آل سعود ومسلسل طويل من فضائح شراء حكام الدول
لا يمثل إقرار الرئيس السوداني المعزول عمر البشير بتلقي 25 مليون دولار نقدا من محمد بن سلمان لاستخدامها خارج ميزانية الدولة سوى حلقة ضمن مسلسل طويل من فضائح شراء آل سعود حاكم الدول.
البشير قال إن الأموال السعودية صرفت، ولكنه لم يذكر أوجه صرفها، وأخبر المحققين بحصوله على دفعتين بمبلغ 35 و30 مليون دولار من الملك عبد الله (العاهل السعودي الراحل) ومن محمد بن سلمان.
وتشارك قوات من الجيش السوداني في حرب اليمن منذ سنوات، وأعلن المجلس العسكري الحاكم استمرار القوات السودانية في مهامها بعد عزل البشير.
اعتراف البشير الذي يحاكم بتهم فساد أضاف في الواقع واقعة جديدة لسجل نظام آل سعود الذي يوجه أمواله بشكل مباشر لحكام عدد من الدول، بهدف شراء ولائهم.
فقد تكرر هذا السيناريو في عدة بلدان مع عدد من الزعماء، مثل رئيس الوزراء الماليزي السابق نجيب عبد الرزاق، ومع مصر بعد الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013، ومع حكومة جزر المالديف السابقة بقيادة عبد الله يمين.
وفي يوليو /تموز عام 2015، اتهمت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية رئيس الوزراء الماليزي السابق نجيب عبد الرزاق بالفساد، وكشفت عن تحويل مبلغ 681 مليون دولار لحسابه الشخصي من الصندوق السيادي الماليزي.
بعدما بدأ النائب العام الماليزي تحقيقا في القضية، تم استبداله بآخر أعلن أن هذه الأموال كانت هبة شخصية من العائلة المالكة السعودية للحساب الشخصي لرئيس الحكومة.
في أبريل/نيسان عام 2016، اعترف وزير الخارجية السعودي في ذلك الوقت عادل الجبير بتحويل المبلغ، زاعمًا أنه كان عبارة عن “منحة شخصية دون توقع أي شيء في المقابل”.
تقارير إعلامية ربطت بين دفع السعودية لهذا المبلغ وبين مساعيها لهزيمة خصوم نجيب عبد الرزاق من الإسلاميين في الانتخابات البرلمانية عام 2013.
شاركت ماليزيا في التحالف الذي كونته السعودية للحرب في اليمن، لكن في يونيو/حزيران من العام الماضي، أعلنت الحكومة الماليزية بقيادة مهاتير محمد سحب قواتها من السعودية، معتبرة أن قرار المشاركة تسبب بتوريط البلاد في الصراع رغم حرصها على الحياد.
أعلن مهاتير محمد فتح تحقيق في شبهات فساد بمليارات الدولارات تتعلق بالصندوق السيادي للبلاد. وكشفت التحقيقات عن تورط شخصيات سعودية وإماراتية في الفضيحة، أبرزهم سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة.
يخضع نجيب عبد الرزاق حاليًا للمحاكمة بتهمة الفساد والاختلاس وغسل الأموال وسوء استخدام السلطة.
وفي مصر قدم نظام آل سعود عشرات المليارات من الدولارات لنظام ما بعد الانقلاب العسكري في مصر.
تضمنت تلك المبالغ منحًا لا ترد، وودائع في البنك المركزي وقروضا واستثمارات وشحنات نفطية ومساعدات عينية، إلا أن هناك تضارب كبير في تحديد الرقم الحقيقي لتلك المساعدات.
في حوار مع شبكة “سي إن إن” الأمريكية بعد الانقلاب، قال محمد البرادعي نائب الرئيس المؤقت في ذلك الوقت، إن دولًا خليجية لم يحددها وعدت بتقديم مبلغ 35 مليار دولار.
تحدث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في تسجيل صوتي مسرب عندما كان وزيرًا للدفاع عن خطته للحصول على 10 مليارات دولار من السعودية، وكذلك 10 مليارات دولار من كل من الإمارات والكويت. كما تحدث عن ثراء تلك الدول مشبهًا الأموال التي لديها بأنها “زي الرز”.
السيسي قال في مقابلة تليفزيونية عام 2014 إن المساعدات الخليجية بلغت أكثر من 20 مليار دولار، إلا أن وزير المالية السابق هاني قدري قال في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، إن دول الخليج قدمت مساعدات نقدية وعينية لدعم الاقتصاد المصري في العام المالي 2013/2014 بلغت نحو 10.6 مليار دولار فقط.
