بن سلمان يخطط لتعزيز قبضته على قطاعي الدفاع والأمن
كشف موقع إنتلجنس أونلاين الاستخباراتي الفرنسي أن ولي العهد محمد بن سلمان يستهدف تعزيز قبضته على قطاعي الدفاع والأمن بعد اعتقاله أمراء كبارا خلال الأيام الماضية.
وذكر الموقع أن بن سلمان يسعى إلى إدخال تغييرات على قطاع الدفاع لتمكين مرتزقته، خاصة الهيئة العامة للتصنيع الحربي، و”السعودية للصناعات الحربية”.
وتوقع أن رئيس “السعودية للصناعات الحربية” الألماني أندرياس شوير سيترك منصبه، وأن بن سلمان استعان بشركة الاستشارات الأميركية “كيرني” لإعادة تشكيل قطاع الدفاع، وهي تعمل على إعادة تشكيل الحرس الوطني لدمجه في وزارة الدفاع.
كما تعمل “كيرني” على إصلاح “لجنة التسليح ومراجعة الصفقات” العسكرية التي يرأسها ولي العهد بحسب الموقع الفرنسي.
وشملت حملات الاعتقال التي أمر بها بن سلمان عددا كبير من الضباط في الجيش والحرس والأمن، فيما تم ربط قوات الطوارئ والقوات الخاصة بالديوان الملكي، وتعيين ضباط كبار في الحرس يكون ولاؤهم لولي العهد بهدف جعل جميع القوى الأمنية في يده.
من جهته استغرب موقع ميديابارت الفرنسي إجراءين قام بهما بن سلمان هذا الأسبوع، وهما اعتقال الأمراء وإشفاعه ذلك بتحدي موسكو بإشعال حرب في أسعار النفط تهدد بتقويض مشاريع المملكة الاقتصادية الهائلة.
وأشار الموقع إلى أن السلطات في الرياض لم تنكر الاعتقالات التي أعلنتها مساء الجمعة صحيفة وول ستريت جورنال ثم صحيفة نيويورك تايمز لاحقا، ولكنها التزمت الصمت التام الذي يعتبر أحد طرق الاعتراف.
وقال إنه في بلد يكتنفه الغموض، من الصعب معرفة ما يدور، هل هناك مؤامرة بالفعل أو أن هناك انقلابا كان وشك التنفيذ، أو أن ولي العهد الشاب (34 عاما) الذي يقال إنه مصاب بجنون العظمة، أراد ببساطة القضاء على كل معارضة من قبل منافسيه في سياق خلافة الملك المسن والمريض سلمان بن عبد العزيز (84 عاما).
ومع أن الملك الذي يعاني من الزهايمر كما يشاع، هو الذي يجب أن يوقع أوامر الاعتقال عندما يتعلق الأمر بالعائلة المالكة، يتساءل الموقع هل الملك بالفعل يستطيع ذلك؟ مضيفا أنه “من أجل حماية ولي العهد نفسه، تم توخي الحذر لإظهار أنه لم يتخذ هذا القرار بمفرده، وأن الملك يتمتع بكامل قواه العقلية، وذلك باستقبال سلمان وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، قبل الإعلان عن هذا التطهير في اليوم التالي، كما ظهر بعد ذلك بيومين على قناة “الإخبارية” وهو يستقبل السفراء السعوديين في حفل تأدية اليمين”.
ومع هذا التطهير الأخير يتيح الملك سلمان لابنه تولي كامل السلطة، بعد أن كان أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف آخر الأمراء الذين يخشى منهم أن يحجبوه، خاصة أن الأول منهما كان الوحيد من أعضاء مجلس البيعة الذي رفض ولاية عهد محمد بن سلمان عام 2017.
أما الأمر الأكثر إثارة للدهشة بالنسبة لموقع ميديابارت، فكان موافقة الملك سلمان على القبض على شقيقه العائد من رحلة صيد، والذي كان يبدو أن المساس به مستحيل باعتباره أحد أبناء السديرية السبعة الأقوياء وآخر أبناء مؤسس المملكة.
ومع أن الأمير أحمد (76 عاما) غادر المملكة عام 2012 بعد إقالته من وزارة الداخلية التي عين فيها لفترة وجيزة، فإنه عاد من لندن في أكتوبر/تشرين الأول 2018 بعد اندلاع فضيحة مقتل الصحفي جمال خاشقجي، فيما يراه ريغولي-روز “صفقة شملت ضمانات على سلامته الشخصية، خاصة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، من أجل ترميم صورة المملكة وإعطاء انطباع بتماسك صفوف العائلة”.
