لتسلم الجبري.. بن سلمان يفشل بممارسة الضغوطات والإغراءات أمام كندا
كشف مصدر دبلوماسي النقاب عن حالة من التخبط في سلوك وتعامل ولى العهد محمد بن سلمان مع كندا حول ملف المسؤول الأمني السعودي سعد الجبري المقيم على أراضيها.
وقال المصدر لـ”ويكليكس السعودية” إن ولى العهد يحاول منذ شهور طويلة عبر وساطات وشخصيات دولية فتح ملف الجبري مع السلطات الحكومية هناك.
وذكر أن بن سلمان عرض سابقا على السلطات الكندية – عبر الوساطات الدولية – مليارات الدولارات من خلال صفقات تجارية وعسكرية مقابل الدفع بالجبري خارج كندا أو تسليمه لسلطات آل سعود.
وأضاف أن السلطات الكندية رفضت التعاطي مع الوساطات والشخصيات الدولية التي فتحت الملف، وأبلغتهم بأن ولى العهد السعودي صاحب سجل جرائم حقوقية، وأن كندا لن تساهم في جرائمه.
وأكد المصدر الكندي أن ولى العهد عاد مجدد قبل أسابيع لفتح ملف الجبري أمام السلطات الكندية من خلال ملف النفط العام والأزمة الاقتصادية الحادة التي خلفها فيروس كورونا عالميا.
وكشف أن بن سلمان أبدى استعداده لإتمام صفقات عسكرية جديدة بمليارات الدولارات تمهيدا لدفع اقتصاد كندا إلى الأمام وهو أمر رفضته الأخيرة أيضا ما دفع ولى العهد إلى تفجير الأزمة إعلاميا.
وتواجه الصناعة النفطيّة في الولايات المتحدة وكندا، صعوبات جديدة مع تفشي فيروس كورونا مؤخرًا. وتراجع الإنتاج النفطيّ وعدد الحفارات النشطة، بسبب انخفاض الطلب على الوقود، وأيضًا التكلفة العالية للإنتاج في هذهِ الدول على وجه الخصوص.
وقال الرئيس التنفيذي لـ “شركة بريسشن دريلينج”، كيفن نيفيو، إحدى أكبر شركات الحفر في كندا، إن عدد الحفارات يبدو من المرجح أن ينكمش بنسبة 25% في العام القادم من المستوى الحالي البالغ 500 حفار.
وشهدت الأيام الأخيرة زيادة لافتة من المسؤول السعودي الكبير السابق في المخابرات سعد الجبري في ضخ تسريبات للإعلام الدولي تفضح ممارسات ولي العهد محمد بن سلمان الذي كثف في المقابل ضغوطه على كندا من أجل تسليم الجبري.
وذكرت صحيفة “غلوب اند مايل” الكندية، أن الرياض تمارس ضغوطاً على كندا لإعادة الجبري اللاجئ على أراضيها إلى المملكة.
وبحسب تقارير سابقة فإن بن سلمان عندما شرع في إحكام قبضته على السلطة خلال الأعوام القليلة الماضية، اعتقل عدداً من كبار أفراد الأسرة الحاكمة والشخصيات المعارضة، لكن شخصاً واحداً ظل يراوغه هو الجبري الذي كان مقرباً من أحد منافسيه البارزين على العرش.
وتقول أسرة الجبري إن ولي العهد عمد في الشهور الأخيرة إلى زيادة الضغط على أقاربه، بما في ذلك اعتقال ابنيه البالغين، لمحاولة إرغامه على العودة إلى المملكة من منفاه في كندا. وقالت أربعة مصادر مطلعة على الأمر لوكالة “رويترز” إن أنظار ولي العهد تنصب على وثائق متاحة للجبري تتضمّن معلومات حساسة.
وهو ما أوردته الصحيفة الكندية في تقريرها حيث أشارت إلى أن ضابط الاستخبارات السابق (61 عاماً)، يمتلك معلومات حساسة وعميقة حول الأصول المالية لأفراد الأسرة الحاكمة في المملكة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر رفضت ذكر اسمها “لأسباب دبلوماسية”، أن سلطات آل سعود حاولت اعتقال الجبري عبر إصدار مذكرة توقيف بحقه لدى الشرطة الدولية (الإنتربول)
وأضافت أن الرياض أرسلت وفداً إلى كندا عام 2018، لمطالبة سلطات الأخيرة بإعادة الجبري إليها، إلا أنها لم تنل مبتغاها، ما دفعها لتقديم طلب رسمي خريف عام 2019 لإعادة الضابط الاستخباراتي.
وظل الجبري لفترة طويلة مساعداً للأمير محمد بن نايف الذي كان ولياً للعهد، وأطيح من ولاية العهد في 2017 ليصبح بن سلمان حاكماً فعلياً للسعودية.
وفي السادس من مارس/ آذار الماضي، اعتقلت سلطات آل سعود بن نايف واثنين آخرين من كبار أفراد الأسرة الحاكمة، في أحدث حلقة من سلسلة من الإجراءات الاستثنائية التي تهدف، فيما يبدو، إلى تعزيز نفوذ بن سلمان داخل أسرة آل سعود الحاكمة، والتخلص مما قد يبدو تهديداً لسلطته، قبل أن يخلف الملك سلمان (85 عاماً) سواء بوفاته أو بتنازله عن العرش.
وتقول أسرة الجبري إنه بعد أيام من اعتقال الأمير محمد بن نايف، ألقت السلطات القبض على اثنين من أبناء الجبري هما عمر (21 عاماً) وسارة (20 عاماً)، في مداهمة ساعة الفجر لبيت الأسرة في العاصمة الرياض.
وأعقب ذلك، اعتقال شقيق مسؤول المخابرات السابق في أوائل مايو/ أيار.
وأجمع مراقبون على أن الجبري يقف خلف ما كشفته صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية بشأن فصل جديد قاتم في معركة “صراع العروش” في المملكة مع تحضير ن سلمان تهماً بالفساد والخيانة بحقّ سلفه ومنافسه ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف الرجل الذي كان يوماً “بطل” الولايات المتحدة في الحرب ضدّ الإرهاب.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مصادر سعودية وأميركية تأكيدها أنّ لجنة مكافحة الفساد التابعة لبن سلمان اقتربت من إنهاء تحقيق مفصّل في ادّعاءات بأنّ بن نايف حوّل، عن غير وجه حقّ، مليارات الريالات السعودية عبر شبكة من “شركات الواجهة” والحسابات الخاصة، بينما كان يدير برامج مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية.
ويقول مساعد لبن نايف، تحدث إلى الصحيفة شرط عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية القضية، إن محققين سعوديين طالبوا بن نايف بدفع 15 مليار دولار يدّعون أنه سرقها، علماً أنه من غير الواضح كيف توصّلوا إلى هذا الرقم.
ويقول أنصار بن نايف إنّ هذه الاتهامات كاذبة، وتتناقض مع المرسوم الملكي الصادر عام 2007 عن الملك الراحل عبدالله، والذي أذن بكلّ نشاطات بن نايف، ونصّ على تقرير سنويّ مفصّل بشأن إنفاقه.
وتدعم الوثائق السعودية الداخلية التي قدّمها مساعد لبن نايف، وراجعتها الصحيفة الأميركية، ما يؤكده بن نايف حول أنّ أنشطته المالية السرية تمّت الموافقة عليها، في خطوطها العريضة على الأقل، من قبل الملك الراحل.
ورفض مسؤول سعودي عمل عن قرب مع ولي العهد محمد بن سلمان في التحقيق بحق بن نايف، الردّ على رسالتين نصيتين تطلبان التعليق، في وقت لم يستجب أيضاً متحدث باسم السفارة السعودية لدى واشنطن لطلب التعليق.
من جهته، يشرح مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية السابق جون برينان، والذي عمل بشكل وثيق مع بن نايف لأكثر من عقد، أنه تم تخصيص وزارة الداخلية السعودية بميزانية حتى تتمكن من بناء القدرات، وتوظيف أفراد، وتطوير اتصالات جهاز الاستخبارات لاختراق تنظيم “القاعدة”، مؤكداً أنّ الملك عبدالله كان يرى أنه عليه أن يستثمر في النشاطات التي كان يقودها بن نايف، وأن الأخير كان أحد المفضّلين لديه.
وقاد بن سلمان انقلاباً أبيض على ابن عمه الأمير محمد بن نايف في شهر يونيو/ حزيران عام 2017، وجرّده من كلّ مناصبه، قبل أن يفرض عليه الإقامة الجبرية على الرغم من علاقات بن نايف بالمؤسسات والدوائر الأميركية، والتي توثقت عقب قيادته الحرب على تنظيم القاعدة في السعودية بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول عام 2001.
ولم يكتفِ بن سلمان بتجريد ابن عمه من كلّ مناصبه وفرض الإقامة الجبرية عليه، إذ قام باعتقال بقية الأمراء المنافسين له، وصادر ثرواتهم وفق تسويات مالية بعد اتهامهم بالفساد، في ما عرف بحملة الـ”ريتز كارلتون” في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2017.
وشنّت سلطات آل سعود في السادس من مارس/ آذار حملة اعتقالات بحق عدد من أمراء الأسرة الحاكمة، من بينهم شقيق العاهل السعودي الأمير أحمد بن عبد العزيز والأمير محمد بن نايف، إضافة إلى ابن أخيه وزير الداخلية السابق الأمير سعود بن عبد العزيز بن نايف ووالده أمير منطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف.