الرياض تستقبل آلة الدعاية الإسرائيلية.. اندفاع سعودي نحو التطبيع العلني

في تطور صادم يكشف حجم الاندفاع السعودي نحو التطبيع العلني مع إسرائيل، ظهرت الإعلامية الصهيونية المعروفة إيميلي أوستن في العاصمة الرياض كمراسلة لمنصة DAZN، وسط ترحيب رسمي غير معلن، لكنّه واضح من خلال منح منصتها حقوق التغطية في فعاليات موسم الرياض.
ويرى مراقبون أن هذا الوجود لم يكن مجرد مشاركة صحفية عابرة، بل إشارة سياسية مدروسة تؤكد أن التقارب بين الرياض وتل أبيب بات يتجاوز الكواليس إلى مرحلة الظهور العلني، حتى إن كان على حساب مشاعر ملايين العرب والمسلمين.
وعلى مدى العامين الماضيين، تحولت أوستن إلى واحدة من أبرز الأصوات المروّجة للدعاية الإسرائيلية المتطرفة في الولايات المتحدة. كانت حاضرة في حرب غزة منذ يومها الأول، ليس كصحفية محايدة، بل كـ”أداة دعائية” تُعيد إنتاج السرديات العسكرية الإسرائيلية وتبرّر الإبادة الجماعية ضد المدنيين الفلسطينيين.
تخصصها كان واضحًا: نزع إنسانية الفلسطينيين، شيطنة الضحايا، والدفاع بوقاحة عن جرائم الجيش الإسرائيلي. ظهورها في الرياض ليس تفصيلاً، بل صفعة سياسية وأخلاقية لكل من لا يزال يؤمن بأن المملكة “تتمسك بثوابت القضية الفلسطينية”.
DAZN… المنصة التي فُتحت لها الأبواب في الرياض
منصة DAZN ليست شركة رياضية عادية. فهي مملوكة للملياردير اليهودي الصهيوني لين بلافاتنيك، أحد أكبر الداعمين للمشاريع الإعلامية والثقافية المرتبطة بإسرائيل، وصاحب شبكة علاقات واسعة مع شخصيات نافذة في الشرق الأوسط، من بينهم تركي آل الشيخ.
وبلافاتنيك ليس مجرد رجل أعمال مهتم بالرياضة. هو شخصية شديدة التأثير في قطاعات الضغط السياسي والثقافي في الولايات المتحدة، ويُعد من الوجوه التي دعمت إسرائيل ماليًا وإعلاميًا خلال حرب غزة. ومع ذلك، يتعامل معه المسؤولون السعوديون اليوم كشريك تجاري مفضل، مانحين منصته حقوق نقل أبرز فعاليات موسم الرياض.
والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا أصبح المال الإسرائيلي وشركاته مرحّبًا بها في بلد يعلن في الإعلام أنه “لن يطبع دون حل شامل” بينما يمارس على الأرض عكس ذلك؟
ويرى المراقبون أن وجود إيميلي أوستن في الرياض لا يحدث صدفة. منصتها تعمل مع الفعاليات الرياضية السعودية منذ سنوات، لكن اختيار مراسلة إسرائيلية الهوى والسلوك يُعد خطوة رمزية لا يمكن تجاهلها.
فالرياض اليوم لا تسعى فقط إلى شراء نفوذ إعلامي عالمي عبر الرياضة، بل تسعى إلى الحصول على الشرعية الأمريكية عبر بوابة العلاقات الإسرائيلية، في زمن أصبح فيه “اللوبي الصهيوني” هو الطريق الأقصر لكسب الرضا في واشنطن.
والثمن؟ قبول وجود شخصيات تبرر إبادة الفلسطينيين فوق أراضي مكة والمدينة.
ومن جهة، تعلن السعودية دعمها للحقوق الفلسطينية في المحافل الدولية، وتدعو إلى وقف الحرب في غزة. ومن جهة أخرى، تفتح البلاد أمام صحفيين ومنصات إسرائيلية الهوى، وتمنحهم مساحة عمل داخل عاصمتها وصلاحيات واسعة في تغطية أكبر فعالياتها.
هذه الازدواجية لم تعد مقنعة لأحد. فبينما تُقصف غزة بلا هوادة ويُقتل عشرات آلاف المدنيين، تختار الرياض تعزيز علاقاتها مع شبكات إعلامية تمارس التضليل والتحريض وتبرير القتل الجماعي.
والمخيف في المشهد ليس مجرد دخول إعلامية صهيونية إلى الرياض، بل ما يعكسه هذا الدخول من تحوّل استراتيجي بحيث تبدو القيادة السعودية وكأنها ترى في التطبيع مع إسرائيل ضرورة اقتصادية وسياسية لتثبيت نفوذها الإقليمي وإرضاء واشنطن. وفي هذا السياق، تصبح القضية الفلسطينية مجرد ورقة تفاوض، لا مبدأ ولا التزامًا تاريخيًا.




