دراسة دولية تفضح محاولة آل سعود التأثير الإعلامي داخل المملكة وخارجها
فضحت دراسة دولية محاولة نظام آل سعود ممارسة التأثير الإعلامي وتغيير وجهات النظر عبر مواقع التواصل الاجتماعي داخل حدود المملكة وخارجها.
وقال الباحثون في الدراسة إن المملكة على رأس 70 دولة على الأقل قامت بحملات تضليل إعلاميّة، حسبما نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن باحثين في جامعة أوكسفورد البريطانية.
وخلص الباحثون إلى أن معظم جهود التضليل المرتبطة بالحكومة كانت مركزة محلياً. لكن سبع دول على الأقل حاولت التأثير على وجهات النظر خارج حدودها هي المملكة والصين والهند وإيران وباكستان وروسيا وفنزويلا.
وفي فيتنام، تم تجنيد المواطنين لنشر رسائل مؤيدة للحكومة على صفحاتهم الشخصية على “فيسبوك”. واستخدمت الحكومة الغواتيمالية حسابات التواصل الاجتماعي التي تم اختراقها وسرقتها لإسكات الآراء المخالفة. فيما قام الحزب الحاكم في إثيوبيا بتعيين أشخاص للتأثير على محادثات وسائل التواصل الاجتماعي لصالحها.
وأشارت الدراسة إلى أنّه “على الرغم من الجهود المتزايدة التي تبذلها منصات الإنترنت مثل (فيسبوك) لمكافحة المعلومات المضللة عبر الإنترنت، فإن استخدام التقنيات من قبل الحكومات في جميع أنحاء العالم يتزايد”.
إذ تنشر الحكومات معلومات مضللة لتشويه سمعة المعارضين السياسيين ودفن الآراء المعارضة والتدخل في الشؤون الخارجية.
وقام الباحثون بجمع المعلومات من المؤسسات الإخبارية ومنظمات المجتمع المدني والحكومات لإنشاء واحدة من قوائم الجرد الأكثر شمولًا لممارسات التضليل التي تقوم بها الحكومات في جميع أنحاء العالم.
ووجدوا أنّ عدد الدول التي لديها حملات تضليل سياسي يصل إلى 70 دولة، أي أكثر من الضعف في العامين الماضيين، مع وجود دليل على وجود حزب سياسي واحد على الأقل أو كيان حكومي في كل من تلك الدول يشارك في التلاعب بوسائل التواصل الاجتماعي.
ولا يزال “فيسبوك” هو الشبكة الاجتماعية الأولى للتضليل، حسبما ذكر التقرير، إذ تم العثور على حملات الدعاية المنظمة على المنصة في 56 دولة.
وقالت الباحثة بمعهد أوكسفورد للإنترنت والمؤلفة المشاركة في الدراسة، سامانثا برادشو: “تكنولوجيا وسائل التواصل الاجتماعي تميل إلى تمكين الدعاية والتضليل بطرق جديدة حقًا”.
وعمل المعهد سابقًا مع لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي للتحقيق في التدخل الروسي في حملة عام 2016.
ويُسلّط التقرير الضوء على التحدي المستمر أمام “فيسبوك” و”تويتر” و”يوتيوب” التي تحاول مكافحة المعلومات المضللة، لا سيما عندما يكون الجناة تابعون للحكومات.
وأعلنت الشركات عن تغييرات داخلية لتقليل التلاعب بالوسائط الاجتماعية والتدخل الأجنبي. لكنّ البحث يوضح أن استخدام التكتيكات، التي تشمل الروبوتات (البوتس)، وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي المزيفة، والمتصيدون، يتزايد. وفي الشهرين الماضيين، علّقت المنصات حسابات مرتبطة بحكومتي الصين ونظام آل سعود.
وقال مدير التحقيقات في شركة تحليل وسائل التواصل “غرافيكا”، بن نيمو، إنّ “الاستخدام المتزايد للمعلومات المضللة عبر الإنترنت أمر مقلق بالنسبة لانتخابات الولايات المتحدة عام 2020”.
وأضاف أنّ مجموعة من الجماعات المحلية والأجنبية، التي تعمل بشكل مستقل أو مع علاقات فضفاضة مع الحكومة، تبني على الأساليب التي استخدمتها روسيا في الانتخابات الأميركية الرئاسية الأخيرة، ما يجعل من الصعب على المنصات مراقبة الشرطة. واعتبر أنّ “الخطر هو انتشار التقنيات. أي شخص يريد التأثير في انتخابات 2020 قد يتم إغراؤه بنسخ ما قامت به الحملة الروسية في عام 2016”.
وأشار باحثون إلى أنّ ظهور الصين كقوة في التضليل العالمي هو أحد أهم التطورات في العام الماضي. استخدمت البلاد منذ فترة طويلة الدعاية المحلية، لكن الاحتجاجات التي وقعت هذا العام في هونغ كونغ قدمت دليلاً على أنها كانت توسع جهودها. في أغسطس/آب الماضي، قام “فيسبوك” و”تويتر” و”يوتيوب” بتعليق الحسابات المرتبطة ببكين والتي نشرت معلومات مغلوطة حول الاحتجاجات.
وقال مدير معهد أكسفورد للإنترنت وأحد مؤلفي التقرير، فيليب إن هوارد، إنّ مثل هذه الحملات المضللة عبر الإنترنت لم يعد من الممكن فهمها على أنها من عمل “المتسللين الوحيدين، أو الناشطين الأفراد، أو المراهقين الذين يقومون بحملات (كيلك بيت) في الطوابق السفلية لمنازلهم”. وأشار إلى أنّ “هناك احترافية جديدة لهذا النشاط مع المنظمات الرسمية التي تستخدم خطط التوظيف ومكافآت الأداء”.
في السنوات الأخيرة، استخدمت الحكومات “القوات السيبرانية” لتشكيل الرأي العام، بما في ذلك شبكات من روبوتات لتضخيم رسالة، ومجموعات من “المتصيدين” لمضايقة المعارضين السياسيين أو الصحافيين، وعشرات حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المزيّفة للتضليل بشأن عدد الأشخاص المتفاعلين مع قضية ما.
لم تعد التكتيكات تقتصر على الدول الكبيرة. يمكن الآن للدول الصغيرة إعداد عمليات التأثير على الإنترنت بسهولة أيضًا. فقد قال الباحثون في جامعة أكسفورد إنّ الحكومات تستخدم وسائل الإعلام الاجتماعي بشكل متزايد لقمع حقوق الإنسان وتشويه سمعة المعارضين السياسيين وخنق المعارضة، بما في ذلك في دول مثل أذربيجان وزيمبابوي والبحرين.
وقالت برادشو إنّ كلّا من اللوائح الحكومية والخطوات التي اتخذها فيسبوك لمكافحة هذا النوع من المعلومات المضللة لم تكن كافية.
وأضافت أنّ الكثير من اللوائح “تميل إلى التركيز على المحتوى” أو “المشاكل عند أطراف مشاكل التضليل”، مشيرةً إلى جهود مثل شفافية “فيسبوك” في أرشيف إعلاناتها.
وقالت برادشو: “لكن من خلال بحثنا، نرى أنّ الاستهداف الدقيق ليس في الواقع سوى جزء صغير جدًا من المشكلات”، مضيفةً أنّ فيسبوك لم يعالج المشاكل الهيكلية الأعمق التي تجعل من السهل نشر معلومات كاذبة ومضللة. وأكّدت أنّه “لكي تتصدى لذلك تحتاج إلى إلقاء نظرة على الخوارزمية ونموذج الأعمال الأساسي”.