التعتيم على إضراب معتقلي رأي يثير المخاوف على مصيرهم
يفرض نظام آل سعود تعتيما على إضراب معتقلي الرأي في سجونه ما يثير المخاوف على مصيرهم في ظل ما يتعرضون له من إهمال طبي وسوء معاملة.
ويواصل عدد من معتقلي الرأي الإضراب المفتوح عن الطعام منذ أكثر من أسبوعين لفضح انتهاكات النظام وتعسفه بالحد الأدنى من حقوقهم فضلا عن الاحتجاج على اعتقالهم التعسفي.
وشرع مجموعة من معتقلي الرأي بينهم الناشط خالد العمير والمحامي وليد أبو الخير ورائف بدوي، في إضراب عن الطعام احتجاجاً على ظروف سجنهم السيئة.
وتفاعل آلاف المواطنين في المملكة على وسم إضراب_سجناء_الرأي تضامنا مع معتقلي الرأي المضربين وللمطالبة بالإفراج عنهم.
وشرع الناشط خالد العمير في إضراب عن الطعام اعتباراً من اليوم الأحد 22 ديسمبر/ كانون الأول، احتجاجاً على تجاوز فترة اعتقاله التعسفي المدة القانونية.
ويصر العمير على رفض “الإذعان لقانون مكافحة الإرهاب الجائر، ويطلب مقابلة مندوب حقوقي أممي بشكل فوري”.
وسرب العمير رسالة نصية، كتبها على قطعة منديل، عبر فيها عن احتجاجه على بقائه في السجن دون محاكمة وطالب بزيارة عاجلة من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف التابع للأمم المتحدة.
في هذه الأثناء حذرت مصادر حقوقية من تدهور شديد في حالة معتقل الرأي ضيف الله زيد السريح الذي يقبع بين الحياة والموت في ظروف الاعتقال السيئة.
ويعاني السريح من الشلل الذي أصيب به إثر تعرضه لتعذيب جسدي شديد بداية اعتقاله، علما أنه معتقل بشكل تعسفي منذ آذار/مارس 2008.
ودعا معارضون وحقوقيون ونشطاء إلى الضغط على سلطات آل سعود لوقف انتهاكاتهم بحق معتقلي الرأي والإفراج الفوري عنهم من سجون السلطات.
وأكد نشطاء على وجوب استمرار الضغط على سلطات آل سعود فيما يخص الملف الحقوقي بكل الوسائل المتاحة، وأحد أهم هذه الوسائل هو مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وقد نددت منظمات حقوقية ونشطاء بقرار القضاء بشأن تأجيل والمماطلة بجلسات المحاكمات بحق المعتقلين.
وسبق وأن بعثت أكثر من خمسين منظمة حقوقية، على رأسها منظمة العفو الدولية، رسالة إلى أكثر من ثلاثين وزيراً للخارجية لمناشدة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة اتخاذ قرار في الدورة الأربعين لمجلس حقوق الإنسان يدعو للإفراج الفوري وغير المشروط عن الناشطات والناشطين الحقوقيين المعتقلين، إضافة إلى إنشاء آليه مراقبة حول انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة.
وقال الموقعون في الرسالة “نشعر بقلق بالغ إٕزاء تقارير التعذيب واساءة المعاملة للمدافعين والمدافعات عن حقوق المحتجزين والمحتجزات في السعودية. وقد سُجنوا منذ منتصف عام 2018 بسبب حملاتهم السلمية من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق النساء”.
يشار إلى أن الضغوط على المملكة ازدادت بشكل واسع عقب اعتقال النشطاء والناشطات، وهو ما أدى في بعض الأحايين إلى اندلاع أزمات دبلوماسية، أهمّها مع كندا التي أعلنت المملكة قطع علاقتها معها على خلفية انتقاد وجّهته السفارة الكندية في الرياض إلى تعامل السعودية مع ملف حقوق الإنسان.
وفي غضون أشهر قليلة من تسميته وليا للعهد، بات محمد بن سلمان الرجل الأقوى في المملكة ممسكا بوزارة الدفاع وكل ما يتعلق بالشؤون العسكرية والأمنية، والاقتصادية من خلال رئاسته مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي يشرف على مجموعة “أرامكو” الشركة الأولى عالميا في مجال تصدير النفط، وإدارة ملف حرب اليمن والعلاقات الخارجية وغيرها.
أسس محمد بن سلمان علاقات واسعة ووطيدة مع صناع القرار في الإدارة الأمريكية من خلال عدد من أركان الإدارة الأمريكية، الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته، والعلاقة “الشخصية” التي ربطته بكبير مستشاري البيت الأبيض، جاريد كوشنر، زوج ابنة الرئيس دونالد ترامب والمكلف بملف مبادرة السلام الشامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين المعروفة إعلاميا باسم “صفقة القرن”.
ويوجه قادة دول الاتحاد الأوروبي انتقادات واسعة لعدم اتخاذ إجراءات “عقابية” ضد السعودية على خلفية مقتل جمال خاشقجي والحرب في اليمن.
وخلافا للموقف الألماني، فإن دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، فرنسا خاصة، واصلت سياستها التي تدين مقتل جمال خاشقجي وتطالب بفرض عقوبات على منفذي الجريمة والمسؤولين عنها في ذات الوقت الذي ترفض تجميد صفقات الأسلحة التي أبرمتها مع السعودية في أوقات سابقة.
ويسود اتجاه عام في دول الاتحاد الأوروبي بضرورة تبني موقف موحد من الانتهاكات التي يتعرض لها دعاة حقوق الإنسان في السعودية انطلاقا من القيم الأوروبية ومعاييرها في رفض أي انتهاكات ضد ناشطي الحقوق المدنية أو أصحاب الرأي.
قد تكون المرة الأولى منذ تأسيسه عام 2006، التي يصدر فيها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة “توبيخا” للسعودية لسجلها في انتهاكات حقوق الإنسان.
أدانت 36 دولة عضو في مجلس حقوق الإنسان من أصل 47 دولة، بما فيها دول الاتحاد الأوروبي بجميع أعضائه الثمانية والعشرين، الاعتقالات المستمرة في السعودية والتي وصفها بـ “التعسفية” للمدافعين عن حقوق الإنسان وتوظيفها قوانين مكافحة الإرهاب لإسكات معارضيها، في الوقت ذاته الذي منع أعضاء الاتحاد الأوروبي إدراج اسم السعودية على قائمة الدول الضالعة بعمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وفي الوقت الذي لم تجر محاكمات علنية، فإن معظم ما يتم تداوله من أخبار حول المعتقلين والمعتقلات تستقيه وسائل الإعلام من مقربين من المعتقلين، بما في ذلك, التعذيب بالصعق الكهربائي والإيهام بالغرق وأيضا التحرش.
وطالما دعا قادة حول العالم المملكة لإطلاق معتقلي الرأي وناشطات حقوق الإنسان اللواتي أفادت تقارير إلى تعرضهن للتعذيب النفسي والجسدي، إلا أن دعوات كهذه دائما ترد عليها السعودية بنفي “مزاعم” التعذيب وعدم وجود سجون سرية والإشادة بالقضاء السعودي ونزاهته.
وبالعودة إلى بيان مجلس حقوق الإنسان، فقد دعا السعودية إلى اتخاذ خطوات لضمان تمكين المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين من ممارسة حقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات بعيدا عن الاعتقال.