معتقلي الرأي

اخفاء قسري ومصير مجهول لناشط إنساني في السعودية

تحظى حملة تم إطلاقها للمطالبة بالكشف عن مصير حياة الناشط الإنساني المعروف في السعودية عبد الرحمن السدحان بتفاعل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتحمل الحملة وسم: #حياة_السدحان_بخطر.
وتملك السعودية سجلا حقوقيا أسود فيما يتعلق بممارسة الإخفاء القسري والاعتقال التعسفي والتعذيب، وتعد قضية السدحان واحدة من أحدث الأمثلة على ذلك.
واختطفت قوة من المباحث السعودية السدحان قبل 16 شهرا وهو إلى اليوم مجهول المصير.
وتم اختطاف السدحان من مقر عمله في الهلال الاحمر السعودي بالرياض وقاموا بحجز هاتفه قبل نقله إلى مكان مجهول لتنقطع اخباره منذ ذلك الحين, ولم يظهروا مذكرة توقيف أو يشرحوا أسباب الاعتقال.
وأفاد جيرانه في اليوم التالي انهم رأوا مجموعة من الرجال يرتدون زي الشرطة وهم يدخلون منزله بالقوة, ثم مغادرة المنزل وهم محملون بأجهزته الالكترونية ومتعلقاته الشخصية.
وذكر أحد السجناء في سجن ذهبان أنه شاهد السدحان داخل مركز الاحتجاز في اكتوبر 2018.
وعلى الرغم من عدم معرفة اسباب اخفاء عبد الرحمن السدحان قسرا حتى الآن, إلا أنه اختفى خلال حملة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الشعواء على جميع فصائل المجتمع السعودي.
وربما يكون للسدحان نشاط في مجال حقوق الإنسان, لكنه لم يكن مشهورا بذلك كمان يقول المقربون منه.
وبعد أكثر من عام على اختفائه تحدثت عائلة السدحان عن ظروف اختفائه واعتقاله في سجون المملكة.
ففي اول مقابلة لتسليط الضور على القضية, قالت شقيقته اريج, إن العائلة تفترض أنه واحد من عشرات تعتقلهم السلطات السعودية, وأن العائلة تلقت بعد أيام من اختفائه اتصالا مجهول يقول إن مسؤولين يعتقد انهم من الشرطة السرية قبضوا على السدحان من مكاتب الهلال الأحمر بالرياض حيث كان يعمل.
وأشارت إلى أن أخر كلمات قالها السدحان لأسرته كانت “احبك يا امي”, ثم انقطع الاتصال بهم ولم يسمعوا عنه طوال عام كامل, ورفضت طلبات زيارته ولا يعرفون حتى سبب اعتقاله أو التهم الموجهة اليه.
وقالت اخته اريج إن الاسرة تؤمن بحرية التعبير, ونعلم أن الذي يعيش في المملكة يجب ان يكون حذرا, ولذا ما كان أخي ليتحدث علنا, لكننا نعتقد ولسنا متأكدين, أنه ربما عبر عن آرائه عبر وسائل التواصل الاجتماعي, أو بين اصدقاء وبطريقة ما اوقعه ذلك في مشكلة.
وبالنسبة لأسرة السدحان, فقد تلقت مؤخرا تأكيدات من السلطات بأنه احتجز بعد شهر من اعتقاله, وقالت اخته إن أخر معلومات تلقوها كانت في نوفمبر الماضي عندما أخبرتهم الجمعية الوطنية لحقوق الانسان أن أخاها نقل إلى سجن أخر, وأضافت أنهم سمعوا من أقارب معتقلين آخرين أنه عذب.
ومن جانبه, قال يحيى العسيري, مؤسس جماعة “قسط” الحقوقية, من داخل البلاد لم يتغير شيء ولكن من الخارج العالم يدرك ما يحدث ويستمع لنا.
وتقدر قسط ان ما لا يقل عن 150 شخصا, بين مدونين وأكاديميين وعلمان دين ورجال اعمال وناشطين, قد اعتقلوا على مدار السنوات الثلاثة الماضية.
ويصف العسيري السدحان بأنه “سجين ضمير”, وأنه واحد من خمس حالات وثقتها جمعية “قسط” على مدى السنوات الثلاث الماضية على أناس “اختفوا” بعد اعتقالهم, بما في ذلك صحفيون وداعية وحاج سوري.
وتمارس سلطات آل سعود الاختفاء القسري على نطاق واسع ضد المعارضين والناشطين في مجالات حقوق الإنسان والعمل الإنساني إضافة إلى الصحفيين والمدونين.
والاختفاء القسري هو إكراه شخص على الاختفاء دون أثر, واحتجازه وعدم السماح له بالتواصل مع العالم الخارجي.
حياة السدحان بخطر هذه هي التغريدة التي قام النشطاء بنشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي, فالفترة التي قضاها حتى الآن ومصيره مجهول تثير القلق على حياته وصحته, ولذلك طالب النشطاء السلطات السعودية بالكشف الفوري عن مصيره والسماح له بالتواصل مع اهله.
ويعد الاختطاف القسري جريمة حقوقية كبرى لا تغتفر, فبلا أسباب قانونية ولا أوامر قضائية ولا مذكرات اعتقال تم اختطاف المئات وابقائهم رهن الاعتقال التعسفي في ظروف سجن لا إنسانية.
وتزايدت عمليات الاختفاء القسري في السعودية في ظل تغول السلطات بإخفاء المعتقلين لديها قسريا ومنع عائلاتهم من أي معلومات تخصهم أو حول التهم الموجه إليهم, أو معرفة مكان اعتقالهم أو زيارتهم.
وبحسب المصادر فإن الاعتقالات استهدفت المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يطالبون ويدافعون عن حقوق المرأة وعن اسقاط نظام الولاية وإضافة إلى معتقلي الرأي الذين يطالبون بوقف انتهاكات حقوق الإنسان وإصلاح نظام الحكم في المملكة وتطبيق مبادئ حقوق الانسان على المواطنين.
وقد عبّرت مؤخرًا “منظمة العفو الدولية” عن هذا الوضع، بأن “وجود نشطاء حقوق الإنسان اليوم في السعودية مهددون بالانتهاء, إذ أنهم يختفون واحداً تلو الآخر”.
وفي ذات الإطار، طالب، محاميان بريطانيان بتعليق عضوية السعودية في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة على خلفية انتهاكات حقوقية، بينها اعتقال أو اختفاء قسري لـ61 شخصًا منذ أيلول/سبتمبر 2017.
ولا تعترف السعودية بعديد المواثيق الدولية الرئيسية، منها العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما لم تصادق المملكة على الاتفاقية الدولية المتعلقة بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
وتكشف السعودية بانتهاكاتها الممنهجة لحقوق الإنسان عن الوجه الحقيقي لها كمملكة رعب تلاحق من يعبرون عن آرائهم ومواقفهم المخالفة لها, بل حتى الصامتين.
وسبق أعربت المنظمات الدولية والحقوقية مرارا عن إدانتها لانتهاكات حقوق الإنسان في السعودية وطالبت بالإفراج الفوري عن معتقلي الرأي في المملكة وتحسين ظروف اعتقالهم وفق المعايير والقوانين والمعاهدات الدولية والكشف عن أماكن اعتقال الاشخاص الذين أخفتهم السلطات السعودية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى