وأن يجعل للمواطن متنفسًا، فلماذا يتم إيقاف راتبه، بينما يستطيع القاضي أن يجدوله ويقتص منه جزءًا للدائن؟! و يبقي له ما يكفيه وأهله.