متفرقات سعودية

منظمات حقوقية تدين السعودية وتتهمها بتصعيد الإعدامات في انتهاك صارخ للقانون الدولي

في اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، وجّهت 36 منظمة حقوقية دولية وإقليمية انتقادات شديدة للحكومة السعودية، متهمةً إياها بارتكاب موجة غير مسبوقة من الإعدامات خلال عام 2025، في “انتهاك صارخ للمعايير الدولية لحقوق الإنسان”، وباستخدام هذه العقوبة كأداة لتكميم المعارضة الداخلية وقمع حرية الرأي.

ووفقًا لبيانات وكالة الأنباء السعودية الرسمية، نفّذت السلطات ما لا يقل عن 292 حكمًا بالإعدام منذ بداية العام حتى التاسع من أكتوبر الجاري، من بينهم أربع نساء، في مؤشر على أن المملكة تسير نحو تحطيم الرقم القياسي المسجّل العام الماضي (345 إعدامًا)، رغم الوعود السابقة بتقييد العقوبة.

وتشير الأرقام إلى أن 195 من بين المعدومين أُدينوا في قضايا مخدرات، بينهم 151 أجنبيًا من دول آسيوية وإفريقية، أبرزهم 38 من الصومال، و30 من إثيوبيا، و23 من باكستان، و16 من مصر، و12 من أفغانستان.

وتأتي هذه الموجة بعد أن أنهت السعودية وقفًا مؤقتًا دام 33 شهرًا لتنفيذ أحكام الإعدام في قضايا المخدرات، ما أثار مخاوف جدية على حياة مئات السجناء المهددين بالعقوبة ذاتها.

ووصفت المنظمات الحقوقية هذه الإعدامات بأنها “انتهاك واضح للقانون الدولي” الذي يحظر استخدام عقوبة الإعدام في الجرائم غير المميتة، مشيرة إلى أن أغلب هؤلاء الأجانب حُرموا من محاكمات عادلة، ومن الدعم القنصلي والترجمة القانونية.

وأوضحت وثائق قضائية أن العديد من القضايا بُنيت على اعترافات انتُزعت تحت التعذيب أو الإكراه.

استخدام سياسي لعقوبة الموت

أُعدمت السلطات السعودية 34 شخصًا بتهم تتعلق بالإرهاب في عام 2025، وهي تهم وصفتها المنظمات الحقوقية بأنها فضفاضة وتشمل أفعالًا لا ترقى إلى “أخطر الجرائم”.

ومن بين هذه الحالات، أثار إعدام الصحفي السعودي تركي الجاسر في يونيو الماضي صدمة واسعة، إذ كان مختفيًا قسريًا منذ سبع سنوات، ما عُدّ دليلاً إضافيًا على استخدام الإعدام كوسيلة لإسكات المنتقدين.

ولا يزال العالمان الإسلاميان سلمان العودة وحسن فرحان المالكي يواجهان خطر الإعدام، بعد محاكمات وُصفت بأنها “مطولة وغير شفافة”، بناءً على تهم مبهمة تتعلق بـ”إثارة الفتنة” و”الإساءة إلى النظام العام”.

إعدام قاصر رغم الوعود الرسمية

رغم مزاعم الرياض بوقف إعدام من ارتكبوا جرائم وهم قاصرون، فقد نفّذت السلطات في 21 أغسطس الماضي حكم الإعدام بحق الشاب جلال اللبّاد، بتهم تتعلق باحتجاجات وقعت حين كان دون الثامنة عشرة.

وُلد اللبّاد عام 1995 واعتُقل بسبب مشاركته في احتجاجات عامي 2011 و2012 في المنطقة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية، وتعرّض لمحاكمة وُصفت بأنها “جائرة للغاية” اعتمدت على اعترافات انتُزعت بالتعذيب.

وقالت المنظمات إن هذا الإعدام “ينسف مصداقية وعود السعودية أمام المجتمع الدولي”، ويُظهر استمرار النهج القمعي ضد المعارضين السلميين.

كما يواجه عدد من القاصرين الآخرين خطر الإعدام الوشيك، من بينهم عبد الله الدرازي ويوسف المناصف وعلي السبيتي وجواد قريريص وحسن الفرج.

المملكة بين التجميل الإعلامي والقمع الواقعي

تُعد السعودية من أكثر دول العالم تنفيذًا لأحكام الإعدام، إذ نفّذت 345 حكمًا في عام 2024، وهو أعلى رقم منذ 1990. وتُنفذ بعض الإعدامات سرًا دون إخطار العائلات أو نشر قوائم رسمية، ما يقوّض الشفافية والمساءلة.

وتأتي هذه الممارسات في وقت تسعى فيه الرياض إلى إعادة تلميع صورتها الدولية عبر مشاريع ضخمة مثل نيوم واستضافة فعاليات رياضية عالمية ككأس العالم 2034، وحملات ترفيهية ضخمة مثل مهرجان الرياض للكوميديا، في محاولة لإبرازها كدولة منفتحة وحديثة.

غير أن المنظمات الحقوقية تقول إن هذه الصورة “زائفة”، وتهدف إلى التغطية على تصاعد القمع الداخلي وازدياد الإعدامات السياسية.

وفي بيانها المشترك، دعت المنظمات الموقّعة السلطات السعودية إلى:

  1. فرض وقف فوري لجميع الإعدامات تمهيدًا لإلغاء العقوبة كليًا.
  2. تعديل القوانين الوطنية لإلغاء عقوبة الإعدام في الجرائم غير المميتة، خصوصًا المتعلقة بالمخدرات والإرهاب.
  3. استبدال جميع أحكام الإعدام بعقوبات بديلة، بما يشمل القاصرين والسجناء في القضايا ذات الطابع السياسي.
  4. ضمان الشفافية في نشر بيانات الإعدامات والسماح للمنظمات المستقلة بمراقبة السجون والمحاكم.
  5. الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين بسبب نشاطهم السلمي أو آرائهم السياسية والدينية.

كما حث البيان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والمقررين الخاصين على متابعة الوضع عن كثب، داعيًا شركاء السعودية الدوليين إلى التنديد العلني بهذه الانتهاكات ووقف التعاون القضائي والأمني مع الرياض إلى حين التزامها بالمعايير الحقوقية الدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى