فضائح السعودية

السعودية تشارك في إسقاط مسيّرات إيران لحماية إسرائيل

وتتستّر خلف بيانات دبلوماسية

في تطور يفضح ازدواجية الرياض وسياساتها الملتبسة في المنطقة، كشفت صحيفة إسرائيل هيوم أن السعودية شاركت عملياً في عمليات إسقاط الطائرات المسيّرة والصواريخ التي أطلقتها إيران خلال المواجهة الأخيرة مع إسرائيل، في خطوة تثير تساؤلات حول أولويات المملكة واصطفافاتها الفعلية في الصراع الإقليمي.

ووفق الصحيفة، لم تكتفِ القوات الجوية السعودية بحماية مجالها الجوي، بل دفعت بطائرات ومروحيات لاعتراض طائرات مسيّرة إيرانية حلّقت فوق العراق والأردن، قبل أن تقترب من أجواء المملكة أو تبلغ إسرائيل.

وأشارت المصادر إلى أن بعض هذه المسيّرات الإيرانية كانت تتجه مباشرة نحو أهداف في إسرائيل، لكن السعودية أسقطتها في الأجواء الإقليمية، في إجراء استباقي يصبّ عملياً في مصلحة إسرائيل.

هذه المعلومات تعزز صورة السعودية كدولة تنسق في الخفاء مع إسرائيل لحماية أمنها، بينما تواصل التشدق في العلن بخطاب داعم لفلسطين أو مدافع عن سيادة الدول العربية.

تسليح أمريكي يضمن الولاء

السعودية، التي تمتلك واحداً من أقوى الأسلحة الجوية في المنطقة بفضل مليارات الدولارات من صفقات التسليح الأمريكية، أثبتت مرة أخرى أنها توظف هذه الترسانة ليس لحماية قضايا الأمة أو الدفاع عن الشعوب العربية، بل لخدمة مصالح واشنطن وتل أبيب حين تدعو الحاجة.

فقد أبرمت الرياض صفقات ضخمة للتسلح مع الولايات المتحدة خلال عهد الرئيس دونالد ترامب في 2017، توسعت لاحقاً في زيارات ولي العهد محمد بن سلمان، الذي يبدو مصمماً على وضع المملكة في موقع «الذراع الأمنية» للمصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، مهما حاول إخفاء ذلك خلف شعارات السيادة والاستقلال.

ازدواجية الموقف السعودي

ورغم المعلومات المؤكدة عن مشاركتها في إسقاط المسيّرات الإيرانية، امتنعت السعودية حتى الآن عن إعلان دورها بشكل رسمي. بل ذهبت أبعد من ذلك بإصدار بيان يدين الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران، في محاولة مكشوفة للإيحاء بأنها ترفض التصعيد أو العدوان، بينما تكشف الوقائع أنها طرف مباشر في المعركة لصالح إسرائيل.

هذه الازدواجية ليست جديدة على الرياض، لكنها اليوم أكثر فجاجة من أي وقت مضى. فالمملكة تحاول الترويج لصورة الدولة الساعية للتهدئة والانفتاح، لكنها عملياً تضع قواتها وإمكاناتها الجوية لخدمة أجندة إسرائيل، حتى لو كلّف ذلك توريط المنطقة في حروب أوسع.

تحالفات جديدة تكرّس الهيمنة

كشف التقرير الإسرائيلي عن حجم التنسيق غير المسبوق الذي جرى خلال المواجهة الأخيرة، بمشاركة عدد من الدول الإقليمية والدولية، منها الأردن وبريطانيا وفرنسا، إلى جانب الجيش الأمريكي الذي لعب الدور الأبرز في إدارة العمليات.

لكن اللافت أن السعودية، كدولة يفترض أنها قائدة للعالم الإسلامي السنّي، انخرطت في عمليات عسكرية جوية لمصلحة إسرائيل دون إعلان، بينما تواصل التظاهر بأنها «على الحياد» أو «حريصة على استقرار المنطقة».

والأدهى من ذلك، أن الرياض شدّدت في أكثر من مناسبة على أنها لن تسمح باستخدام أجوائها لضرب أهداف إيرانية مباشرة، لتوحي بأنها ترفض استهداف طهران، لكنها في المقابل تبادر لاعتراض المسيّرات الإيرانية قبل أن تصل إلى إسرائيل، لتوفر لها مظلة أمان استراتيجية.

إيران أطلقت ألف مسيّرة… والسعودية تتدخل لحماية إسرائيل

ووفق المعلومات الإسرائيلية، أطلقت إيران أكثر من ألف طائرة مسيّرة وصاروخ نحو إسرائيل خلال التصعيد الأخير، لكن الغالبية العظمى منها جرى اعتراضها بعيداً عن حدود إسرائيل، في العراق والأردن وفي المجال الجوي الإقليمي، حيث لعبت السعودية دوراً أساسياً.

ولا شك أن عمليات الاعتراض كانت ثمرة سنوات طويلة من التدريبات والتنسيق بين إسرائيل وشركائها الغربيين، لكن الدور السعودي الذي ظل طي الكتمان حتى الآن يضع علامات استفهام كبيرة حول حقيقة أولويات الرياض.

فبينما تعلن المملكة أنها ضد التطبيع الكامل مع إسرائيل أو مع ضرب إيران، تكشف الوقائع أنها متورطة حتى العظم في معارك تخدم إسرائيل أولاً وأخيراً.

قيادة أمريكية وتنسيق استخباراتي مكثّف

القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) كانت مركز العمليات الحقيقية لهذه المواجهة، بقيادة الجنرال مايك كوريلا الذي جلس شخصياً في غرفة العمليات المشتركة لإدارة تنسيق عمليات الدفاع، بالتعاون مع إسرائيل ودول أوروبية مثل بريطانيا وفرنسا وإيطاليا واليونان.

كما تلعب شعبة التخطيط الدولي في الجيش الإسرائيلي دوراً محورياً في توطيد هذه التحالفات العسكرية، إذ تدير علاقات مكثفة مع القيادة المركزية الأمريكية ومع جيوش المنطقة، ومن بينها السعودية، ما يكشف عمق العلاقات الأمنية والعسكرية التي تتجاوز بكثير الخطابات السياسية المعلنة.

السعودية… من لاعب عربي إلى حارس مصالح إسرائيل

إن اشتراك السعودية في إسقاط المسيّرات الإيرانية فوق العراق والأردن لم يكن لحماية العرب ولا دفاعاً عن شعوب المنطقة، بل دفاعاً عن أمن إسرائيل ومصالح أمريكا.

وبينما يواصل الإعلام السعودي العزف على أوتار دعم القضية الفلسطينية، يتضح أكثر من أي وقت مضى أن المملكة تحولت من لاعب إقليمي مستقل إلى حارس مصالح إسرائيل، يشارك في صدّ أي تهديد قد يطاولها، حتى لو جاء من إيران، خصمها اللدود.

وها هي السعودية، التي لطالما قدّمت نفسها زعيمة للعالم الإسلامي، تجد نفسها اليوم في موقع المتهم بالمشاركة في حروب تخدم الاحتلال، بينما تتستّر خلف بيانات دبلوماسية جوفاء لا تقنع أحداً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى