حقوقيون: انتهاكات حقوق الإنسان باتت ممارسات روتينية في عهد بن سلمان
أكد خبراء حقوقيون أن انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة باتت ممارسات روتينية في عهد الملك سلمان ونجله ولي العهد محمد في وقت لا يجد فيه آلاف الضحايا وذويهم سُبلاً للانتصاف من المجرمين الرسميين.
جاء ذلك خلال مؤتمر دولي نظمته “المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان”، لضحايا انتهاكات سلطات نظام آل سعود وذلك بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي صادف أمس.
وتحدث في المؤتمر الذي يعقد للمرة الأولى عددا من ضحايا الانتهاكات أو ذويهم أو من يعبر عن معاناتهم، وخبراء حقوقيون إلى جانب محامين دوليين متخصصين في حقوق الإنسان.
وقال نائب مدير المنظمة الاوروبية السعودية عادل السعيد، إنه منذ تسلم الملك سلمان وولي عهده محمد، الحكم في السعودية، باتت انتهاكات حقوق الإنسان ممارسات روتينية، ولا يجد آلاف الضحايا وذويهم سُبلاً للانتصاف من المجرمين الرسميين، جراء ارتهان الجهاز القضائي لرئاسة أمن الدولة.
وأوضح السعيد أن هدف المؤتمر نقاش قضايا الضحايا أو من ينوب عنهم مع المحامين الدوليين والحديث حول السبلٍ القانونية المتاحة وآفاقها لمحاسبة السعودية أو المسؤولين عن الانتهاكات.
ضحايا انتهاكات
عُقد المؤتمر في جلستين، افتتح حسن الحبيب ابن الشيخ المعتقل تعسفيا محمد الحبيب الجلسة الأولى، وتحدث عن قضية والده والانتهاكات التي تعرض لها.
وأشار الحبيب إلى أن المضايقات التي تعرض لها والده على خلفية مواقفه بدأت منذ ما قبل اعتقاله، كما أوضح أن المحكمة الجزائية المتخصصة حكمت عليه بالسجن 12 عاما والمنع من السفر 5 أعوام، بعد أن تم تبرئته من نفس التهم.
وأكد الحبيب، أن العائلة تبحث عن سبل الانتصاف في القضية في الداخل والخارج، للوصول إلى العدالة.
وفي المداخلة الثانية أدلت بها المواطنة الجنوب أفريقية يمنى ديساي، والتي كانت تدرّس في جامعة حائل في السعودية، قبل أن يتم اعتقالها تعسفيا.
وتحدثت دياسي عن الانتهاكات التي تعرضت لها ومنعها من حقوقها الأساسية هي وأخوتها، وأكدت أن ما تعرضت له، يتعرض له مئات المعتقلين والمعتقلات تعسفيا في السعودية.
وأوضحت أن المحكمة حكمت عليها بالسجن 3 سنوات ظلما على جريمة لم ترتكبها، مشيرة إلى أن سلطات آل سعود تعتقل شابات طموحات وأمهات وناشطات فقط لأنهن طالبن بالإصلاح.
وأكدت أنه رغم التهديدات ستستمر بالحديث نيابة عن المعتقلين الذين لا صوت لهم، والتكلم عن الانتهاكات والتعذيب الذي تمتلئ به السجون السياسية في السعودية.
من جهته المواطن اليمني يحيى درهم، تحدث عن مأساة عائلته التي سببتها الحرب التي تقودها السعودية ضد اليمن.
وأشار درهم إلى أن غارة سعودية أدت إلى تدمير منزل عائلته وإصابة أفراد منها، فيما أدت إلى قتل 7 من عائلة واحدة من جيرانهم.
وقال درهم، إن اليمن وكل الضحايا يطالبون بالتحقيق في هذه الانتهاكات ومحاسبة المنتهكين ومجرمي الحرب وخاصة ولي العهد محمد بن سلمان، كما سأل هل سيعوض شيء عن آلاف الضحايا؟.
فيما علياء الهذلول، تحدثت عن قضية شقيقتها المعتقلة لجين الهذلول، مشيرة إلى التعذيب الشديد الذي تعرضت له على يد مسؤولين سعوديين، بشكل سري.
وأكدت الهذلول أن لجين اعتقلت بسبب دفاعها عن حقوق الإنسان والمرأة بشكل خاص، وأشارت إلى أن الهيئات الرسمية نفت تعرضها للتعذيب من دون التحقيق في الشكاوى التي رفعتها.
وأوضحت علياء أن المسؤولين في السعودية يريدون أن يرهقوا لجين وأن يصمت كل من يتكلم عن ما حدث معها، وهذا ما لن يحدث، مشددة على أن لجين، وكل المعتقلات اللواتي يتعرضن لمثل ما تعرضت له، ليسوا وحدهم.
بعد كلمات الضحايا، أتت مداخلة المحامية كليمنس بكتارت، من مجموعة إجراءات التقاضي التابعة للاتحاد الدولي لحقوق الإنسان.
وتحدثت بكارت عن سبل وصول ضحايا الانتهاكات إلى العدالة في أوروبا، وعرضت مشروعا مشتركا عملت عليه عدد من المنظمات تناول المعوقات أمام الضحايا للوصول إلى العدالة في أوروبا.
وأكدت بكتارت أن العمل بشكل جماعي وجدي يساعد الضحايا في الوصول إلى العدالة والاقتصاص من المنتهكين والحد من الأضرار الجانبية لمثل هذه القضايا والتي لا يمكن تجاهلها.
من جهته، رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية الناشط في مجال حقوق الإنسان وصاحب أول قضية ترفع على ضابط متهم بالتورط في قضايا قتل وتعذيب والقضية منظورة الآن أمام المحاكم الألمانية، المحامي أنور البني، تحدث عن إجراءات التقاضي الدولية، مبينا الفرق بين الجرائم والانتهاكات.
وقال البني إنه حديثا بات هناك توجه قانوني دولي لمقاضاة المنتهكين خارج دولهم، مضيفا أن ذلك يتطلب توثيقا وعملا جديا وسعيا دؤوبا من قبل الضحايا والمنظمات الحقوقية التي تعمل في الداخل.
وأكد البني أن التعويل ليس على الحكومات والسياسة، بل على الانظمة القضائية المستقلة في أوروبا التي قد تساعد في إحقاق العدالة.
والجلسة الثانية من المؤتمر، افتتحتها الدكتورة حصة الماضي، وهي باحثة من السعودية وعضو سابق في منظمة القسط.
وتحدثت الماضي عن معاناة ربع مليون شخص تقريبا في السعودية من مسألة الحرمان من الجنسية.
وأشارت إلى أن القوانين الدولية إلى جانب القوانين الداخلية في السعودية، تلزمها بإعطاء الأفراد الحق في الجنسية، الذي بات مرتبطا بعدد من الحقوق في العالم الحديث.
وعلى الرغم من ذلك، تستمر معاناتهم، حيث أنهم يحرمون من حقوق أساسية في السعودية، مثل الحق في التعليم والعمل والسفر والتنقل بحسب د.الماضي.
وأشارت إلى أن عديمي الجنسية في السعودية هم عدة أقسام، بينهم البدون ومواليد السعودية، إلا أن الحكومة تتعاطى مع الملف بسلبية من دون خطوات فعلية، وهذا ما يفاقم مأساتهم ومعاناتهم.
فيما المواطنة الأردنية زينب أبو الخير، تحدثت عن معاناة أخوها حسين أبو الخير، المحكوم بالإعدام بتهم تتعلق بالمخدرات في السعودية.
وأشارت أبو الخير إلى أن أخاها، اعتقل ظلما وأجبر على التوقيع على الاعترافات تحت التعذيب، كما حرم من حقه في الدفاع عن نفسه وهو لا زال يواجه خطر القتل.
ولفتت إلى أن قضية حسين أثرت على عائلته بأكملها، وأوضحت أنها عملت على رفع الانتهاكات التي تعرض لها عبر الوسائل الدبلوماسية، كما شاركتها مع المنظمات الحقوقية والأمم المتحدة، على الرغم من ذلك لم يتم التحقيق في الانتهاكات ولا زال حسين يواجه خطر الإعدام، وقد يقطع رأسه في أي لحظة، بناء على حكم نهائي بقتله.
والمداخلة الثالثة في الجلسة الثانية كانت لأريج السدحان، شقيقة المعتقل عبد الرحمن السدحان، التي تحدثت عن الإخفاء القسري الذي تعرض له شقيقها.
السدحان أشارت إلى أن أخاها وهو عامل إغاثة اختفى منذ 33 شهرا، ولفتت إلى حرمان السدحان من التواصل مع عائلته، بحيث لم تعرف مكانه أو التهم التي يواجهها وعلى الرغم من تواصله مرة واحدة مع عائلته لا زال مصيره حتى الآن مجهولا.
وأكدت السدحان أن شقيقها مدافع عن حقوق الإنسان، وأنه استهدف بسبب تعبيره السلمي عن آرائه على تويتر، حيث انتقد قضايا تتعلق بالعدالة الاجتماعية وانتهاكات حقوق الإنسان مشددة على أن اختفائه وعدم اليقين بمعرفة حالته أو حتى لو كان على قيد الحياة، تعرض العائلة لجميع أشكال التعذيب النفسي.
الناشط السياسي والباحث أمين النمر، تحدث عن قضية احتجاز السعودية للجثامين، مشيرا إلى أن القوانين الدولية كما الشريعة الإسلامية تؤكد على حق العائلة بدفن فقيدها، على الرغم من ذلك تحتجز السعودية جثامين الأفراد التي تعمد إلى إعدامهم.
وأشار النمر إلى أن الحكومة رفضت تسليم جثمان الشيخ نمر النمر رغم مطالبة العائلة به بعد الإعلان عن إعدامه، كما أنها تحتجز 80 جثمانا على الأقل، طالبت عدة عائلات بها، كما أشار إلى أن هذه الممارسة تطال العمال الأجانب.
واعتبر النمر، إن استعادة الجثامين حق، والعدالة هي محاكمة من ارتكب جريمة قتلهم أساسا.
فيما المحامية ثريا بوينز المتخصصة في الجريمة والقانون الجنائي الدولي وحقوق الإنسان الدولي، تحدثت في المؤتمر عن السبل القانونية المتاحة أمام الضحايا.
وأشارت بوينز إلى أنه بات هناك حاليا ما يعرف بنظام العقوبات العالمي لحقوق الإنسان، وهو قوانين تضعها الحكومات لمعاقبة الأفراد أو الكيانات الذين ينتهكون حقوق الإنسان من خلال عقوبة منع السفر أو العقوبات المالية.
وتحدثت عن قانون ماغنستكي الأميركي الذي صدر بعد وفاة محامي روسي تحت التعذيب أو بسبب الإهمال، واستهدف المسؤولين عن ذلك، مشيرة إلى أن هذا القانون بات عالميا.
كما أوضحت أن عدد من الدول بات لديها قوانين مشابهة لمحاسبة المنتهكين، مبينة أن الانتهاكات الرئيسة التي يطالها هذا القانون، هي التعذيب والاستعباد والحق في الحياة.
وأشارت بوينز إلى أنه بعد كندا وعدد من الدول، وافق الاتحاد الأوروبي في 7 ديسمبر 2020 على قانون العقوبات العالمي لحقوق الإنسان، ليتم تطبيقه لاحقا.
وأوضحت أن هذا القانون يبين استجابة سياسية لناحية انتهاكات حقوق الإنسان، كما أنه يسهل الاستجابة القضائية، حيث أنه من الطرق التي من السهل الوصول إليها بالنسبة للضحايا.
وعلى الرغم من إيجابية هذه الخطوات الأخيرة لكن لا يزال هناك، بحسب بوينز بعض العوائق أمام تطبيق عملي يضمن حقوق الضحايا، أهمها الإرادة السياسية لوضع الأفراد على اللائحة.
جيمس سوزانو، مدير الشؤون القانونية في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، ألقى كلمة أشار فيها إلى أن هناك توجه عالمي جديد حاليا في التعاطي مع الولاية القضائية العالمية. وعلى الرغم من عدم اليقين في نتائجها إلا أن هناك مستقبل مشرق أمام العدالة.
ولفت سوزانوا إلى أن الأمم المتحدة وآلياتها وبرنامج الإجراءات الخاصة فيها، هي ضمن السبل المتاحة حاليا للدفاع عن الضحايا.
وعلى الرغم من أنها ليست كافية، أكد سورزانو ساعدت في حماية عدد من الأرواح معددا عدة قضايا تم التعامل بها مع السعودية.
نائب مدير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان عادل السعيد اختتم المؤتمر، بالإشارة إلى أنه من خلال ما تم عرضه فإن الآليات الدولية في الانتصاف القانوني تطورت في السنوات الأخيرة مقارنة بالسابق، وباتت هناك فرص، لا شك أنها حتى الآن غير تامة وكاملة وفيها قصور وبعض العقبات، ولا تضمن جميع حقوق الضحايا ومحاسبة جميع المجرمين، ولكن توجد فرص متعددة تمكن الضحايا من إمكانية محاسبة المجرمين الرسميين حينما تتوفر الشروط.