مشاريع محمد بن سلمان تضع السعودية في مواجهة خيارات مالية صعبة
تجد السعودية نفسها في مواجهة خيارات مالية صعبة مع تزايد فواتير المشاريع المستقبلية العملاقة لولي العهد محمد بن سلمان في إطار رؤية 2030.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن المملكة استقطبت أكثر من 54 مليار دولار هذا العام لتمويل طموحاتها الإنفاقية الضخمة – أي ما يعادل حوالي 5% من إجمالي ناتجها المحلي.
فقد زادت المملكة من ديونها وباعت أسهماً في شركة أرامكو النفطية ذات الجوهرة التاجية وسحبت رهانات على عمالقة التكنولوجيا الأمريكية.
لكن حتى مع ضخ الأموال الجديدة، تواجه المملكة ا خيارات مالية صعبة على نحو متزايد، مع تزايد فواتير المشاريع المستقبلية العملاقة المخطط لها وإصلاح الاقتصاد – وتضييق سبل دفع ثمنها.
وإجمالاً، أطلقت الحكومة السعودية مشاريع تزيد قيمتها عن تريليون دولار تحت مظلة رؤية 2030، وهي خطة محمد بن سلمان المزعومة لتحويل الاقتصاد بسرعة بعيداً عن النفط.
وفي مواجهة محدودية الأموال، يقول المسؤولون السعوديون إنهم بدأوا في تقليص بعض تلك الخطط، التي تواجه فجوات تمويلية بمئات المليارات من الدولارات.
وقال تيم كالين، الزميل الزائر في معهد دول الخليج العربي للأبحاث في واشنطن: “سيكون من الصعب تكرار بعض الصفقات الأخيرة”.
وهو يعتقد أن السعوديين يتوقعون أن ترتفع أسعار النفط بشكل كبير في السنوات المقبلة، وهو نهج محفوف بالمخاطر قد يعني خيارات صعبة، خاصة إذا انخفض النفط.
روج المسؤولون السعوديون إنهم واثقون من أنهم على وضع مالي مستقر – ولديهم الكثير من الروافع التي يمكنهم استخدامها لمواصلة تمويل استثماراتهم.
وصرح وزير المالية السعودي محمد الجدعان في مقابلة مع قناة CNBC بأن الحجم الحالي للعجز – حوالي 2% من الناتج المحلي الإجمالي – هو في مستوى مقبول.
وقال: “طالما أن هذا العجز سيغذي النمو والبرامج والاستراتيجيات الرأسمالية، أعتقد أنه عجز جيد، وليس عجزاً سيئاً”.
ومع ذلك، فإن الأصول الثمينة للمملكة – حصتها البالغة 97% في شركة أرامكو، المعروفة رسمياً باسم شركة النفط العربية السعودية – لم تثبت أنها السخّان الذي كان يتصور إنفاق الأموال.
وقال أشخاص مطلعون على الخطط إن المسؤولين السعوديين كانوا يتطلعون في البداية إلى جمع ما بين 40 إلى 50 مليار دولار عن طريق بيع أسهم إضافية في الشركة للمستثمرين.
لكنها استقرت في نهاية المطاف هذا الشهر على جمع 11.2 مليار دولار بعد أن قام المصرفيون بجولة في السوق، حيث تم بيع 0.64% من أسهم الشركة.
وفي حين أن القيمة السوقية لأسهم الحكومة في أرامكو تبلغ حوالي 1.8 تريليون دولار، فإن العثور على مستثمرين عالميين لشراء أسهم بعشرات المليارات من الدولارات من الأسهم سيكون صعبًا في أي شركة.
وإن إدراج أرامكو في بورصة المملكة العربية السعودية الصغيرة، حيث لا تعمل العديد من الصناديق الغربية، يجعل المهمة أكثر صعوبة.
وفي الوقت نفسه، لم تتزحزح أسهم أرامكو بالكاد على مدى السنوات الثلاث الماضية حتى مع ارتفاع أسهم الشركات المنافسة مثل إكسون موبيل وشل بأكثر من 70%.
وقال كريغ كوبن، وهو مصرفي استثماري كبير سابق في بنك أوف أمريكا ومدير عام في شركة سيدا إكسبيرتس حاليًا، إن جمع مبالغ أكبر بكثير من طرح هذا الشهر سيكون صعبًا في المستقبل.
وأضاف كوبن: “إنها شركة جذابة – إنها شركة مربحة للغاية – ولكنها شركة ذات أسهم كثيرة وهناك بعض الرياح المعاكسة الهيكلية”.
مصدر آخر للنقد له حدوده أيضًا. ففي الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، باع صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وهو صندوق سيادي، ما يقرب من 15 مليار دولار من الأسهم في الشركات الأمريكية – معظمها في شركات التكنولوجيا – تاركاً محفظة بقيمة 20.5 مليار دولار حتى شهر مارس، حسبما أظهرت إيداعات الأوراق المالية.
أما الاستثمارات الدولية الأخرى لصندوق الثروة السيادية فهي إلى حد كبير حصص في شركات خاصة يستغرق بيعها وقتاً أطول – واستثمارات مقيدة في صناديق الأسهم الخاصة التي تستغرق سنوات حتى تعود الأموال.
وما يغذي المخاوف هو حجم رؤية 2030، حيث يذهب جزء كبير من الأموال إلى أكثر من عشرين مشروعًا عقاريًا عملاقًا وإنشاء منطقة جديدة كاملة تسمى نيوم.