أكثر من 20 صحفيا رهن الاعتقال التعسفي في سجون آل سعود
تواصل سلطات نظام آل سعود اعتقال أكثر من 20 صحفيا بشكل تعسفي ومن دون سند قانوني على خلفية عملهم الإعلامي.
وأكد حساب “معتقلي الرأي” في سجون آل سعود أن السلطات تواصل اعتقال أكثر من 20 صحفياً وإعلامياً بينهم سيدات، وذلك على خلفية التعبير عن الرأي.
ومن بين هؤلاء الصحفي زهير كتبي الذي تؤكد مصادر حقوقية أنه في خطر صحي حقيقي إن بقي رهن الاعتقال التعسفي، وسط مطالب بالإفراج الفوري عنه بلا قيود أو شروط مسبقة.
بموازاة ذلك تواصل سلطات آل سعود اعتقال الإعلامي مالك الأحمد منذ 3 أعوام فقط بسبب انتقاده حالة الإعلام التجاري الرخيص والموجّه وسعيه لأجل تأسيس وقف للإعلام الهادف.
ومؤخرا قالت منظمة مراسلون بلا حدود الدولية إن السعودية ومصر تتنافسان على احتلال صدارة دول الشرق الأوسط في حبس الصحفيين، والفاعلين الإعلاميين القابعين في السجون يواجهون عزلة مضاعفة الآن بسبب جائحة كوفيد-19.
وطالبت مراسلون بلا حدود نظام آل سعود ومصر بإطلاق سراحهم بمناسبة حلول شهر رمضان الفضيل، الذي يُعتبر شهر التسامح والغفران بالنسبة للمسلمين.
وحسب المنظمة تُعد كل من مصر والمملكة ضمن قائمة الدول التي تشكل “أسوأ سجون العالم بالنسبة للصحفيين”، حيث يقبع في معتقلات هاتين الدولتين لوحدهما نحو 60 محتجزاً من الفاعلين الإعلاميين، الذين يوجد معظمهم رهن الحبس منذ مدة طويلة.
وإذا كان هناك من سيقضون مرة أخرى هذا الشهر الفضيل خلف القضبان، فإن البعض الآخر يواجهون هذا الوضع للمرة الأولى، كما هو حال الصحفية السعودية مها الرافدي (جريدة الوطن)، التي زُج بها في السجن خلال موجة اعتقالات نوفمبر/تشرين الثاني 2019، شأنها في ذلك شأن زملائها المصريين الذين اعتُقلوا بين سبتمبر/أيلول ونوفمبر/تشرين الثاني، في ما اعتُبر أكبر موجة اعتقالات منذ وصول عبد الفتاح السيسي إلى السلطة.
وفي هذا الصدد، قالت صابرين النوي، مسؤولة مكتب الشرق الأوسط في مراسلون بلا حدود، “إن قضاء شهر رمضان في عزلة تامة يمثل ضربة موجعة أخرى للصحفيين المسجونين، المعرضين أصلاً لأخطار جسيمة في أماكن غير آمنة بتاتاً في عز تفشي وباء كوفيد-19″، مضيفة أن “على السلطات السعودية والمصرية أن تغتنم هذه الفترة للتحلي بروح الإنسانية من خلال إطلاق سراحهم بمناسبة دخول شهر الرحمة والعفو والمغفرة”.
وتضم قائمة المعتقلين في المملكة المدون رائف بدوي، القابع في السجن منذ نحو ثماني سنوات بتهمة “إهانة الإسلام”، حيث يوجد قيد الحبس الانفرادي، علماً أن الاتصال الهاتفي المسموح له بإجرائه مع أسرته لا يتجاوز دقائق معدودة، كما لم يعد يُجرى بانتظام، حيث تشعر زوجته إنصاف حيدر بقلق متزايد إزاء فترات انقطاع أخباره التي أصبحت أطول بكثير من ذي قبل.
وكانت منظمة مراسلون بلا حدود الدولية صنفت السعودية في المرتبة 170 من أصل 180 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة في دليل جديد على حدة استبداد نظام آل سعود وانتهاكاته لحقوق الإنسان.
وقالت المنظمة الدولية إن وسائل الإعلام الحرة تنعدم في المملكة حيث يخضع الصحفيون إلى مراقبة مشددة حتى لو كانوا في الخارج.
وذكرت المنظمة أن ذلك تأكد مع اغتيال الصحفي البارز جمال خاشقجي في إسطنبول في تركيا في مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2018.
وأشارت إلى رغم أنّ ولي العهد محمد بن سلمان قد انتهج خطاب انفتاح عند توليه السلطة في يونيو/حزيران 2017، فإن موجة القمع قد تفاقمت بشكل ملحوظ.
فمنذ ذلك التاريخ تضاعف عدد الصحفيين والصحفيين المواطنين القابعين خلف القضبان ثلاث مرات، وكان اعتقال أغلبهم تعسفيًا، بينما يتعرض كل سجناء الرأي إلى التعذيب بشكل منهجي.
ويقضي قانون العقوبات وكذلك قوانين مناهضة الإرهاب والجرائم الإلكترونية بسجن الصحفيين أو إيقافهم عن العمل كلما صدر عنهم نقد أو أبدوا رأيهم في الشأن السياسي (حيث يُتهمون بالتجديف أو المس بالدين أو تهديد الوحدة الوطنية أو المس بصورة الملك والدولة).
ومع كل هذا فإن الرقابة الذاتية هي القاعدة حتى على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث بات يُتهم بالخيانة كل من ينتقد دور المملكة في الحرب على اليمن أو يدعو إلى التقارب مع قطر أو يعارض تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
فقد أصبح الصحفيون الذين يختارون الحياد عرضة لشتى أنواع الاتهامات إذا لم يتبعوا نفس الخط الذي تسلكه وسائل الإعلام الرسمية في مدح بن سلمان. وعلى شبكة الإنترنت، فإنهم يواجهون مختلف أشكال الملاحقات والمضايقات من قبل جيش “الذباب الإلكتروني”، وهو عبارة عن كتائب نشطة بقوة على منصات التواصل الاجتماعي، وخاصة تويتر.
وبحسب مراسلون بلا حدود تلجأ المملكة أيضًا إلى تقنيات تجسس متقدمة جدًا لتعقب تحركات الصحفيين الذين يعيشون في المنفى أو لمراقبة بعض الشخصيات المؤثرة، كما انكشف من خلال قضية اختراق الهاتف الخليوي لمالك واشنطن بوست، جيف بيزوس.
كما وضعت لجنة دولية السعودية على رأس قائمة الدول المنتهكة لحقوق الصحفيين بفعل سياسات نظام آل سعود القمعية.
وأصدرت “لجنة حماية الصحافيين” Committee to Protect Journalists، قائمتها السنوية حول الصحافيين السجناء، واحتلت فيها المملكة المرتبة الثالثة.
وقالت اللجنة إن الصين وتركيا تتصدران الدول التي تسجن أكبر عدد من الصحافيين، وتتبعهما المملكة ومصر، ثم إريتريا وفيتنام وإيران.
وأبرزت اللجنة أن “وجود أنظمة الحكم الاستبدادية والاضطرابات والاحتجاجات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أدّت إلى زيادة عدد الصحافيين السجناء في المنطقة، خصوصاً في السعودية التي قفز عدد الصحافيين المحتجزين فيها إلى 26 صحافياً عام 2019، وباتت تحتل مع مصر المرتبة الثالثة بين البلدان التي تسجن أكبر عدد من الصحافيين”.
وأفادت “لجنة حماية الصحافيين” بأن عدد الصحافيين المسجونين بسبب عملهم في العالم بلغ 250 صحافياً على الأقل للسنة الرابعة على التوالي، وتصدرت الصين وتركيا قائمة الدول التي تسجن أكبر عدد منهم.
وقال المدير التنفيذي في “لجنة حماية الصحافيين”، جويل سايمون، إن “سجن صحافي واحد هو ظلم فادح ويترك تبعات واسعة على الأسر والأصدقاء والزملاء. أما سجن مئات الصحافيين، سنة تلو الأخرى، فهو تهديد لنظام المعلومات العالمي الذي نعتمد عليه جميعاً. وتستخدم الحكومات القمعية هذه الأساليب القاسية لحرمان مجتمعاتها والعالم بأكمله من المعلومات الأساسية”.
تجدر الإشارة إلى أن تقرير اللجنة لا يشمل الصحافيين الذين احتجزوا وأفرج عنهم على امتداد العام.
ويحكم نظام آل سعود بقضبة من حديد فيبطش ويقمع الصحافيين فارضا نظاما في السعودية يقوم على تقييد الحريات العامة وفي مقدمة ذلك حرية الصحافة وهو ما يعبر عنه موقع المملكة في قائمة حرية الصحافة عالميا.
ويوجد حالياً ما لا يقل عن 30 صحفياً وصحفياً مواطناً قيد الاحتجاز التعسفي في سجون آل سعود وهم المعرفون رسميا لدى المنظمات الدولية فيما يقول نشطاء إن العدد الحقيقي للصحفيين والمدونين المعتقلين سرا هو بالمئات.