فضائح السعودية

كلنا أمن.. تطبيق الوشاية السعودي لمزيد من قمع الحريات

يمثل كلنا أمن تطبيق الوشاية السعودي الذي يحول المواطنين إلى عنصر أمن مراقب على مواقع التواصل الاجتماعي ويعزز قدرات السلطات السعودية على قمع الحريات العامة.

وتلجأ ناشطات سعوديات في مجال حقوق المرأة إلى إخفاء هويتهن على منصات التواصل الاجتماعي من أجل ضمان عدم تعقب السلطات السعودية أو داعميها لهن ومن ثم اعتقالهن والزج بهم في السجون.

فبالنسبة إلى “ريال”، وهي ناشطة سعودية في مجال حقوق المرأة، فإن إخفاء هويتها هو كل ما يحافظ على سلامتها. تحت هذا الاسم المستعار، تستخدم تويتر للدفاع عن ضحايا العنف المنزلي في المملكة، وإرسال قصصهم داخل البلاد وخارجها. وهذا أمرٌ محفوفٌ بالمخاطر.

قالت ريال لموقع Business Insider الأمريكي مستخدمةً مُعدِّل صوت لإخفاء صوتها: “كل يوم نستيقظ لسماع الأخبار، يُعتَقَل أو يُلقَى القبض على شخصٍ ما. اليوم أنا هنا معكم أشارك قصتي. لكن غداً قد يُلقَى القبض عليّ”.

ريال، مثل النشطاء الآخرين، في حالة توتر بعد أن تجلَّت أمامها تكلفة التحدث على الإنترنت في المملكة السعودية في أغسطس/آب 2022.

إذ اتُهمت الأكاديمية نورة بنت سعيد القحطاني بـ”استخدام الإنترنت لتمزيق النسيج الاجتماعي السعودي” وحُكم عليها بالسجن 45 عاماً. في 16 أغسطس/آب 2022 وحُكِمَ على طالبة الدكتوراه سلمى الشهاب بالسجن لمدة 34 سنة لكتابتها عدداً من التغريدات دعماً لنشطاءٍ وأفرادٍ من المعارضة السياسية السعودية في المنفى.

أُبلِغَ عن الشهاب إلى السلطات عبر تطبيق “كلنا أمن” (Kollona Amn)، وهو تطبيق جوال متاح للتنزيل من متجر تطبيقات آبل وجوجل بلاي، والذي يمكِّن المواطنين العاديين من التنبيه على مواطنيهم.

غالباً ما شجع النظام السعودي المواطنين على الإبلاغ عن بعضهم البعض، لكن تطبيق “كلنا أمن”، الذي أطلقته وزارة الداخلية السعودية في عام 2017، جعل من الممكن الإبلاغ عن التعليقات التي تنتقد النظام أو السلوك الذي يعتبره النظام الديني المحافظ مسيئاً.

يقول نشطاء الحقوق القانونية إنهم شهدوا على مدى السنوات القليلة الماضية ارتفاعاً كبيراً في قضايا المحاكم التي تشير إلى التطبيق، حيث يوسع الزعيم الحالي للبلاد، ولي العهد محمد بن سلمان، استخدام التكنولوجيا لمراقبة مواطنيها وترهيبهم والسيطرة عليهم في الداخل والخارج.

في سياق ذي صلة قالت نورا الجيزاوي، الباحثة في Citizen Lab، وهي مؤسسة تحقق في التهديدات الرقمية على حرية التعبير، إن التطبيق يشجع المواطنين العاديين على لعب دور الشرطة وأن يصبحوا مشاركين نشطين في قمعهم.

هذا علاوة على أن وضع أعين للدولة في كل مكان يخلق أيضاً إحساساً متفشياً بالارتياب- هناك دائماً مخبر محتمل في الغرفة أو يتابع حساباتك على وسائل التواصل الاجتماعي.

قال نشطاء سعوديون إن المواطنين يستخدمون تطبيق “كلنا أمن” بشكلٍ دفاعي. إذا سمعوا شيئاً قد يُنظر إليه على أنه معارضة، فإنهم يبلغون زملاءهم أو جهات الاتصال بهم لإبعاد أنفسهم عن الآراء الخطيرة، في حالة إبلاغ شخص آخر بذلك.

وفي حالات أخرى استُخدِمَ التطبيق لتصفية حسابات شخصية أو للابتزاز.

لدى كل من غوغل وآبل سياسات تقيد التطبيقات التي تنطوي على مخاطر الأذى الجسدي والمضايقات والتمييز. لم ترد أي من الشركتين على طلب للتعليق.

وسوف تفتح شركة غوغل هذا العام مكتبين جديدين في المملكة السعودية، وتعمل على شراكة بيانات مثيرة للجدل مع شركة النفط الحكومية أرامكو السعودية.

لكن رغم تأكيدات الشركة، قال النشطاء إنهم لا يثقون في جوجل لحماية بياناتهم، ويفترضون أن التطبيقات الحكومية- التي يوجد منها العشرات في جوجل بلاي- تحتوي على أبواب خلفية أو طرق أخرى لجمع البيانات.

في حين تُعَدُّ الآثار المترتبة على الحصول على معلومات خطيرة.  ففي مايو/أيار 2021 اعتقلت السلطات لينا الشريف، وهي طبيبة دافعت عن حقوق الإنسان في المملكة السعودية على تويتر، بتهم مجهولة.

وقال الأشخاص الذين يعرفونها إن شخصاً ما حاول ابتزازها قبل اعتقالها، وهددها بالإبلاغ عنها باستخدام تطبيق “كلنا أمن”.

أما في أغسطس/آب 2021، أُلقِيَ القبض على المدوِّنة تالا صفوان بتهمة إهانة الإسلام. ويبدو أنه أُبلِغَ عن تالا عبر الإنترنت بعد مشاركة مقطع فيديو على منصة تيك توك، وهي تتحدث إلى صديقة، فيما فسره بعض المشاهدين بأنه أسلوب موحي جنسياً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى