نظام آل سعود مهدد بانقلاب في مواقف الحليف الأمريكي
بعد ممارسات محمد بن سلمان وسجله الأسود فيما يتعلق بحقوق الانسان وحرب اليمن، يقود الديمقراطيون في الولايات المتحدة الأمريكية حملة قوية ضد المملكة، ويدعون إلى فرض عقوبات عليها بسبب ولي العهد ويؤيد عدد من الجمهوريين المرشحين للرئاسة هذه الدعوات.
ويعد مستقبل العلاقات بين واشنطن والرياض على رأس القضايا التي يتحدث عنها المرشحون للرئاسة الأمريكية، والذي زادت أهميته خلال الأشهر الأخيرة، وسط هجوم يشنه الديمقراطيون ضد ولي العهد، محمد بن سلمان، وسياساته في المنطقة.
ولا ينظر المرشحون الديمقراطيون، خصوصاً المتصدرين منهم حالياً، بكثير من الود للسياسات السعودية كما تعبر عن ذلك مواقفهم وتصريحاتهم، وهو ما يطرح سؤالاً: إلى أي مدى يجب على المملكة القلق من فوز أحدهم في حال خسر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الانتخابات القادمة، في نوفمبر 2020، أو تم عزله مبكراً؟
في 20 نوفمبر الجاري، كشف مرشحون لتمثيل الديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية المقبلة عن موقف صارم تجاه المملكة، وبينهم من هدد بمعاقبتها على خلفية حرب اليمن، ومقتل خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول في أكتوبر 2018.
وفي المناظرة التلفزيونية بين المرشحين لتمثيل حزبهم في الانتخابات الرئاسية 2020، قال جو بايدن، المرشح المحتمل: “سأعلنها صراحة، لن نقوم ببيع المزيد من الأسلحة للرياض، سنجبرهم في الواقع على دفع الثمن وجعلهم منبوذين”.
ووصف المرشح بيرني ساندرز (ما تمارسه) السعودية بأنه “ديكتاتورية وحشية”، وقال خلال المناظرة: “ما يجب أن نعرفه هو أن المملكة ليست حليفاً موثوقاً به، وعلينا إعادة التفكير في هوية حلفائنا حول العالم، والعمل مع الأمم المتحدة وعدم الاستمرار في دعم الديكتاتوريات الوحشة”.
من جهته قال المرشح كوري بوكر: إن الرئيس ترامب “عندما لم يتخذ الموقف الذي كان ينبغي اتخاذه عند قتل وتقطيع الصحفي العامل في إحدى الصحف الأمريكية أرسل بذلك إشارة إلى جميع الديكتاتوريين في العالم بأن الأمر كان مقبولاً”.
وشارك عشرة مرشحين في المناظرة، في حين يتنافس 17 ديمقراطياً لنيل ترشيح حزبهم، وهدفهم المشترك إخراج ترامب من البيت الأبيض، في نوفمبر 2020.
في 24 نوفمبر الجاري، نشر موقع “ذي هيل” الأمريكي، الذي يتابع شؤون الكونغرس الأمريكي، تقريراً تحدث عن تغيّر مسار العلاقات الأمريكية السعودية في حال فوز أحد المرشحين الديمقراطيين بانتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2020.
وأشار الموقع إلى أن عدداً من المرشحين الديمقراطيين دعوا -خلال المناظرة الأخيرة التي جرت بينهم- إلى إعادة النظر بطبيعة العلاقات الأمريكية السعودية، مذكّراً بكلام نائب الرئيس السابق، جو بايدن، (خلال المناظرة) حيث توعد بالتعاطي مع الرياض على أساس أنها دولة منبوذة.
ونقل الموقع عن نائب مدير “مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط”، أندرو ميلر، بأن العلاقات الأمريكية السعودية ستشهد تحولات، وبأن السؤال المطروح هو “حول مدى حجم التحولات”، كما نقل عنه بأن قيام المرشحين الديمقراطيين بتوجيه الانتقادات للرياض بشكل مباشر “هو مؤشر حقيقي على المشكلة الكامنة” أمام المملكة وولي العهد.
ونقل الموقع عن ميلر بأن الرياض ستجد صعوبة كبيرة في إدارة العلاقات مع الولايات المتحدة في حال مجيء أي إدارة أخرى غير إدارة ترامب.
الموقع نقل عن النائب الأمريكي عن الحزب الديمقراطي، رو خانّا، اعتقاده بأن الحزب الديمقراطي يدرك أن “السعودية مسؤولة عن أسوأ كارثة إنسانية في العالم في اليمن”، كما نقل عنه بأن الصحفي جمال خاشقجي قتل لأنه “امتلك الشجاعة ليتكلم عن اليمن”، وترجيحه بأن يشهد التحالف الأمريكي السعودي عملية “إعادة تقييم” أياً كان الرئيس الديمقراطي.
المحلل السياسي المختص بالشأن الأمريكي، أسامة أبو رشيد، يرى أن التصريحات التي أصدرها المرشحون الديمقراطيون “جادة؛ لأن هناك استياء من سياسات المملكة، وتحديداً تحت إدارة بن سلمان”، مشيراً إلى أن هذا الاستياء “ليس فقط من الديمقراطيين، بل حتى في أوساط الجمهوريين”.
وأشار “أبو رشيد” إلى أن أغلبية بين الجمهوريين والديمقراطيين “مستاءة من سياسات السعوديين في المنطقة”، لافتاً إلى أن الديمقراطيين يرون أن بن سلمان “قد تجاوز الكثير من الخطوط الحمراء فيما يتعلق بسياساته في المنطقة؛ مثل حصار قطر والحرب في اليمن ومقتل خاشقجي، إضافة إلى قربه من ترامب الذي جعل من العلاقة شخصية حزبية بعيداً عن الحسابات الاستراتيجية والعلاقات بين الدولتين”.
وعما ستنتجه الانتخابات في حال وصل للرئاسة ديمقراطي، قال أبو رشيد “القرب بين ترامب وبن سلمان، سيكون له ثمن وتداعيات على العلاقات بين السعودية وأمريكا في حال وصل ديمقراطي للرئاسة”.
وأوضح أن هذه التداعيات “ليس بالضرورة أن تكون جذرية أو إلغاء التحالف الاستراتيجي بين الدولتين؛ لأنها تبقى جزءاً من المنظومة الاستراتيجية في المنطقة، لكن ستحدث إعادة تعريف للعلاقة فيما بينهما”.
واستدل في حديثه عن تخوف الرياض من الديمقراطيين بالفترة التي تولى فيها الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، ولايته الثانية، وقال: “كان هناك توتر سياسي سعودي أمريكي، وعبر عنه نفسه في الاتفاق النووي الأمريكي الإيراني الذي كانت تعارضه المملكة، إضافة إلى التوتر الشخصي بين الملك سلمان وأوباما”.
ويرى أن ولي العهد كشخص “هو مصدر التوتر في العلاقة مع الولايات المتحدة، سواء مع الجمهوريين أو الديمقراطيين، إضافة إلى أجهزة الدولة (الاستخبارات والخارجية والدفاع) التي ليست سعيدة جداً بتوليه لولاية العهد”.
وحول ما إن كان تولي رئيس ديمقراطي سيدفع واشنطن لسحب قواتها من المملكة، قال “أبو رشيد, إن تلك القوات “ستعتمد على الحسابات العسكرية أكثر من الحسابات السياسية، وستخضع للظروف في وقتها، ولكن قد نشهد تصعيداً تحديداً لقطع ومنع الأسلحة الهجومية، ولا أستبعد أن يكون أول قرار يتخذه أي رئيس ديمقراطي قد يصل للمنصب”.
وخلال العامين الماضيين ضغط الديمقراطيون بشكل كبير ضد إدارة ترامب؛ بسبب بيع السلاح للسعودية في حربها في اليمن، وزاد الضغط بعد قتل خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، في أكتوبر 2018.
وفي يوليو الماضي، أيد مجلس النواب الأمريكي قرارات تمنع بيع ذخيرة أسلحة موجهة للمملكة ودولة الإمارات، وأحالها إلى البيت الأبيض؛ في مقابل وعد الرئيس ترامب باستخدام حق النقض.
وبعد مرور ما يقرب من شهر على موافقة مجلس الشيوخ على 22 قراراً ترفض خطة ترامب لبيع أسلحة بمليارات الدولارات، أقر مجلس النواب ثلاثة قرارات من الـ22.
وتعرقل القرارات الثلاثة بيع ذخائر أسلحة موجهة من إنتاج شركة “ريثيون” ومعدات متصلة بها للدولتين.
وكان رفض مجلس الشيوخ قرارات عدم الموافقة من المرات القليلة التي يعترض فيها المجلس، الذي يغلب عليه أعضاء الحزب الجمهوري، حزب ترامب، على سياسته الخارجية.
كما ذكرت “واشنطن بوست” حينها أن الديمقراطيين وبعض الجمهوريين بمجلس الشيوخ يريدون الذهاب أبعد من ذلك، ويحبذون التنصيص كذلك على حظر بيع الأسلحة الهجومية للمملكة، وهي الخطوة التي يرون أنها ستبعث رسالة قوية بخصوص مدى انزعاج الولايات المتحدة من ممارسات العائلة الحاكمة، وكذا التخفيف من وطأة التداعيات السلبية للحرب التي تقودها باليمن، والتي خلفت كوارث إنسانية.