فضائح السعودية

السعودية في نفق مظلم بفعل تشديد سياسة حظر حرية الرأي والتعبير

يجمع مراقبون على أن السعودية تسير في نفق مظلم تحت حكم ولي العهد محمد بن سلمان الذي يصعد في تشديد سياسة حظر حرية الرأي والتعبير وسحق الحريات.

ويبرز المراقبون أن حتى أمراء العائلة الحاكمة لم يعُد بإمكانهم التعبير عن وجهات نظرهم ولو في أمور عامة كالشأن الرياضي، في ظل تواتر أخبار اعتقال الأميرين خالد بن طلال وفيصل بن يزيد.

وأشاروا إلى اعتقال السلطات السعودية الإعلامي د.محمد الحاجي، دون معرفة أسباب الاعتقال حتى الآن، وذلك ضمن سلسلة اعتقالات نفذتها السلطات السعودية منذ بداية العام، استهدفت فيها عدداً من مشاهير منصات التواصل الاجتماعي.

والحاجي حاصل على الدكتوراة في العلوم السلوكية، ويقدم عدداً من البرامج عبر موقع يوتيوب، من أبرزها بودكاست آدم عبر إذاعة ثمانية، كما أنه لم يكن له أي نشاط سياسي.

وأدانت منظمات حقوقية اعتقال السلطات السعودية للإعلامي الحاجي، ودعت إلى الافراج الفوري عنه، ووقف حملة الاعتقالات المستمرة في المملكة، والتي تسحق حرية الرأي والتعبير

ويرى المراقبون أن اعتقال الحاجي المتخصص في العلوم السلوكية والاجتماعية هو تكريس لسياسة تفريغ البلد من كفاءاته ونخبه واعتقال المؤثرين الذين يريدون النهوض بواقع الشباب في الوقت الذي يعيث فيه التافهون في عقول الشباب وأفكارهم.

في السياق ذاته يتناقض اتهام الأختين السعوديتين مناهل وفوز العتيبي على إثر اختيار لباسهما ودعمهما حقوق المرأة تناقضًا صارخًا مع خطاب السلطات عن الإصلاح وتمكين المرأة.

وتواجه الناشطتان على وسائل التواصل الاجتماعي مناهل (الصورة الأولى يسارا) وفوز (الصورة الثانية) عددًا من التهم على خلفية دعمهما السلمي لحقوق المرأة وارتداء ملابس “غير محتشمة” والتغريد تحت وسوم نسوية.

وكان من المنتظر أن تَمثل مدرّبة الرياضة مناهل، التي اعتُقلت في 16 نوفمبر 2022، أمام المحكمة الجزائية المتخصصة يوم 26 يوليو 2023 في أولى جلسات محاكمتها، ولكنها أُجلت دون تحديد تاريخٍ جديدٍ. وتقبع حاليا في سجن الملز في الرياض.

وفرّت أختها فوز من السعودية بعدما استُدعيت في عام 2022، ولا تزال عرضةً لخطر السجن في حال عادت إلى بلدها.

وما فتئت الأخت الثالثة، وهي الناشطة في مجال حقوق المرأة مريم العتيبي (الصورة الأولى يمينا)، تخضع لحظر سفر غير رسمي داخل البلد نتيجة نشاطها.

وقد تواصلت مع العديد من الهيئات السعودية بما في ذلك وزارة الداخلية ورئاسة أمن الدولة وهيئة حقوق الإنسان السعودية في محاولةٍ لرفع الحظر، ولكن دون جدوى حتى الآن.

وتواجه مناهل وفوز معًا تهمًا بموجب نظام مكافحة جرائم المعلوماتية القمعي تشمل “الاعتراض على الأنظمة المتعلقة بالمرأة مثل نظام الولاية والحجاب” و”المشاركة في العديد من الوسوم التي تعارض تلك الأنظمة، ولاسيما إسقاط الولاية” و”مشاركة العديد من الصور ومقاطع الفيديو بملابس غير محتشمة على حسابيهما على مواقع التواصل الاجتماعي”، و”الخروج إلى الأسواق دون لبس العباءة، وتصوير ذلك ونشره على سناب شات”.

وتسلط قضاياهن الضوء على غموض الإصلاحات السعودية التي رُوّج لها كثيرا في السنوات الأخيرة بخصوص حقوق المرأة، بما في ذلك مسألة لباس المرأة.

وفي إطار توجه البلد نحو الانفتاح على السياحة، أعلنت السلطات في عام 2019 عن تخفيف قواعد اللباس لزائرات السعودية الأجنبيات.

ومع ذلك، لم يشمل هذا التخفيف المواطنات والوافدات اللواتي يواجهن بدلاً من ذلك عدم اليقين القانوني، وأوردت العديد من التقارير اعتقال سعوديات أخريات منذئذ بناءً على تهم غامضة وفضفاضة بارتداء ملابس “غير محتشمة”.

وعلقت رئيسة قسم الرصد والمناصرة في القسط لينا الهذلول قائلة: “على الرغم من خطابات الإصلاح، لاتزال النساء في السعودية يعشن في خوف وعدم يقين بخصوص أبسط الحريات الشخصية، بما في ذلك اختيار ما يرتدينه.

وفي غياب الشفافية أو أي مبادئ توجيهية واضحة، لا تعرف النساء الحدود التي لا ينبغي تخطيها والعواقب المحتملة لاختياراتهن الشخصية”.

وتعد هذه الرسائل المختلطة سمةً من سمات الإصلاحات التي طالت حقوق المرأة السعودية بصورة أعم.

ومع أن السلطات أزالت بعض القيود المفروضة على النساء بموجب نظام الولاية، لاتزال العديد من خصائصه قائمةً.

ويساعد نظام الأحوال الشخصية لعام 2022 الذي طال انتظاره والذي كان من المفترض أن يشكل إصلاحا مهما، على تقنين العديد من العناصر التقييدية في النظام بدل إلغائها، بما في ذلك في مسائل الزواج والطلاق وحضانة الطفل والإرث.

وعلاوةً على ذلك، لاتزال تُستهدف وتُعاقب النساء اللواتي يدعون سلميا إلى الحصول على حقوقهن الأساسية، كما تكشف ذلك مرةً أخرى قضيةُ الأخوات العتيبي.

وأدانت المحاكم السعودية في الشهور الأخيرة العديد من النساء وأصدرت ضدهن أحكاما بالسجن لمدد طويلة على خلفية نشاطهن الحقوقي السلمي على وسائل التواصل الاجتماعي، بمن فيهن سلمى الشهاب (27 سنة)، وفاطمة الشواربي (30 سنة)، وسكينة العيثان (40 سنة)، ونورة القحطاني (45 سنة).

وجاء ذلك في خضم حملة قمعية مكثفة على النشاط على وسائل التواصل الاجتماعي عمومًا، وسجن السلطات بكل جرأة الأفراد بسبب تغريدات سلمية، مشيرةً إلى أنه لا أحد في مأمن.

وفي الوقت نفسه، لاتزال تواجه نسيمة السادة وسمر بدوي ولجين الهذلول، اللواتي لطالما دافعن عن حقوق المرأة، قيودًا مشددةً منذ أن أخلي سبيلهن، ولاسيما حظر السفر الذي يمنعهن من مغادرة البلاد.

وتعلق لينا الهذلول من القسط قائلة: “إن نضال الأخوات العتيبي دليلٌ آخر على الوعود الفارغة للقيادة السعودية بالإصلاح. ولا تزال النساء السعوديات يتعرضن للاعتقال ويخضعن للمحاكمات الصورية على خلفية المطالبة بحقوقهن أو لمجرد اعتقادهن أنهن أصبحن الآن يملكن حرية ارتداء ما يردن”.

ودعت منظمة القسط السلطات السعودية إلى الإفراج فوراً ودون شروطٍ عن مناهل العتيبي وكافة المحتجزات حاليا في المملكة على خلفية الممارسة السلمية لحرياتهن الأساسية. وعلاوةً على ذلك، تدعو القسط السلطات السعودية إلى تعديل الأحكام التمييزية الواردة في نظام الأحوال الشخصية وإلغاء نظام الولاية برمته.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى