أخبار

جرائم حرب موثقة دوليا لآل سعود في اليمن

توثق كبرى المنظمات الحقوقية الدولية ارتكاب نظام آل سعود جرائم حرب مروعة بحق المدنيين في اليمن خلال سنوات حربه الإجرامية المستمرة منذ 2015.

ولا يُظهر النزاع في اليمن أي مؤشرات حقيقية على الانحسار مع دخوله عامه السادس، ولا يزال المدنيون من جميع أنحاء البلاد والأجيال يتحملون وطأة الأعمال القتالية العسكرية والممارسات غير القانونية للجماعات المسلحة الحكومية وغير الحكومية على حد سواء.

وقالت منظمة العفو الدولية في تقرير حديث لها إن تحالف آل سعود يرتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك ما قد يصل إلى جرائم حرب، في جميع أنحاء اليمن.

بحلول نهاية 2019، تشير التقديرات إلى أن أكثر من 233 ألف يمني لقوا مصرعهم نتيجة القتال والأزمة الإنسانية. في غضون ذلك، وثقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان قتل وجرح أكثر من 200 ألف مدني في القتال منذ مارس/آذار 2015. وقد اشتدت أزمة إنسانية من صنع الإنسان مع ما يقرب من 16 مليون شخص يستيقظون جوعى كل يوم.

ومنذ 2015، نفَّذت قوات تحالف آل سعود عشرات الغارات الجوية العشوائية وغير المتناسبة على المدنيين والأعيان المدنية فأصابت المنازل والمدارس والمستشفيات والأسواق والمساجد ومواكب الأعراس والجنازات.

وقد وثَّقت منظمة العفو الدولية 42 ضربة جوية للتحالف شكَّلت انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني، ويصل العديد منها إلى حد جرائم الحرب. وقد نتج عنها سقوط 518 قتيلاً و433 جريحاً من المدنيين.

ففي 28 يونيو/حزيران، استُخدمت ذخيرة دقيقة التوجيه صُنعت في الولايات المتحدة الأمريكية في هجوم جوي للتحالف على منزل سكني في محافظة تعز، وهو ما أدى إلى مقتل ستة مدنيين. وكان من بين القتلى ثلاثة أطفال. وفي 1 سبتمبر/أيلول، أدت ضربة جوية استهدفت منشأة احتجاز يسيطر عليها “الحوثيون” في مدينة ذمار بجنوب غرب البلاد إلى مقتل 130 محتجزاً وإصابة 40 آخرين.

كما وثَّقت منظمة العفو الدولية استخدام التحالف ستة أنواع مختلفة من الذخائر العنقودية، من بينها نماذج مصنوعة في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والبرازيل، في محافظات صنعاء وحجة وعمران وصعدة.

وتُستخدم الأسلحة غير الدقيقة بشكل يومي في المناطق السكنية، مما يسبب خسائر في صفوف المدنيين ومثل هذه الهجمات بلا تمييز تشكل انتهاكاً لقوانين الحرب.

ومنذ نشوب النزاع قدَّمت مجموعة من الدول معدات عسكرية إلى قوات التحالف تزيد قيمتها على 15 مليار دولار أمريكي. وفي حين أن المملكة هي المتلقِّي الرئيسي لتلك المعدات، فإن دولاً غربية أمدَّت الإمارات ببوارج حربية تزيد قيمتها على 3.5 مليار دولار أمريكي، وطائرات مقاتلة ودبابات وعربات مدرعة وأسلحة صغيرة وأسلحة خفيفة وقطع غيار وذخائر لتلك الأسلحة.

وعلى الرغم من توفر أدلة دامغة على أن هذه الأسلحة تُستخدم في ارتكاب جرائم حرب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة في اليمن، فإن دولاً من قبيل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، وغيرها من البلدان الأوروبية لا تزال تزوِّد قوات التحالف بالأسلحة، في انتهاك لالتزاماتها الدولية، ومنها معاهدة الحد من الأسلحة، بالإضافة إلى قوانين الاتحاد الأوروبي والقوانين الوطنية.

وقد أبرز تحقيق مفتوح أجرته منظمة العفو الدولية الخطر المتنامي في نزاع اليمن لأن الإمارات تسلِّح المليشيات بطائفة من الأسلحة المتطورة بشكل متهوِّر. ويُظهر التحقيق كيف أصبحت الإمارات قناة رئيسية لتوصيل العربات المدرعة وأنظمة الهاون والبنادق والمسدسات والرشاشات، التي يتم تحويلها سراً إلى مليشيات لا تخضع للمساءلة ومتهمة بارتكاب جرائم حرب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة.

ولم توقف عمليات بيع ونقل الأسلحة إلى المملكة والإمارات وغيرهما من الدول الأعضاء في التحالف سوى حفنة من الدول، كهولندا والنرويج والدانمرك وفنلندا وسويسرا.

وحثت منظمة العفو الدولية جميع الدول على عدم تزويد أي طرف من أطراف النزاع في اليمن – سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة – بالأسلحة أو الذخائر أو المعدات العسكرية أو التكنولوجيا التي يمكن استخدامها في النزاع إلا بعد أن تضع حداً لمثل تلك الانتهاكات الخطيرة. وهذا ينطبق أيضاً على الدعم اللوجستي والمالي لمثل عمليات النقل تلك.

وعلى مدى السنوات اللاحقة امتدت رقعة النزاع لتشمل البلاد بأسرها وشهد تكاثر أطراف النزاع، من بينها عدد من الجماعات المسلحة المدعومة من التحالف.

فالإمارات شريك آل سعود في حرب اليمن رغم أنها ذكرت أنها انسحبت من اليمن في أكتوبر/تشرين الأول 2019 ما انفكَّت تقوم بتدريب وتمويل وتسليح جماعات مسلحة مختلفة منذ منتصف العام 2015 حتى أواخره، ودعمت بذلك انتشار العديد من المليشيات التي لا حصر لها والتي لا تخضع للمساءلة، من قبيل “الحزام الأمني” و”قوات العمالقة” و”قوات النخبة”.

وبحسب العفو الدولية قامت كل أطراف النزاع بممارسات غير قانونية، مثل الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. وقد شمل هؤلاء أشخاصاً من جميع مناحي الحياة، استُهدفوا فقط بسبب انتماءاتهم السياسية أو الدينية أو المهنية أو لنشاطهم السلمي.

على سبيل المثال، قامت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بمضايقة وتهديد النشطاء واحتجازهم تعسفياً، بمن فيهم نشطاء حقوق الإنسان.

وشنت القوات المدعومة من الإمارات في جنوب اليمن حملة من الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري، بما في ذلك 51 رجلاً وثقت منظمة العفو الدولية حالاتهم، وهم محتجزون في شبكة من السجون السرية، في ظروف قد ترقى إلى جرائم حرب.

ولا يزال المدنيون اليمنيون يعانون على أيدي جميع أطراف النزاع. وقام تحالف آل سعود بتضييق الحصار البحري والجوي الجزئي على اليمن في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، مما عمَّق الأزمة الإنسانية الناجمة عن النزاع.

أسفرت المعركة المتقطعة من أجل السيطرة على الحديدة عن سقوط مئات القتلى والجرحى؛ وذكرت الأمم المتحدة أن نحو مليون شخص فرُّوا من المحافظة خلال العام. وفي ديسمبر/كانون الأول، نتج عن محادثات السلام التي عُقدت في السويد اتفاق تضمَّن تبادل السجناء ووقف إطلاق النار في محافظة الحديدة.

وإلى جانب التسبب بقتل وجرح آلاف المدنيين، فقد تسببت أطراف النزاع بتفاقم الأزمة الإنسانية الحادة أصلاً، والناجمة عن سنوات الفقر وتردي الحوكمة، نجمت عنها معاناة إنسانية هائلة.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار طبيعة النزاع الطويل الأمد، فإن آليات التكيف لدى السكان المدنيين تتفاقم وتصبح ضيقة. إذ أن حوالي 24.1 مليون يمني باتوا الآن بحاجة إلى مساعدات إنسانية كي يبقوا على قيد الحياة.

فوفقًا لمنظمة اليونيسف، ترك النزاع على الأقل500 ألف من العاملين في القطاع العام بدون رواتب لمدة ثلاث سنوات، وتقدر المنظمة أن 12.24 مليون من الأطفال في حاجة المساعدات.

إن الظروف الاقتصادية المزرية زادت الأزمة الإنسانية الكارثية أصلاً في البلاد سوءاً. ومع تضخم الريال اليمني، وعدم قدرة الحكومة على دفع رواتب العاملين في القطاع العام، شهد العام 2018 موجة من المظاهرات التي اتَّسع نطاقها في شتى أنحاء جنوب اليمن، حيث خرج الناس احتجاجاً على الفساد، وحمَّلوا الحكومة مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي، الذي أدى إلى عدم قدرة الأغلبية العظمى من اليمنيين على شراء السلع الأساسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى