في عهد بن سلمان .. أبرز مظاهر التقارب بين السعودية وإسرائيل
تناولت ورقة بحثية، مظاهر التقارب الأمني والاقتصادي وغيرهما بين نظام آل سعود وإسرائيل، منذ بداية حكم ولى العهد محمد بن سلمان عان 2017.
وتطرقت الورقة الإسرائيلية إلى أبرز مظاهر التقارب الأمني والاقتصادي مع نظام آل سعود، في ظل ما تشهده المملكة من تغييرات في العديد من الاتجاهات: الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تشمل العلاقة مع إسرائيل.
وتشهد العلاقات بين نظام آل سعود وإسرائيل على عدة مستويات “مرئية وخفية”، وفقا لموقع “ناتسيف” للدراسات الاستخبارية.
وقال الموقع في الدراسة البحثية، أن ذلك تخلله نشوء حالة من التعاون الاستخباري بين الرياض و”تل أبيب” بجانب مشاهد عديدة تشير لتطبيع خفي بينهما خلف الكواليس، وبعيدًا عن مبادرات السلام، وبسبب التهديد الإيراني الذي يهدد المملكة وإسرائيل على حد سواء، فقد تم إنشاء تعاون في مختلف المجالات المتعلقة بالصراع الإقليمي ضد التوسع الإيراني.
وأوضحت الدراسة أن المعلومات الاستخباراتية يتم تمريرها بين آل سعود وإسرائيل، وأن هناك اتفاقا ضمنيا على تسيير الرحلات الجوية الإسرائيلية في سماء المملكة، في الوقت الذي تحجب فيه الفضاءات الأخرى عنها من دول المنطقة، وبجانب الاجتماعات السرية للمسؤولين السعوديين والإسرائيليين، فإن لقاءات تعقد بينهما على هامش المؤتمرات والمؤتمرات الدولية، مما يعطي بداية للتغيير والعلاقات المفتوحة بين الجانبين.
وأشارت إلى أن اللقاءات السعودية الإسرائيلية شملت قادة الرأي في المؤسسات الدينية، كمنظمة المؤتمر الإسلامي، وزيارة المدونين والصحفيين السعوديين لإسرائيل، لكن اللافت أن أحاديث في المملكة باتت تتناول العلاقة مع إسرائيل بصراحة، وليس بغموض، والأكثر إثارة للاهتمام أن رجال دين سعوديين بدأوا يعبرون عن أنفسهم إيجابيا تجاه إسرائيل، بل يخاطبونها بشكل علني في منشوراتهم، ويهنئونهم بأعياد الفصح.
وأكدت الدراسة الإسرائيلية أنه منذ عدة سنوات وحتى الآن، يمكن للأجانب الذين لديهم جواز سفر إسرائيلي، أن يدخلوا السعودية دون استصدار تأشيرة دخول إليها، دون مشاكل، ولم يعد اليهود يواجهون مشاكل إن ظهرت عليهم علامات اليهودية مثل كتب الصلاة بالعبرية والمظاهر الخارجية، مع أن هذه المشاهد كانت في السابق سببا للمتابعة والتحقيق في المطارات السعودية.
وأضافت أن “الإسرائيليين سيكونون قادرين على الحصول على تأشيرة عمل لدخول المملكة، حتى بجواز سفر إسرائيلي، وهناك عدد غير قليل من الشركات الإسرائيلية ورجال الأعمال الإسرائيليين يقيمون العلاقات التجارية مع نظرائهم في السعودية، في عدد من المجالات، بدءا من البنية التحتية والمياه والاتصالات والحوسبة والبرمجيات وحتى التقنيات وصولا لصناعة النفط”.
وأوضحت أن مجالات التعاون الاقتصادي الإسرائيلي السعودي تشمل الشركات التي تبيع تقنيات المدن الذكية للمشاريع في المملكة في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، وإجراء المبيعات مباشرة من خلال الحيازات أو الشراكات الخارجية، وبعضها من خلال وسيط ثالث.
وأكدت الدراسة الإسرائيلية أن المملكة سمحت لطائرات تجارية في طريقها من وإلى إسرائيل باستخدام مجالها الجوي، وكانت الطائرات الهندية أول من حصل على موافقة المملكة، وفي مارس الماضي وافقت المملكة على تحليق أول طائرة إسرائيلية للطيران بسمائها، نقلت إسرائيليين تقطعت بهم السبل في أستراليا بسبب كورونا، وشوهدت الطائرة فوق القرن الأفريقي والبحر الأحمر.
وأكدت أنه “في عام 2018 وافقت السعودية على رحلة غير مباشرة من مطار بن غوريون إلى جدة، وفي نهاية العام اتخذت السعودية قرارا ينص على أن حاملي جواز السفر الأردني المؤقت لن يتمكنوا من دخولها، وبالتالي فلن يتمكن (فلسطينيو الداخل المحتل) في إسرائيل من دخولها، مما يفتح آفاقا واسعة أن يتمكن الحجاج المغادرون من إسرائيل من السفر مباشرة للسعودية، حيث تدور الاتصالات بين مسؤوليهما لتقريب هذا اليوم”.
ومؤخرا، روج وزير العدل السابق في نظام آل سعود ورئيس رابطة العالم الإسلامي الموالية للنظام محمد العيسى للحوار مع اليهود وتعزيز التطبيع مع إسرائيل.
وقال العيسى خلال مؤتمر نظمته منظمة اللجنة اليهودية الأمريكية (AJC)، حول قضايا اليهودية ومكافحة اللاسامية: إننا (آل سعود) ملزمون حاليا بإعادة جسور الحوار والبناء مع المجتمع اليهودي.
وتخلل المؤتمر المذكور تقديم اللجنة جائزة للعيسى بزعم تقدير دوره في مكافحته اللاسامية.
وادعى العيسى أنه “بينما عاش اليهود والعرب جنبا إلى جنب على مدى قرون، من المحزن أننا ابتعدنا في العقود الأخيرة عن بعضنا البعض .. هناك من يحاولون تزييف التاريخ، من يدعي أن المحرقة وهي الجريمة الأكثر فظاعة في تاريخنا البشر، انها نسج الخيال”.
وتحدث العيسي بمشاركة شخصيات يهودية عن أبرز القضايا التي تواجه الشعب اليهودي وسعى إسرائيل في نشر السلام والأمن الدولي، وقضية معاداة السامية وأشكال الكراهية الأخرى.
واللافت في الأمر أن عدة وسائل إعلام يهودية تناقلت أقوال العيسى من باب الاحتفاء بالتغيير الكبير الحاصل في موقف المملكة.
وكان العيسي، زار في أبريل/ نيسان 2018م متحف تخليد ذكرى المحرقة اليهودية، برفقة قادة مسلمين من أكثر من 24 بلدا. وقال الرئيس التنفيذي للجنة اليهودية الأمريكية، ديفيد هاريس، إن الرحلة تمثل “أرفع وفد على الإطلاق لزعماء دينيين مسلمين يقومون بزيارة أوشفيتس”.
وتحاول سلطات آل سعود تعزيز التطبيع و التقارب العربي والإسلامي مع اليهود وإسرائيل خاصة التي تحتل أرض فلسطين وتسيطر على المسجد الأقصى المبارك (أولى القبلتين وثالث الحرميين الشريفيين).
فمنذ تولي محمد بن سلمان ولاية العهد في المملكة، أصبح التطبيع مع إسرائيل يستند إلى خطط سياسية وإعلامية مدروسة، وقطع آل سعود شوطاً كبيراً في تهيئة الأجواء العربية للتعايش مع مرحلة جديدة عنوانها الأبرز التطبيع الكامل مع إسرائيل.
وتحت ذريعة مواجهة إيران في المنطقة، عزز ولى العهد التقارب مع إسرائيل، وهو ما أظهرته الدلائل الواضحة خلال العامين الماضيين، التي تشير إلى التقارب السعودي الإسرائيلي، وأصبحت جلية للعلن.
ولعل بداية مؤشرات التطبيع انطلقت في يونيو 2017، عندما أُطلق وسم “سعوديون مع التطبيع”، بعد أيام من زيارة قام بها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للرياض في 21 مايو من نفس العام.
وقبل وصول ترامب إلى الرياض جرى الحديث عن بعد في الزيارة يتعلق بمفاوضات السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، لا سيما أن محطته الثانية كانت فلسطين المحتلة، من أجل لقاء رئيس السلطة محمود عباس ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وذهبت بعض الأصوات السعودية للمناداة بضرورة أن تبادر البلدان العربية بخطوات تطبيعية تجاه إسرائيل من أجل كسب ود الإدارة الأمريكية.
ونشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، قبل الزيارة بعدة أيام، تقريراً أشار إلى أن السعودية أوصلت لإدارة ترامب استعدادها لإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية مع إسرائيل من دون شروط، وأنها بذلك تسحب من التداول المبادرة التي تقدمت بها للقمّة العربية عام 2002، التي تقوم على إقامة دولة فلسطينية على أراضي 1967، وعودة اللاجئين، والانسحاب من الجولان، مقابل الاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها.
ولعل آخر مؤشرات التطبيع تمت إعلاميا في 26 يناير 2020، مع إعلان إسرائيل السماح لمواطنيها بزيارة السعودية، لأول مرة في التاريخ.
ولم تنفِ المملكة أو تصدر تصريحات على تلك التقارير، وعلى الرغم من أنه رسمياً لا توجد علاقات دبلوماسية بين السعودية وإسرائيل فإن السنوات الأخيرة شهدت تقارباً كبيراً بينهما، وزادت العلاقات بشكل أكبر.
وفي 25 يناير 2020، عرضت القناة الـ”12 الإسرائيلية” تقريراً من إعداد المراسل هنريكه تسيمرمن حول “التحديث والانفتاح” الذي يجري في المملكة برعاية ولي العهد محمد بن سلمان.
وذكرت القناة أن تسيمرمن هو من “الإسرائيليين المعدودين الذين استطاعوا زيارة السعودية”، وذلك للاطلاع على “المملكة المغلقة التي ربما نستطيع زيارتها لاحقاً”، وفق تعبيرهم.
وأشارت القناة إلى أن المراسل تمكن من مقابلة الجنرال السعودي محمد الشريف، الذي أكد أن “السائحين مدعوون لزيارة السعودية، فنحن نريدهم أن يأتوا ليروا دولتنا ويتعرفوا عليها قدر الإمكان”.
وفي 5 ديسمبر الماضي 2019، نشرت صفحة إسرائيل بالعربية التابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية، على “تويتر”، صوراً تظهر زيارة يهودي إلى المملكة العربية السعودية، مؤكدة أن ذلك يأتي “نتيجة كسر حواجز الشك المبنية على مدى عقود” وتأكيد على التقارب الحاصل.