ما لا تعرفه عن الذراع التنفيذي لانتهاكات محمد بن سلمان
يعد سعود القحطاني الذراع التنفيذي لانتهاكات محمد بن سلمان وصاحب سجل أسود في الجرائم داخل وخارج المملكة.
ويوصف القحطاني بأنه واحد من رجلين اثنين من أهم منفذي سياسيات الإدارة الجديدة في الرياض، مثل الإطاحة بولي العهد السابق، واعتقال أمراء ورجال أعمال في الريتز كارلتون، واحتجاز رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، كما تحمل الأزمتان مع قطر وكندا توقيعه كمنفذ ومهندس من بين أهم المنفذين.
القحطاني الذي عُرف بكتابة الشعر، تم تعيينه في الديوان الملكي منذ عشر سنوات، ولأن الديوان الملكي هناك تديره المكائد فقد أصبح الرجل على دراية كبيرة بتدبير المؤامرات لصعود ولي العهد والإطاحة بخصومه، حسبما أشارت مصادر مقرّبة من الأسرة المالكة.
كان من ضمن اهتمامات القحطاني التي يبدو أنها أثارت إعجاب ولي العهد، اهتمامه بالأمن السيبراني وبرامج التجسس، حيث أنه في عام 2012، استُخدم البريد الإلكتروني الحكومي للقحطاني في طلب خدمات من فريق قرصنة إيطالي، حيث تم إرسال طلب للشركة بإرسال مجموعة ممن لديهم “قدرات فائقة ومعرفة تقنية عالية”، كي يوضحوا طبيعة الخدمات التي يقدمونها مع تحمل القحطاني وجهته كامل التكاليف والمصروفات.
قبل دخوله على سكايب للإشراف على قتل وتقطيع جثة الصحفي السعودي جمال خاشقجي، عُرف عن القحطاني أنه المسؤول عن إدارة عمليات مواقع التواصل الاجتماعي لصالح الديوان الملكي، وكان بمثابة البوق الدعائي الرئيسي لمحمد بن سلمان.
ولد سعود بن عبد الله القحطاني في السابع من تموز/يوليو 1978 في الرياض. حصل على شهادة البكالوريوس في القانون من جامعة الملك سعود، وذلك قبل أن ينضم إلى القوات الجوية الملكية في برنامج تدريبي، ترقّى بعده في الدرجات حتى وصل إلى رتبة نقيب، ثم التحق بعدها بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، وحصل على شهادة الماجستير في العدالة الجنائية.
بدأ سعود القحطاني مسيرته بالترويج للأسرة آل سعود في صحف محلية، وراح ينشر قصائد “تسحيج” أو “نفاق” وطنية تحت اسم مستعار هو “ضاري”.
وفي بداية الألفية، عمل سعود القحطاني لدى الرئيس السابق للديوان الملكي، خالد التويجري، وذلك كي يدير له جيشًا إعلاميًا إلكترونيًا مهمته تعزيز صورة المملكة.
ثم تنقل سعود القحطاني في عدة مناصب حكومية، حتى شغل منصب المستشار القانوني لمكتب ولي العهد حينها، عبد الله بن عبد العزيز في العام 2003، ثم مدير الشؤون الإعلامية لنفس المكتب في العام 2004.
في العام 2008، أصبح سعود القحطاني مدير عام مركز الرصد والتحليل الإعلامي بالديوان الملكي، وبعد ذلك بعام، انضم إلى منتدى “”Hack Forums””، باسم “”nokia2mon2″”.
وفي العام 2011، أنشأ حسابًا على تويتر باسم “@saudq1978”.
في العام 2012، تواصل سعود القحطاني لأول مرة مع فريق “Hacking Team”، باستخدام عنوان بريده الإلكتروني (saud1978@gmail.com)، ثم تواصل معهم مرة أخرى في العام 2015، باستخدام عنوانه بريده الإلكتروني الرسمي التابع للديوان الملكي.
في كانون الأول/ديسمبر 2015، أصدر الملك سلمان أمرًا ملكيًا بترقية سعود القحطاني إلى مستشار في الديوان الملكي برتبة وزير.
بعد ذلك بستة شهور أعلن العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز عن تغييرات كبيرة في البيت الملكي، جاء على إثرها تصعيد ابنه محمد بن سلمان ليكون وليًا للعهد.
تولى سعود القحطاني العديد من المناصب الرفيعة في مركز الدراسات والشؤون الإعلامية في الديوان الملكي، حتى تولى إدراته في العام 2016.
واستخدم سعود القحطاني هذا المركز، والذي كان يعمل باستقلالية عن الوزارات الأخرى، ليكون قاعدة لعملياته التي هدفت لمساعدة الملك سلمان والأمير محمد بن سلمان للتمكين للأخير بعد التغيرات الكبيرة التي أطاحت بأفراد آخرين من العائلة الحاكمة.
تراوحت هذه الجهود بين التعاون مع شركات علاقات عامة عالمية، من بينها مجموعة “BGRK”، وسكواير باتون بوغز (Squire Patton Boggs)، إلى حملات قمع وتهديد تضمنت عمليات خطف وتعذيب وقتل.
في ربيع عام 2017، عمل سعود القحطاني ومركزه مع قوات التدخل السريع الخاصة المعروفة باسم “النمور السوداء” التابعة لمخابرات آل سعود، وذلك من أجل تنظيم عمليات خطف للمعارضين والمنتقدين، سواء داخل المملكة أو خارجها، وحجزهم في مواقع اعتقال سرية.
وقد شاركت قوات “النمور السوداء” في العديد من العمليات، من بينها جريمة قتل خاشقجي.
بعد أشهر، وفي تشرين الثاني/نوفمير 2017، شارك سعود القحطاني في استجواب رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، والذي اعتقل في الرياض، وتعرض للإهانة والضرب وأجبر على الاستقالة.
واستمرت حملة القمع في العام 2018، وكانت أبرز ضحاياها هذه المرة عدد من الناشطات النسويات السعوديات اللواتي كن ينادين بمنح المرأة السعودية حقوقها والسماح لها بقيادة السيارات، حيث خضعت العديد منهن للاعتقال والتعذيب.
ومن بين هؤلاء لجين الهذلول، التي أخبرت أخاها بأنها تعرضت لأشكال من التعذيب مثل الإيهام بالإغراق بالماء (waterboarding) والتعذيب بالكهرباء في سجن قرب جدّة. أما من أشرف على تعذيبها فكان سعود القحطاني نفسه، وذلك وفق الهذلول، التي قالت إن أحد المساعدين المقربين من ابن سلمان، كان شاهدًا على تعذيبها، ويسخر منها وهو يهددها بالاغتصاب والقتل.
توجه اهتمام سعود القحطاني إلى وسائل التواصل الاجتماعي من أجل إسكات الأصوات المعارضة وتعقبها ومراقبتها، مطلقًا حملات إلكترونية ضد دول تناصبها السعودية العداء، مثل إيران وقطر وتركيا.
وفي تغريدة للقحطاني في آب/أغسطس 2017، دعا سعود القحطاني متابعيه الذين يزيد عددهم على مليون متابع، إلى استخدام وسم “#القائمة_السوداء” من أجل “فضح” أسماء وهويات المعارضين والناشطين الذين يعبرون عن تضامنهم مع قطر بعد قطع العلاقات معها.
وكان كل من يضاف إلى هذه القائمة، يتعرض للمتابعة والتضييق والتهديد، حتى أطلق على سعود القحطاني لقب “سيد الذباب الإلكتروني”، وهي العبارة التي انتشرت لوصف الحسابات الإلكترونية التي جيشها سعود القحطاني على تويتر.
وبينما كان محمد بن سلمان يواصل تعزيز سطوته في حكم البلاد، كان سعود القحطاني يواصل بناء جيشه الإلكتروني.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2017، أصبح سعود القحطاني رئيس مؤسسة جديدة تابعة للجنة الأولمبية الملكية، أطلق عليها اسم “اتحاد الأمن الإلكتروني والبرمجيات”، والتي تغيّر اسمها لاحقًا ليصبح “الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز” (SAFCSP).
ويهدف هذا الاتحاد إلى “بناء قدرات وطنية واحترافية في مجال الامن السيبراني والبرمجة والدرونز، للوصول بالمملكة إلى مصاف الدول المتقدمة في صناعة المعرفة التقنية الحديثة”.
وفي شباط/فبراير 2018، غير سعود القحطاني تعريفه على تويتر ليشير إلى أنه أصبح رئيس مركز التميز لأمن المعلومات في جامعة الملك سعود، ومركز القيادة والسيطرة للأنظمة المتقدمة، مشيرًا كذلك إلى عضويته في عدد من المجالس، مثل منظمة مسك، ومدارس مسك، والهيئة الملكية لمحافظة العلا ودارة الملك عبد العزيز.
وكان أول تواصل للقحطاني مع جمال خاشقجي في أواخر 2016، حين كان الأخير يعمل في جريدة الحياة اللندنية، إذ اتصل سعود القحطاني بخاشقجي لإعلامه بأنه ممنوع من “التغريد والكتابة والحديث”، وفق تقرير لصحيفة واشنطن بوست. قال سعود القحطاني لخاشقجي/ “ليس بوسعك فعل أي شيء بعد الآن، لقد انتهيت”.
وحين لم تفلح تهديدات القحطاني، بدأ جهوده من أجل إعادة خاشقجي إلى المملكة، مقدمًا وعودًا له بالتغاضي عن تجاوزاته.
في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر 2018، كان سعود القحطاني على برنامج سكايب لمتابعة عملية تقطيع جثة خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، بعد أن أطلق عليه سيلًا من الشتائم، وأمر فريق الإعدام الذي اعتقل خاشقجي بأن يحضروا إليه “رأس الكلب”.
وتقدير الاستخبارات المركزية الأمريكية بدرجة متوسطة إلى عالية من الثقة، بأن محمد ابن سلمان هو الذي يقف وراء أمر القتل، حيث تبادل الأمير 11 رسالة نصية مع سعود القحطاني قبل وبعد عملية الاغتيال.
وبعد مضي 18 يومًا على الحادثة، أصدرت وزارة الشؤون الخارجية السعودية بيانًا تعترف فيه للمرة الأولى بأن سعوديين تورطوا في الحادثة، وأن عملية القتل، وفق البيان، “جاءت نتيجة شجار داخل القنصلية مع خاشقجي”!
في ذلك اليوم نفسه، أي في الـ20 من تشرين الأول/أكتوبر 2018، صدر أمر ملكي بإعفاء سعود القحطاني من منصبه كمستشار في الديوان الملكي، فغرّد سعود القحطاني بعدها معبرًا عن امتنانه وشكره للملك وولي عهده، وأنه سيستمر في خدمة بلده.
ثم غرد برسالة شكر لزملائه والعاملين معه في المركز وأقسام أخرى من الديوان الملكي السعودي.
بدورها أعلنت الخزانة الأمريكية، ووزارة الخارجية الأمريكية، عن عقوبات تشمل سعود القحطاني و15 شخصًا في فريق الإعدام، وذلك لدورهم في مقتل خاشقجي، إذ ورد في بيان للخزنة الأمريكية في تشرين الثاني/نوفمبر 2018 أن سعود القحطاني كان “ضمن فريق التخطيط والتنفيذ للعملية التي أدت إلى مقتل السيد خاشقجي”، وتبعتها وزارة الخارجية الأمريكية في نيسان/أبريل 2019، حيث أعلنت أن سعود القحطاني و15 شخصًا من السعوديين متورطون في جريمة قتل خاشقجي، وبذلك يكون سعود القحطاني وعائلته المباشرة ممنوعين من دخول الولايات المتحدة الأمريكية والسفر إليها.
في عام 2012 ثم مجددًا في عام 2015، حاول شخص عرّف نفسه بالقحطاني، الحصول على أداة مراقبة تنتجها شركة برمجيات التجسس الإيطالية المثيرة للجدل “Hacking Team”. وفي الخامس من تموز/يوليو 2015 كُشف عن هذه المراسلات من قبل مخترق يستخدم الاسم المستعار “فينس فيشر”، قام بسرقة ونشر حوالي 400 جيجابايت من المستندات الداخلية والأكواد البرمجية ورسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالشركة.
ويبدو أن أحدًا لم يلاحظ تواصل سعود القحطاني مع شركة برمجيات التجسس لسنوات، حتى يوم 29 آب/أغسطس 2017، حين ظهر حساب عربي على تويتر وبدأ بنشر مقاطع من رسائل سعود القحطاني إلى شركة “Hacking Team”.
الحساب الذي استخدم المعرف “@HIAHY” وسمى نفسه “تاريخ وذكريات”، ربط أيضًا بين عناوين البريد الإلكتروني المستخدمة من قبل سعود القحطاني بالعديد من الحسابات الأخرى على شبكة الإنترنت.
وأشار الحساب إلى أن عنوان البريد الإلكتروني المستخدم من قبل الشخص الذي يسمي نفسه القحطاني، للتواصل مع شركة “Hacking Team” وهو (saudq1978@gmail.com)، واستخدم أيضًا لتسجيل حساب باسم “nokia2mon2” على موقع القرصنة الشهير “”Hack Forums”، وهو الموقع الذي اخترق في حزيران/يونيو 2011 من قبل مجموعة مخترقين يدعون “LulzSec”.
وكشف تقرير آخر على موقع “Motherboard”، في آب/أغسطس 2018، عن أن مراسلات شركة “Hacking Team” المسربة، شملت عنواني بريد إلكتروني آخرين استخدما من قبل الشخص الذي يسمي نفسه القحطاني، وهما “s.qahtani@royalcourt.gov.sa” و “saudq@saudq.com”.
لم يتمكن لا حساب “@HIAHY” على تويتر ولا موقع “Motherboard” من إثبات ملكية القحطاني لعناوين البريد الإلكتروني، رغم أن كليهما قدما أدلة مقنعة على أن سعود القحطاني كان هو بالفعل صاحب رسائل البريد الإلكتروني مع شركة “Hacking Team” وأنه كان صاحب حساب “nokia2mon2” على موقع “Hack Forums”.