بعد عام على توقيعه.. نظام آل سعود عاجز عن تطبيق اتفاق الرياض
فشل نظام آل سعود بشكل ذريع في تنفيذ اتفاق الرياض الذي تم توقيعه قبل عام بمشاركة تحالف دعم الشرعية في اليمن، بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات.
وجرى التوقيع على الاتفاق في العاصمة السعودية الرياض، في 5 نوفمبر 2019، برعاية الملك سلمان بن عبد العزيز، وحضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي.
ومثّل الحكومة اليمنية في توقيع الاتفاق سالم الخنبشي، فيما مثّل المجلس الانتقالي الدكتور ناصر الخبجي. ويستند الاتفاق على عدد من المبادئ أبرزها الالتزام بحقوق المواطنة الكاملة ونبذ التمييز المذهبي والمناطقي، ووقف الحملات الإعلامية المسيئة.
والآن بعد مرور عام كامل على الاتفاق، وبداية العام الثاني لاتفاق الرياض لحل الإشكال بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي ذي التوجه الانفصالي، لم تستطع سلطات آل سعود تنفيذ هذا الاتفاق الذي رعته بين الجانبين وتعهدت بالإشراف على تنفيذه ميدانياً في جوانبه العسكرية والأمنية والسياسية، والذي لم يتحقق أي بند منه حتى اللحظة.
وفي مقدمة ذلك التشكيل الحكومي الذي أصبح معضلة كبرى تواجه السلطة الشرعية في اليمن. حسبما يقول الكاتب اليمني خالد الحمادي.
ومرت الذكرى الأولى للتوقيع على اتفاق الرياض يوم الخميس، لإنهاء الأزمة العسكرية والأمنية والسياسية التي طرأت بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من دولة الإمارات، والذي انقلب على السلطة الشرعية في العاصمة الحكومية المؤقتة عدن وسيطرت ميليشياته عليها في آب/ أغسطس 2019 بدعم عسكري ومادي من القوات الإماراتية التي كانت حينذاك مرابطة في منطقة البريقة بمحافظة عدن.
وما زال الانتقالي يسيطر عسكرياً وأمنياً على عدن ولا يعترف بما تم التوقيع عليه في الرياض
ورغم أن الاتفاق كان يتضمن برنامجاً زمنياً محدداً بشهر لتنفيذ أبرز بنوده، وفي مقدمة ذلك سحب الميليشيا التابعة للمجلس الانتقالي من محافظة عدن كخطوة أولى لتطبيع الأوضاع العسكرية والأمنية فيها وبالتالي تشكيل حكومة ائتلافية يشارك فيها الانتقالي الجنوبي بحقائب وزارية محدودة، غير أن أياً من ذلك لم يتم.
وقال الكاتب الحمادي: ظل الانتقالي الجنوبي يتنصل من التزاماته ويتهرب من تطبيق البنود المتعلقة به في الجانبين العسكري والأمنية، وهو ما يعني أنه ضرب عرض الحائط باتفاق الرياض وبمضامينه التي وقّع عليها، ووضع المملكة العربية السعودية في وضع حرج في هذا الجانب.
وأضاف: لذلك اضطرت سلطات آل سعود إلى احتواء الموقف مجدداً بالإعلان نهاية تموز/ يوليو الماضي من جانبها عن التوصل إلى آلية التسريع بتنفيذ اتفاق الرياض بين الجانبين اليمنيين، الحكومة والانقلابيين الجنوبيين، وأعطت أيضاً سقفاً زمنياً جديداً لتشكيل الحكومة اليمنية الجديدة في غضون شهر أيضاً انتهى مع نهاية آب/ أغسطس الماضي.
وأكد أن التعثر ما زال قائماً حتى اللحظة بشأن التشكيل الحكومي الذي يبدو أنه سيطول كثيراً، وفقاً للمؤشرات والمعطيات على أرض الواقع.
ولفت إلى أن المجلس الانتقالي ما زال يسيطر عسكرياً وأمنياً على محافظة عدن وبعض المحافظات المجاورة لها، ولا يعترف بما تم التوقيع عليه في الرياض، سواء ببنود الاتفاق أو بآلية تسريع تنفيذه، وما زالت الأجهزة الأمنية والميليشا المسلحة والوسائل الإعلامية التابعة للمجلس الانتقالي تتعامل مع الوضع كما لم يكن هناك اتفاق.
وتابع: بل واستمرت الميليشيا الجنوبية في استحداثاتها العسكرية خلال العام الأول من اتفاق الرياض وسيطرت خلاله على جزيرة سقطرى وحوّلت الجزيرة إلى مستعمرة إماراتية خارجة عن سلطة الحكومة الشرعية اليمنية تماماً.
ويرى مراقبون أنه لا تلوح في الأفق أي بوادر لحلحلة الأزمة الراهنة بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي بسبب الدعم الإماراتي اللامحدود للطرف الثاني، كما ازدادت الأمور تعقيداً بين الحكومة الشرعية وميليشيا جماعة الحوثي في المناطق الشمالية من البلاد، التي انقلبت على السلطة الشرعية نهاية العام 2014 بدعم من الوحدات العسكرية التي كانت موالية للرئيس الراحل علي عبد الله صالح.
ويعتقد هؤلاء أن فشل سلطات آل سعود في تنفيذ اتفاق الرياض بشأن ترتيب الوضع في المحافظات الجنوبية المحسوبة على الحكومة الشرعية أفقد الرياض الهيبة السياسية بعد أن دمّر سمعتها التعثّر العسكري في المحافظات الشمالية ضد الميليشيا الحوثية، وهو ما وضع التحالف العربي، الذي تقوده السعودية في اليمن، محل شبهة ومحل شك في صدق نواياه باتجاه إعادة الشرعية للبلاد.
وقالوا إنه إذا استمر الوضع في محافظة عدن على هذا النحو فإنه لن تقوم للحكومة الشرعية أي قائمة هناك، وستسهم تلك الأوضاع في تمزيق اليمن إلى دويلات متناحرة، إحداها بيد الانتقالي الجنوبي بدعم من دولة الإمارات، والثانية في قبضة جماعة الحوثي بدعم من إيران، والثالثة تحت سلطة الحكومة الشرعية المدعومة صورياً من السعودية.
وبينما سيطر الطرفان الأول والثاني على مدينتي عدن وصنعاء كعاصمتين لهما، ستواجه الحكومة الشرعية صعوبة بالغة في الاستقرار بمدينة كبيرة آمنة لتعلنها عاصمة لها.
وختم الكاتب اليمني: انتهى العام الأول من اتفاق الرياض يجر أذياله بخيبة أمل كبيرة لليمنيين، ليبدأ العام الجديد محمّلاً ومثقلاً بأعباء العام الراحل الذي قد لا يحالفه الحظ في إحداث خرق في جدار الأزمة الجنوبية كما كان قد سبقته السنوات الماضية من خيبات الأمل في إنهاء الأزمة مع الانقلابيين الحوثيين وإنهاء الحرب اليمنية.