سوء إدارة بن سلمان وتبديد ثروات السعودية: عجز قياسي بالميزانية الأعلى منذ 5 سنوات

كشفت بيانات رسمية حديثة عن تسجيل السعودية عجزًا ماليًا فصليًا قياسيًا للربع الثالث من عام 2025، مسجّلة أعلى مستوى منذ جائحة كورونا في عام 2020، وهو ما يعكس استمرار الضغوط المالية على المملكة وتفاقم آثار السياسات الاقتصادية المتهورة بفعل سوء إدارة ولي العهد محمد بن سلمان.
وأوضحت وزارة المالية السعودية أن العجز الفصلي بلغ 88.5 مليار ريال في الربع الثالث من 2025، مقارنةً بـ30.2 مليار ريال في الربع الثالث من 2024، و34.5 مليار ريال في الربع الثاني من نفس العام.
ويعد هذا العجز استمرارًا لسلسلة من 12 ربعًا ماليًا متتاليًا من العجز، مما يعكس هشاشة الوضع المالي للمملكة واعتمادها الكبير على الإيرادات النفطية، إلى جانب تبديد الموارد العامة على رهانات استثمارية غير ناجحة ومشروعات بعيدة عن الاستدامة الاقتصادية.
انخفاض الإيرادات النفطية وتراجع الإيرادات الإجمالية
تعتمد السعودية بشكل كبير على الإيرادات النفطية، إلا أن هذه الإيرادات شهدت انخفاضًا ملحوظًا خلال الربع الثالث من 2025.
فقد بلغت الإيرادات الإجمالية 270 مليار ريال، بانخفاض نسبته 13٪ سنويًا، بينما سجلت الإيرادات النفطية 151 مليار ريال، بانخفاض 21٪ مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي.
أما الإيرادات غير النفطية، فقد ارتفعت بشكل طفيف بنسبة 1٪ لتصل إلى 119 مليار ريال، وهو ارتفاع لا يعوض الانخفاض الكبير في عوائد النفط، ما يجعل الاقتصاد السعودي عرضة لتقلبات أسعار الخام في الأسواق العالمية.
ويشير محللون إلى أن هذا التراجع في الإيرادات النفطية لا يُعزى فقط إلى انخفاض الأسعار أو الإنتاج، بل أيضًا إلى السياسات الاقتصادية غير المستقرة التي يتبناها محمد بن سلمان، والتي شملت استثمارات ضخمة في مشاريع سياحية وترفيهية ضخمة، ومبادرات اقتصادية مكلفة مثل “نيوم” و”مشروع البحر الأحمر”، دون تقييم واضح للعائد الاقتصادي الفعلي لهذه المشاريع.
توقعات العجز السنوي ومخاطر الاستدانة
توقعت وزارة المالية أن يصل العجز السنوي للمملكة لعام 2025 إلى 245 مليار ريال، ما يعادل 5.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنةً بتقديرات سابقة كانت تقدر العجز عند 2.3٪ فقط في نوفمبر الماضي.
وتشير هذه الأرقام إلى تضاعف الضغوط المالية على الدولة، وارتفاع احتمالية اللجوء إلى الاستدانة المحلية والخارجية لسد الفجوة بين الإيرادات والنفقات.
في هذا السياق، أكد وزير المالية محمد الجدعان في تصريحات صحفية أن الحكومة قادرة على التوسع في الإنفاق خلال الأعوام المقبلة، وقال: “رغم أن العجز سيتراوح بين 100 و140 مليار ريال سنويًا، إلا أن العائد على الاقتصاد أكبر من كلفة الاستدانة.”
ومع ذلك، يشير محللون اقتصاديون إلى أن هذه التصريحات تعكس تفاؤلاً مفرطًا ولا تعكس المخاطر الحقيقية لتراكم الدين العام، خاصة في ظل غياب خطط واضحة لإصلاح الهياكل المالية وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات.
هيمنة المشاريع الفاشلة على الإنفاق العام
يُرجع خبراء اقتصاديون جزءًا كبيرًا من العجز المالي إلى الرهانات الاقتصادية الفاشلة التي يقودها محمد بن سلمان، والتي شملت مشروعات ضخمة بمليارات الدولارات في القطاعات الترفيهية والسياحية والتقنية، دون مراعاة كفاءة الاستثمار أو دراسة الجدوى بشكل دقيق.
وقد أدت هذه المشاريع إلى تبديد ثروات المملكة، بينما استمر العجز المالي في التوسع، ما يهدد الاستقرار المالي على المدى الطويل.
وبينما يروج النظام السعودي لمشروعات “رؤية 2030” على أنها محرك للنمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل، يرى محللون أن السياسات المالية الحالية لا توفر حماية كافية للميزانية الوطنية، وتعتمد على التوسع المالي غير المدروس، وهو ما يفاقم العجز ويزيد من اعتماد الدولة على الاقتراض.
انعكاسات العجز على الاقتصاد والمواطنين
يؤثر العجز المالي المستمر على الاقتصاد السعودي بشكل مباشر، سواء من خلال تراجع القدرة على تمويل المشروعات التنموية، أو زيادة الضغوط على الخدمات العامة، أو ارتفاع المخاطر المرتبطة بالاستثمار الأجنبي.
كما أن استمرار هذه السياسات يهدد قدرة المملكة على مواجهة أي صدمات اقتصادية مستقبلية، سواء كانت نتيجة تقلبات أسعار النفط أو الأزمات العالمية أو التباطؤ الاقتصادي في الأسواق الرئيسية.
ويشير خبراء إلى أن العجز المتصاعد يعكس سوء إدارة الموارد المالية، وتفضيل رهانات اقتصادية غير مدروسة على استراتيجيات تنمية مستدامة تحقق عوائد حقيقية طويلة الأمد، وهو ما يضع المملكة في موقف هش أمام التحديات الاقتصادية المقبلة.
بالمحصلة تشير بيانات العجز المالي القياسي في السعودية إلى أن السياسات الاقتصادية التي يقودها محمد بن سلمان لم تنجح في تحقيق الاستقرار المالي، بل أدت إلى تبديد ثروات المملكة على مشاريع استثمارية فاشلة، مع ارتفاع الاعتماد على الإيرادات النفطية.
ومع استمرار هذه السياسات، تبدو المملكة معرضة لمزيد من الضغوط المالية، ما يطرح تساؤلات جدية حول مستقبل الاقتصاد السعودي وقدرته على تحقيق التنمية المستدامة وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين، في ظل استمرار العجز وتفاقم المخاطر الاقتصادية.