إلا أننا كما يقول الموقع “نرى الآن أن بن سلمان يرغب في إجراء عملية تنظيف رئيسية داخل الأسرة في أسرع وقت ممكن، من أجل الصعود مستقبلا على العرش”.
ومع أن الأمير أحمد لا يبدي أي طموح -كما يقول الموقع- ولا يسعى إلى الحكم مطلقا، فمن المحتمل أن يكون قد تجمع حول شخصه من العائلة المالكة، كل من يشعرون بعدم الرضا، إما بسبب اغتيال خاشقجي أو بسبب القبض على الأمراء والاستيلاء على ثرواتهم أو بسبب فشل الحرب في اليمن والعجز عن الرد على إيران، وإما أن ولي العهد توقع هزيمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الانتخابات.
ورأى موقع ميديابارت أن اعتقال محمد بن نايف ليس أقل إدهاشا من توقيف الأمير أحمد، خاصة أنه نجح كوزير داخلية قوي في تحطيم الفرع السعودي لتنظيم القاعدة، وكان موضع تقدير خاص من قبل العائلة الحاكمة ووكالة المخابرات المركزية الأميركية وغيرها من أجهزة المخابرات الغربية، كما أنه تعرض هو نفسه لهجوم عام 2009 كاد يودي بحياته.
وأشار الموقع إلى أن الدبلوماسيين الأوروبيين كانوا يفضلون بقاء بن نايف وليا للعهد كما كان حتى يونيو/حزيران 2017، قبل أن يطيح به قرار من الملك سلمان لصالح ابنه محمد ويجرده من كل مسؤولياته، ويوضع تحت الإقامة الجبرية.
وقال الموقع إن عمليات التطهير بدأت في المملكة مع تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد، حيث استهدف أجهزة الأمن في أبريل/نيسان 2017، قبل أن تشهد قيادة الدفاع السعودية في فبراير/شباط 2018 إقالة رؤساء الأركان والقوات الجوية والبرية بسبب الإخفاقات التي لحقت بالجيش في حرب اليمن.
أما التطهير الهائل فكان في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، عندما اعتقل نحو مئتي شخص، من بينهم 11 من الأمراء وأربعة وزراء وعشرات الوزراء السابقين، واحتجزوا في فندق ريتز كارلتون بالرياض، بعضهم لمدة شهرين، وانتزع منهم أجزاء كبيرة من ثرواتهم.
ومن بين هؤلاء المحتجزين الأمير الوليد بن طلال، أحد أكبر المستثمرين في الشركات الغربية مثل سيتي غروب وتويتر وأبل وفندق جورج الخامس وديزني لاند باريس، إلى جانب الأمير متعب بن عبد الله الذي كان رئيس الحرس الوطني والأمير تركي بن عبد الله الحاكم السابق لإمارة الرياض.
ويقول الموقع إنه “مع اعتقال الأمير نايف بن أحمد تدخل المخابرات العسكرية تحت سيطرة رجال بن سلمان، بعد أن كانت واحدة من آخر المناطق التي لم تتأثر بعد بالتطهير، خاصة مع حساسية الحرب في اليمن التي تعرض كل من عارضوها للتهميش أو الإقالة”.
وخلص الموقع إلى أن هذا التطهير الأخير والقصير والوحشي -الذي يعطي صورة بلد مزعزع الاستقرار ويخاطر بإخافة المستثمرين الأجانب الذين تحتاجهم المملكة بشدة- جزء من الإستراتيجية التي اتبعها بن سلمان لتسلق مراتب السلطة.
وأضاف أن إستراتيجية ولي العهد في مجال النفط بعد فشل اجتماع أوبك في فيينا الأسبوع الماضي، بخفض أسعاره كما لم يحدث منذ ثلاثين عاما وزيادة إنتاجه لترهيب موسكو، تمكن مقارنتها مع التطهير الذي تم على الأمراء، وهي نفسها التي طبقها عام 2015 في اليمن، حيث كانت العملية العسكرية سريعة وحادة.
وختم الموقع بأن بن سلمان -منذ استيلائه على السلطة بحكم الأمر الواقع- كان عرضة للعديد من الهجمات أو محاولات الاغتيال التي لم يعترف بها النظام السعودي، حيث كانت الأولى في أكتوبر/تشرين الأول عام 2017 بجدة.
والثانية الأكثر خطورة -حسب الموقع- في يوليو/تموز 2018، وفي أبريل/نيسان 2018 كانت هناك محاولة انقلاب أسقطت خلالها طائرة مسيرة فوق قصره، إلا أنه قال في مقابلة مع محطة التلفزيون الأميركية سي بي أس أن “الموت وحده هو الذي يستطيع أن يمنعني من الحكم”.