وزارة المالية المصرية قدمت رقمًا مغايرًا حينما قدرت في بيان لها في يوليو/تموز 2014 حجم المساعدات الخليجية بنحو 16.7 مليار دولار، إلا أن وزير المالية عاد وخفض الرقم إلى 10.6 مليار دولار، وفقًا لورقة بحثية نشرها مركز الجزيرة للدراسات.
وزير الاستثمار المصري السابق أشرف سالمان قدر المساعدات الخليجية لمصر بعد الانقلاب بنحو 23 مليار دولار في الفترة من يوليو/تموز 2013 وحتى نهاية 2014 فقط، مضيفًا أن هناك “أشياء كثيرة لا تقال” حسب قوله.
في مارس/آذار 2017، كشف تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات عن قيام وزارة المالية بإخفاء وزارة المالية 6 مليارات دولار من المنح الخليجية في حساب خاص لدى البنك المركزي المصري.
في عام 2016، زار الملك سلمان مصر ووقع عقودًا لاستثمار مليارات الدولارات، وفي نفس الوقت أعلنت القاهرة عن تنازلها عن جزيرتي تيران وصنافير، بدعوى أنهما كانتا ملكا للسعودية، وهو ما أثار غضبًا شعبيًا واسعًا ومظاهرات حاشدة قمعتها أجهزة الأمن.
ألقي القبض على هشام جنينة، الرئيس السابق لجهاز المحاسبات، في العام الماضي، ولا يزال رهن الاعتقال.
في عام 2016، كشف فيلم استقصائي لوحدة التحقيقات في شبكة “الجزيرة”، عن فساد مستشر في حكومة جزر المالديف تضمن عمليات غسل أموال ورشى وسرقة. وأكد تورط الرئيس المالديفي السابق عبد الله يمين في استلام دفعات من الأموال نقدًا، تصل كل دفعة منها إلى مليون دولار أمريكي.
لاقى فيلم “الجنة المسروقة” اهتمامًا دوليًا كبيرًا، دفع الرئيس المالديفي إلى التعاقد مع شركات تقدم خدمات قانونية وشركات علاقات عامة لمحاولة إيقاف بث الفيلم، وأعلنت السلطات المالديفية عن إجراءات عقابية تطال كل من تعاون مع الجزيرة في إنتاجه.
انضمت جزر المالديف إلى السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وقررت قطع علاقتها مع دولة قطر عقب إعلان الحصار في يونيو/حزيران 2017.
قوبل قرار الحكومة المالديفية بانتقادات واسعة من الرأي العام المحلي، إذ اتُّهمت الحكومة بالرضوخ للنفوذ السعودي.
حكومة المالديف كانت قد أعلنت أيضًا قطع العلاقات مع إيران عام 2016 بعد إعلان السعودية نفس الإجراء.
في عام 2014، دفع الملك سلمان، الذي كان وقتها وليًا للعهد، مبلغ 30 مليون دولار لحجز 3 جزر في المالديف، بحسب وسائل إعلام بريطانية. وبعد زيارة للملك سلمان في مارس/ آذار 2017، أعلنت المالديف أن السعودية سوف تستثمر 10 مليارات دولار أمريكي في البلاد.
في عام 2017، ذكرت تقارير أن صندوقًا تموله السعودية تقدم بمقترح لمشروع سياحي كبير على جزيرة مرجانية، إلا أنه لقي رفضًا من المعارضة التي وصفت المشروع بأنه “زحف استعماري سعودي” على البلاد. وشملت اتهامات المعارضة بيع أراض وجزر للسعودية.
لتسهيل استثمار كهذا، كانت الحكومة أقرت عام 2015 قانونًا يسمح للأجانب بامتلاك الأرض للأبد في حال القيام باستثمار يصل لمليار دولار.
في ذروة الأزمة السياسية التي كانت تعيشها المالديف العام الماضي، قدمت المملكة والإمارات منحة للمالديف قيمتها 160 مليون دولار.
حكومة عبد الله يمين كانت قد أعلنت حالة الطوارئ وفرضت حصارًا على البرلمان واعتقلت رئيس المحكمة العليا، بعد أن قررت المحكمة إعادة الأغلبية للمعارضة في البرلمان، مما يمنحها نظريًا القدرة على سحب الثقة من الرئيس يمين وحكومته.
هزم يمين في الانتخابات التي أجريت العام الماضي على يد منافسه إبراهيم محمد صلح.
وزير خارجية المالديف الحالي عبد الله شهيد قال الشهر الجاري إن حكومته تعمل على إعادة العلاقات الدبلوماسية مع قطر، منتقدًا قرار الحكومة السابقة بقطع العلاقات معها.
يخضع عبد الله يمين حاليًا للتحقيق بتهم تتعلق بغسيل أموال.