فضائح السعودية

العبودية الحديثة في السعودية.. التطبيل مقابل المنصب والتمكين

فرض ولي العهد محمد بن سلمان منذ انقلابه على الحكم في بلاد الحرمين نوعا جديدا من العبودية الحديثة تقوم على التطبيل مقابل المنصب والتمكين للأمراء والمسئولين.

بالإمكان استعراض سلسلة طويلة من نماذج مقرفة لتقديس الحاكم والتطبيل له مارسها أمراء ومسؤولون وعلماء بلاط فضلًا عن كبار الوطنجية والذباب الالكتروني لمحمد بن سلمان.

ويجمع مراقبون على أن هذا التطور غير المسبوق بهذه الحدة في المملكة يظهر الانحدار الذي يصل إليه بعض البشر بتقديسهم بشرًا مثلهم وتحول المجتمع للنفاق الاجتماعي حد التقديس والعبودية.

ومع أن التطبيل للحاكم مرصود منذ عقود، إلا أن مجيء محمد بن سلمان جعل من هذه الحالة ظاهرة عامة لم يسلم منها كبار الأمراء والوزراء وعلماء البلاط، مع تجييش عوام المرتزقة والذباب الذين بالغوا في مدحه وتعظيمه رغم افتقاده للمؤهلات وتوالي اخفاقاته وفشله في مجالات شتى.

وقد مارس الأمير تركي الفيصل الذي شغل مناصب سياسية هامة لعقود، تطبيلًا مفضوحًا حين ادّعى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن حرص على لقاء محمد بن سلمان لإنقاذ شعبيته المتدهورة!.

والسؤال هنا هل بايدن يحتاج ولي العهد؟ مع أن استطلاع سابق لشبكة Morning Consult أظهر أن نصف الأمريكيين لا يعرفون بالأساس من هو محمد بن سلمان.

أمّا الأمير الوليد بن طلال الذي عقوبت بالسجن وسوء المعاملة ومن ثم تم الاستيلاء على جزء كبير من ثروته ومنعه من السفر، فبلغ به الذل أن خرج في فيديو وهو يجمع القمامة في صحراء نيوم ترويجًا لنظافة البيئة.

وإذا كان للأمراء المطبّلين زعيم، فهو بلا ريب الأمير عبد الرحمن بن مساعد، الذي لم يدع مناسبة إلا وطبّل فيها لولي العهد بقصائد وأشعار.

بل إنه قال في أحد لقاءاته التلفزيونية: أتمنى أن يظهر ولي العهد كل سنة مرتين في لقاء لأنه إذا تحدث أقنع وأزال الملتبس ووضّح الغامض وطمن المتشكّك!

وحين يُصبح التطبيل والتملّق من متطلّبات الحصول على منصب والحفاظ عليه.

لا تستغرب أن يصدر تصريح بعيد كل البعد عن المهنية والمصداقية ومن أعلى مستوى في البلد كوزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان الذي قال لقناة “سي إن إن” أن مصافحة بايدن لمحمد بن سلمان بمثابة “مكسب” للرئيس الأمريكي.

وتأكيدًا بأن التطبيل والتملّق بات من متطلّبات الحصول على منصب والحفاظ عليه، فإن كثيرًا من المسؤولين اليوم هم بلا مبادئ أو شرف، فهم يطبّلون لكل من يحكم ويتملّقون له، لأن من صفات العبيد أنه يسعون وراء حفنة المال ولو باعوا مبادئهم وكرامتهم.

وحين نفتح ملف علماء السلاطين نجد صفحات منمّقة مزركشة بنصوص الشريعة بهتانًا وزورًا وُظفت لتقديس الحاكم والحث على طاعته ولو خالف ثوابت الدين!

وفي سقطات السديس والمغامسي والعيسى أمثلة. بل أن عائض القرني كتب قصيدة تطبيل قال فيها أن الشعب ممكن أن يكون “انتحاري” ليدافع عن ولي العهد.

الوطنجية يمثلون نموذجًا مقززًا للتطبيل الرخيص، فمنذر آل الشيخ مبارك حفر اسمه على صخور النفاق كأحد أكبر المطبّلين!

رأى فيديو لبضع أشخاص يريدون أخذ صورة مع ولي العهد فقال بأن “أوروبا بل العالم كله من شرقه لغربه يبحث عن صورة مع ملهم عصره”!

كما ادّعى بأن العالم كله ينصت ويترقّب للقاء ولي العهد!

أمّا عبد اللطيف آل الشيخ فيقول عن ولي العهد: هذا الأمير الذي دانت له الأمم!. وقد نسي أنه فشل بإرضاخ مجموعة ميـ.ليشيات متشرذمة كالحوثيين!.

وبلغ به الحال بالتفاخر بأنه ليس مطبلًا عاديًا بل “أكبر مطبل في التاريخ”! كما جمع بين الوطنجية والوثنية عندما وصف ولي العهد بـ “الهيبة الإلهية”!

صور التملّق والتزلّف والنفاق أكثر من أن تُعدّ وتُحصى، ولكنّ الخطير منها أنها قد تصل حدّ التقديس والتعارض مع ثوابت الدين!

فأحدهم يشبّه الأمير محمد بن سلمان بالخليفة الراشد عمر بن الخطاب!

فيما تجاوز وطنجي آخر الغلو وادّعى أنّه نبي هذه الأمة!

بل تجاوز الامر ذلك بصنع تماثيل أشبه بالأصنام لوليّ العهد، بعضها مجسمات كبيرة تُوضع في الطرقات وبعضها صغيرة تُباع في المتاجر والأسواق!

فماذا يفعل من يشتري تمثال وليّ العهد؟ هل يقدّسه أم يتبرّك به؟.

ولأنّ معظم من كتب عن العبودية أكّد أنها اختيارية وليست إجبارية، فقد تفنّن العبيد في إظهار تذلّلهم.

فما بين صورة فتاة تعانق صورة ولي العهد، لتُبرز عبودية بغلاف الحب.

وبين من صوّر نفسه وهو يقبّل صورة وليّ العهد!، وظنّ أن هذا الفعل سيرتقي به ولم يدر أنه سيهوى به لقطيع العبودية.

بل أن بعض المطبّلين صوّر نفسه بعد أن نزل من سيارته ليمسح صورة الملك وولي العهد في أحد الشوارع العامة!

فهل فعل ذلك لقاء مال رخيص أم أن العبودية باتت سلوكًا فطريًا لك الكثيرين يتنفّسونها كالهواء ولا يستطيعون العيش بدونها؟!

فيما بلغ انتقاص الذات وإهانتها بأن يضع أحد العبيد صورة ولي العهد في بيته ويقول بأن “البيت متبارك والثلاجة مليانة بسببها!”

ومع بداية الحرب الروسية خرج مطبّل مسنّ على حافة قبره يقول للرئيس الروسي بوتين: صادق آل سعود، من صادَقهم كان حليفه النصر! فقيل له: إنه لا يعرف عربي، فقال: يترجمونه له.

والغريب أن الذين يسبّحون ليل نهار بحمد سيدهم ولي العهد هم نفسهم يطبّلون لصفقات رونالدو وبنزيمة الذين يتقاضون ملايين الريالات يوميًا.

أما هم… فيتقاضى كل منهم 5 آلاف ريال في الشهر كله، وبعضهم يطبّل مجانًا لإشباع غريزة الارتزاق!

وختاما لن ينهض بلد ما لم ينظر مواطنوه لحاكمهم ومسؤوليهم أنهم جاؤوا لخدمتهم لا لاستعبادهم، ولحكمهم لا للتحكّم فيهم.

هذا الغرب أمامنا تخلّص من تقديس الحاكم ونظر إليه كأجير لتسيير مصالح البلد وتمشيتها. ومن قبله الإسلام جاء لهدم كل الأصنام ومنها أصنام البشر وزرع العزة في نفوس معتنقيه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى