محام سعودي: لهذه الأسباب يجب وقف تنفيذ الموت تعزيرا في السعودية
نشرت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي تقدير موقف لمحامي سعودي يبرز فيها الأسباب لوجوب وقف تنفيذ الموت تعزيرا في السعودية.
وقال المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان طه الحاجي إن السعودية تتصدر قائمة أعلى الدول تنفيذاَ لعقوبة القتل في العالم حسب الإحصاءات المنشورة في السنوات الأخيرة مع الصين وإيران ومصر.
وأضاف الحاجي “لذا كان ملفتا الانخفاض الشديد المفاجئ في أعداد من تم إعدامهم في عام 2020”.
إذ أعدمت السعودية 27 شخصا، أربعة منهم تم إعدامهم بأحكام القتل التعزيرية في بداية العام، وكان آخر حكم تعزيري نفذته السلطات بتاريخ 14 يناير 2020.
أما بقية الإعدامات فهي تنفيذ لأحكام قتل متعلقة بالحدود والقصاص.
تنقسم أحكام الإعدام في السعودية إلى عدة أنواع: الحدود والقصاص والتعزير.
الحدود والقصاص عقوبات محددة بالشريعة الإسلامية، أما التعزير فهو عقوبة تأديبية تعتمد على تقدير القاضي، وتكون في القضايا التي لم تحدد الشريعة الإسلامية لها عقوبات معينة، وهنا تزداد الخطورة حيث تثير المخاوف من إساءة استخدامها.
القتل التعزيزي هو أكثر أنواع القتل المنفذة في السعودية، حيث يتوسع القضاء باستخدامها بصورة مفرطة ومتوحشة وغير مبررة.
وقد شهدنا إعدامات كثيرة في قضايا ليست من الجرائم الخطيرة وبعيدة عن العدالة مثل قتل معارضين سياسيين.
مثل رجل الدين الشيعي نمر النمر الذي قتل في مطلع يناير 2016 لانتقاده الحكومة مع 46 شخص آخر من بينهم أربعة أحداث.
كما أعدمت العديد من القاصرين والبالغين لمشاركاتهم في المظاهرات التي اندلعت بالتزامن مع الربيع العربي في 2011.
ومازالت النيابة مستمرة بالمطالبة بقتل الكثير من الأشخاص لأسباب متعلقة بآرائهم وأقوالهم وكتاباتهم ومواقفهم السياسية والفكرية، دون أن توجه لهم تهم مرتبطة بالعنف.
كما نرى ذلك الآن في محاكمة رجل الدين سلمان العودة، والباحث حسن فرحان المالكي وغيرهم.
والذين تصر النيابة على قتلهم تعزيراً وتحاكمهم أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، وهي محكمة مختصة بقضايا الإرهاب وأمن الدولة.
أصدرت هيئة حقوق الإنسان بيانا حول انخفاض عدد الإعدامات في السعودية يوم الاثنين 18 يناير 2021.
وبمراجعته تبين أنه يتحدث عن إيقاف القتل في جزء معين من قضايا القتل التعزيري، ولا يتحدث عن أحكام القتل التعزيري بصورة عامة وشاملة.
أي أن الخطر مازال مستمرا على الفئات التي لم يشملهم، فقد اقتصر إيقافه على المتهمين بقضايا المخدرات والأحداث القاصرين.
والملفت هنا أيضاً أنه لم يصدر أي تشريع جديد أو تعديل في قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، ومازال القانون ينص على قتل المتهمين بهذه القضايا، ومع ذلك تم تجميد القتل خلال عام 2020.
وهذا يبين الغموض وانعدام الشفافية في القضاء السعودي وإجراءاته.
وكذلك يبين التناقض بين القوانين على الورق وعلى أرض الواقع، ويوضح بجلاء عدم استقلال القضاء واعتماده على المزاج السياسي.
نعم هذه خطوة مطلوبة للتقليل من الإعدامات ونأمل الآن التوسع فيها بعد سنوات طويلة من القتل.
ولكن نريد أن يكون ذلك بصورة شرعية قانونية منضبطة، وليس بمزاجية وعشوائية.
فقد عانى المجتمع من استغلال الحكومة لعقوبة القتل تعزيرا لبث الرعب وتكميم الأفواه ومصادرة الحقوق.
ولا بد أن يأتي اليوم الذي نسعد فيه بإيقاف هذه العقوبة الوحشية واستغلال السلطات السعودية القضاء للتخلص من خصومها بهذه الأحكام البائسة المعتمدة على تقدير القاضي.
أما القسم الثاني الذي شمله بيان هيئة حقوق الإنسان هم الأحداث (القاصرين).
وهذا اعتراف صريح من السلطات السعودية بأنها كانت تقتل القاصرين، رغم أنها كانت تنكر ذلك باستمرار في المحافل الدولية.
لكن المؤسف هنا أنها قصرت إيقاف العمل بعقوبة القتل للقاصرين فقط في أحكام القتل التعزيري، أي أنها مستمرة في قتلهم بناء على أحكام القصاص والحدود.
وفي الوقت الذي يرى الناس بقناعة عدم عدالة ونزاهة القضاء السعودي، فإن المطلوب منها على اقل تقدير ايقاف احكام قتل لان ارواح البشر ليس مكان مناسب للأخطاء ولابد من تقنين العقوبات.
ومما يثير السخرية أن بيان هيئة حقوق الإنسان صدر باللغة الإنجليزية ونشر عبر حسابهم الإنجليزي على منصة تويتر.
ولم يصدر بيان باللغة العربية رغم أن المعنيين يتحدثون العربية في الغالب.
وهذا مؤشر على استخفاف الحكومة بالموقف الشعبي ورأي المواطنين وعدم إعطائهم اي قيمة أو اعتبار وما يهمها في المقام الأول هو مغازلة الغرب.
في الواقع لا يهم إن كانت تريد مغازلة الغرب أو تحسين صورتها، ما يهم أكثر هو أن تلتزم حقا وبدون التفاف بوقف أحكام القتل التعزيري، وبشكل تام، وأن يشمل ذلك القضايا المستثناة أيضا.
يجب أن توقف الحكومة السعودية جميع أحكام القتل التعزيري فورا بدون استثناءات وبدون تحايل وخداع والتفاف على الموضوع.