فضائح السعودية

نائب أميركي: نظام آل سعود يحاول دفن قضية خاشقجي

ندد عضو لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي رون وايدن، بما وصفه محاولة نظام آل سعود دفن قضية جريمة قتل الصحفي البارز جمال خاشقجي مطلع تشرين أول/أكتوبر عام 2018.

وقال وايدن في تصريحات له إن العفو عن قتلة خاشقجي من أبنائه لا يقرب من الحقيقة أو إحقاقِ العدالة، وإن واشنطن ليس بوسعها قبول حملة نظام آل سعود لدفن القضية.

وأضاف أن “من يعشْ في ظلِ نظام استبدادي وقاتل لا يمكن أن يتخذ قرارا بمحض إرادته”، في إشارة منه إلى قول نجل خاشقجي إن الأسرة عَفت عن القتلة.

في هذه الأثناء تواصلت مواقف منظمات حقوقية منددة بالإعلان عن عفو قتلة خاشقجي.

وقالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا إن قضية مقتل خاشقجي ليست قضية عائلية، وإن أي تنازل أو عفو من أي كان لا يؤثر في الطابع الجنائي للقضية وضرورةِ الوصول إلى العدالة التامة ولا سيما تحديد مصير الجثة.

وأضافت المنظمة أنه كان متوقعا أن تصل القضية إلى هذه الطريقة، أي دية مقابل عفو الأسرة. ووصفت القضية بأنها “إرهاب دولة يستدعي محاسبة المسؤولين عنه أمام محكمة دولية”.

ودعت المنظمة عائلة خاشقجي ألا تدخل في سجالاتٍ تشوش على مساعي محاسبة المسؤولين عن مقتل جمال.

وأكدت المنظمة أن ما جعل القضية تصل إلى هذه المحطة هو تراخي صناع القرار في العالم عن اتخاذ موقف حاسم تجاه المخططين والمنفذين للجريمة، مما جعل النظام السعودي يتمادى أكثر بل يهدد كل من يرفع صوته بمصير خاشقجي.

وقالت الناشطة اليمنية، توكل كرمان، الحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 2011 “متى سيفهم صلاح خاشقجي أن جريمة قتل أبيه جمال خاشقجي ليست جريمة في حقه حتى يعفو عنها مقابل (فيلا) من بن سلمان؟!”.

وتابعت عبر صفحتها على تويتر “هي جريمة ضد الإنسان هذا هو وصفها فقط، الإنسانية وحدها من تملك العفو وليس صلاح، أؤمن بالعواقب الأخلاقية الوخيمة لجريمة قتل خاشقجي.. هي بمملكة بن سلمان الشائخة.. والأيام بيننا”.

وقد قوبل إعلان أبناء الصحفي خاشقجي العفو عن قتلته الذي يعتقد على نطاق واسع أنه تم بضغط شديد من نظام آل سعود برفض محلي ودولي واسع النطاق وسط تأكيدات أن الجريمة سياسية.

ووصفت أغنيس كالامار، خبيرة الأمم المتحدة التي حققت في قضية اغتيال خاشقجي عفو أبنائه عن القتلة بأنه “صادم ويشل مهزلة”.

وقالت كالامار إن برغم أن الإعلان أمر صادم، فإنه كان مرتقباً باعتبار أن سلطات آل سعود تراهن على ما تأمل أن يكون الفصل الأخير في سياق مهزلتها القضائية أمام مجتمع دولي مستعد أكثر من اللازم لأن ينخدع”.

ودعت كالامار مجدداً الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى “التحرك وفتح تحقيق استقصائي يتمحور حول “التسلسل القيادي والمسؤوليات الفردية المتصلة بالجريمة، بما في ذلك في أعلى مستويات الدولة”.

وقال مقربون من خاشقجي، مثل خطيبته خديجة جنكيز، ومعارضون ونشطاء حقوقيون إن القتل الذي حدث لخاشقجي هو قتل “غيلة” وفق القانون السعودي المستمدّ من الشريعة، وهو القتل عن طريق الغدر، وهو أمر لا يملك فيه أحد من عائلته حق التنازل عن الدم وفق النصوص القانونية السعودية ذاتها.

وقالت خديجة جنكيز خطيبة خاشقجي عبر حسابها على موقع “تويتر”: “جمال قُتل في قنصلية بلاده حين وجوده هناك لاستلام أوراق لإتمام زواجه رسمياً! القتلة قدموا من السعودية بترتيب مسبق، والقتل غيلة، وليس لأحد حق العفو، لن نعفو لا عن القتلة ولا من أمر بقتله”.

وأضافت: “أصبح جمال رمزاً عالمياً أكبر منا جميعاً قريباً كان أم حبيباً. وجريمة قتله المشينة لن تسقط بالتقادم، ولم يعد لأحد حق في العفو عن قاتليه، وسأستمر أنا وكل من يطالب بالعدالة من أجل جمال حتى نحقق مرادنا”.

من جانبه، قال المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش كينيث روث إن إستراتيجية ولي العهد السعودي هي الضغط على نجل خاشقجي لمسامحة قتلة والده.

وأضاف أنها تهدف إلى أن ينسى العالم هوية الشخص الذي أمر بهذه الجريمة البشعة، على حد تعبيره.

بدوره قال رئيس منظمة “القسط” لحقوق الإنسان يحيى عسيري: “قضية قتل جمال خاشقجي ليست قضية عائلية، ليست قتلاً خطأً في إطار طبيعي! لم يقتله أحد بسبب وضع شخصي لنصمت وتتدخل عائلته! هي جريمة سلطات، قتلته السلطات بسبب عمله السياسي، قضيته سياسية، فليصمتوا!”.

وأضاف عسيري “كما أننا نرفض رفضًا قاطعًا استخدام السلطات لأسرة المغدور خاشقجي أو بعضهم، فالقضية ليست عائلية، بل قضية رأي عام، وجمال رحمه الله لم يقتل في شجار جنائي عائلي، بل هو كاتب سياسي قتلته السلطات، والقضية تهمنا كسياسيين أكثر من أسرته”.

بدوره، قال الأكاديمي والناشط الحقوقي عبد الله العودة: إن “تكييف العقوبة وفقاً للنيابة العامة “قصاص” منذ البدء، يوضّح النيّة المبيّتة لتبرئة قتلة خاشقجي أو الذهاب لمسار “العفو” من قِبل العائلة. وللأسف هذا الذي حصل كان هو المتوقّع”.

وأضاف: “جريمة قتل الشهيد خاشقجي هي قتل غيلة لن تسقط بالتقادم وعملية اغتيال واستغلال السلطة.. إضافة لجرائم أخرى”.

وعرض العودة قراراً من المحكمة السعودية العليا يقول إن قتل الغيلة لا يجوز فيه العفو.

كما عرض ناشطون آخرون تغريدة لوزارة العدل السعودية في موقع “تويتر” تعود إلى عام 2015، تقول إن القتل غيلةً لا يُقبل فيه العفو.

وأعلن أبناء خاشقجي “العفو” عن قتلة والدهم، في خطوة من شأنها السماح للمتهمين بالإفلات من عقوبة الإعدام، بحسب محللين الذين يؤكدون أن الإعلان صدر بضغط نظام آل سعود.

وكان الممغدور خاشقجي قُتل على يد فرقة خاصة من استخبارات آل سعود مكلفة من قبل ولي العهد محمد بن سلمان داخل قنصلية المملكة في إسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول عام 2018.

وفي أعقاب محاكمة غير شفافة أجراها نظام آل سعود، حكم على خمسة أشخاص بالإعدام، وبالسجن على ثلاثة آخرين. وشملت المحاكمة 11 شخصا بالمجمل وقوبلت برفض حقوقي ودولي واسع.

وسبق أن أعلنت كالامار في نهاية يونيو/حزيران 2019، أنّها جمعت ما يكفي من “الأدلة الموثوقة”، التي تتيح فتح تحقيق دولي في قضية خاشقجي بهدف تحديد مسؤوليات أرفع المسؤولين السعوديين في هذه الجريمة، بمن فيهم محمد بن سلمان، وطلبت إلى الأمين العام للأمم المتحدة إطلاق هذه المحاكمة.

وردّ المتحدث باسم غوتيريس بأنّ الأمين العام لا يملك صلاحية لذلك، ويتوجب أن تقدّم دولة عضوة واحدة على الأقل طلبا في هذا الشأن. وطلبت كالامار إلى محاكم في دول، على غرار تركيا والولايات المتحدة حيث كان خاشقجي يعمل ويقيم، النظر في القضية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى