فساد آل سعود: الكشف عن إجازة فارهة للأمير مقرن بن عبدالعزيز

في سياق جدل متزايد حول مظاهر البذخ والفساد داخل العائلة المالكة السعودية، كشفت تقارير حديثة معلومات مثيرة حول إجازة فارهة للأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود، شقيق الملك سلمان والمدير العام السابق لرئاسة الاستخبارات وولي العهد المؤقت في 2015.
وقد نشر موقع Proto Thema اليوناني تفاصيل مثيرة حول استئجاره يختًا فائق الفخامة قبالة سواحل اليونان، مما جدد النقاشات حول تباين الترف والظروف المعيشية في المملكة والعالم العربي.
إجازة بملايين الدولارات في بحر إيجة
أقام الأمير مقرن إجازته على متن يخت فاخر تابع لمجموعة ريتز كارلتون، مستأجرًا الطابق بأكمله من الياخت.
وقد أحضر نحو 100 من أفراد حاشيته المقربين—على الرغم أن اليخت يتسع إلى 298 شخص—مما يعكس سعيه للترف الفردي.
وكدعامة اللوجستيات، استُأجرت ثلاث سفن إضافية لتغطية التنقلات اليومية والجولات البحرية، ما يشير إلى تنظيم فائق الدقة وتكاليف ضخمة.
وجرت الرحلة في بحر إيجه اليوناني، ضمن جدول سياحي ثري بالأنشطة البحرية الفخمة.
وأثارت هذه التفاصيل موجة تعاطف وانتقاد في الأوساط العربية والغربية، خاصة مع عودة الأضواء إلى ممارسات الفساد المالي التي تعمّرت في أروقة القصر الملكي.
خلفية فساد وتمويل ببذخ لا متناهي
الأمير مقرن، شقيق الملك سلمان، سبق أن تولى رئاسة الاستخبارات وقد تميز في شبابه بنفوذ سياسي واقتصادي واسع، لكنه تراجع منذ وفاة أبيه الملك عبدالعزيز.
إجازته الأخيرة تأتي في إطار شكوك حول استمرار الإنفاق الفاخر على حساب مكتسبات وطنية، مما يعزز الصورة السلبية حول ممارسات القصور الحاكمة.
نمط آل سعود في البذخ العالمي
وليس الأمير مقرن الوحيد في نمط الترف؛ فالأمير الوليد بن طلال، المعروف بأسلوب حياته الفاره، يمتلك يختًا ضخمًا (New Kingdom 5KR، بطول 173 مترًا وتكلفة تقدر بمئات ملايين الدولارات) وكان من أبرز المستثمرين في المجمعات الفندقية العالمية، حتى انكفأ بعد احتجازه ضمن حملة مكافحة فساد في 2017.
ويعتبر الأمير تركي بن ناصر مثالًا آخر على فساد هوكّل في صفقات أسلحة ورشاوى دولية، حيث أُدرج اسمه ضمن “صندوق بوسيدون” واستفاد من هدايا باهظة مثل سيارة رولزرويس ضخمة التكلفة.
وأظهرت التحقيقات أن الأسرة الحاكمة غالبًا ما تجد موارد ضخمة من خلال مناصب رسمية تُستخدم لتعزيز الثروات الشخصية بشكل صارخ، وفي نهاية المطاف يواجهون حملات تطهير مفاجئة مثل التي جرت في فندق ريتز كارلتون عام 2017، والتي وصفها المحتجزون بأنها ليلة من التعذيب لتسليم الأموال.
السياسة والاقتصاد: تداخل الأدوار
في الخلفية، تتداخل السياسة والاقتصاد ضمن بنية النظام السعودي. فحملة 2017 التي نفذها ولي العهد محمد بن سلمان هدفت إلى تركيز السلطة داخليًا، وطهر في الوقت نفسه خزينة الدولة بتحويل ما يُقدّر بالمليارات من حسابات الأمراء والمستثمرين.
إلا أن الانتساب السياسي ظل يُستخدم لاستمرار نمط الحياة الفارهة خارج الأضواء، كما تفعل إجازة الأمير مقرن في اليونان.
وفي الوقت نفسه، يشير مراقبون إلى أن العائلة الملكية غير ملزمة بالكشف عن مصادر تمويل أموالها، ما يعزز مزيدًا من الشفافية المفقودة والقلق العام بشأن إنفاق “أموال الشعب” على البذخ الشخصي.
غضب داخلي وانتقاد عربي
أثارت التقارير الأخيرة غضبًا في السعودية، حيث يرى الكثير أن تفسير مصاريف مثل هذه الإجازات “غير ملائم سياسيًا وأخلاقيًا” في ظل ضغوط اقتصادية على الحكومة والمواطنين ضمن سياق “رؤية 2030” التي تدعو لضبط المصروفات وتحقيق تنمية مستدامة.
في الأوساط العربية، وطأت ردود الفعل وتراب الضغوط. صحف مثل الشرق الأوسط والاقتصادية سلطت الضوء على التناقض بين مطلق الحرية المالية لأعضاء القصر والحث على الاقتصاد الوطني، بينما دعا ناشطون إلى إجراء تحقيقات رسمية محايدة وتحديد سقف للموازنة الرسمية لصالح الرقي بالمسؤولية الحكومية.
ما كشفه تقرير Proto Thema عن إجازة الأمير مقرن يُعدّ هامشاً في مشهد أوسع يعكس تفاعلًا بين الفساد بالإنفاق الشخصي وممارسات مالية غير محكومة داخل النظام السعودي. وفي حين تبقى مظاهر الفخامة رمزًا للترف والامتياز، فإن ما يرافقها من صور تمويلية تقوّض صورة السلطة وتضع في قلب النقاش مطالب شعبية وإصلاحية أكثر عمقًا.



