تبعية آل سعود ترهن نفط المملكة لأوامر واشنطن
منذ اللحظة الأولى لظهور النفط بالمملكة وظهور شركة الزيت العربية الأمريكية التي تأسست مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي، لم يكن الأمر بالنسبة إلى الامريكيين مجرد شركة نفط عادية بقدر ما كانت علامة خاصة على التواجد الأمريكي الجديد والدائم في جزيرة العرب.
منحت اتفاقية عام 1933 أرامكو حق امتياز لمدة 60 عامًا للتنقيب وإدارة وتسويق النفط والغاز الطبيعي والمعادن على مساحة 360 ألف ميل مربع، أي نصف مساحة المملكة تقريبًا، وهي مساحة تضم كامل النصف الشرقي من البلاد والربع الخالي.
ثم تم تمديد فترة الامتياز في اتفاقية مكملة عام 1939 لمدّة غير محددة، ووسّعت لتشمل كامل أراضي المملكة باستثناء الحجاز، في مقابل حصول المملكة على نسبة سنوية من الأرباح بدأت بـ 15% لتصل تدريجيًا إلى 50% في بداية السبعينات.
وفي عام 1946 كانت الدوريات النفطية الأميركية تتحدث لأول مرة عن أرض تدعى السعودية العربية، حيث تم تثبيت جزء من الدولة الأميركية على بعد آلاف الأميال بين الصخور والرمال في قلب صحاري العرب.
وفي مطلع الخمسينيات كان عدد العاملين في أرامكو يتخطى 20 ألفًا من بينهم 4000 أميركي، إضافة إلى 13 ألف سعودي، وثلاثة آلاف من العرب والأفارقة.
ولكن في الوقت الذي كانت أرامكو تقدم فيه كأرض الأحلام الجديدة للأميركيين في جزيرة العرب، كان الوضع ملتبسًا بشدة بالنسبة إلى السعوديين الذين تحولت أرامكو لعراب دولتهم الجديدة.
فرغم استحداث أبن سعود لبعض الوزارات في دولته، كانت أرامكو فعليًا هي التي تقوم بكل شيء، بداية من تشييد البنية التحتية للبلاد لتيسير استخراج وتصدير النفط، وصولًا إلى إنشاء الموانئ والمطارات والمدارس والمستشفيات والسكك الحديدية وغيرها من المشاريع الشعبية التي تم إنشاؤها لزيادة شعبية “العائلة المالكة”، وتثبيت دعائم حكمها، وترسيخ التحالف النفطي الذي قامت عليه البلاد منذ مطلع الثلاثينيات.
طوال تلك الفترة وحتى مطلع الخمسينيات تقريبًا، لم يكن هناك أي احتكاك يذكر بين الموظفين السعوديين في الشركة وبين مدراءها الأميركيين وعائلاتهم، الذين كانوا منعزلين داخل ما يعرف بـ “الكامب الأميركي” في الظهران الذي تم تشييده خصيصًا لإقامتهم.
وقد شكل ذلك نظام فصل اجتماعي عرقي محاط بأسلاك شائكة، يعيش وراءها العمال السعوديون والعرب في ظروف متدنية داخل ما صار يعرف باسم “الكامب السعودي”، نظام أطلق عليه روبرت فيتاليس اسم “غيتو الحي الأميركي”، كما ورد في كتابه الشهير “صناعة الأساطير على تخوم النفط السعودي”.
خلف أسلاك “الكامب الأميركي” ولدت صناعة النفط نوعًا من المعارضة السياسية لم يعرفه السعوديون من قبل في تاريخهم القصير.
نوع من الوعي تولد عبر مزيج من التفاوت الاجتماعي ومن الاختلاط بين السعوديين وإخوانهم من العرب من فلسطين وسوريا ومصر ولبنان وغيرها، في فترة تاريخية حساسة تزامنت مع الاجتياح اليهودي لفلسطين.
فبدأت إضرابات بسيطة متتالية أواخر الأربعينيات، ثم اشتدت في الخمسينيات مطالبة بتحسين ظروف العمل وزيادة الأجور والمساواة مع الأجانب، مع استجابة هزيلة من قبل إدارة الشركة التي غالبًا ما كانت تحظى بدعم كامل من نظام آل سعود.
لم تكن أرامكو إذن فقط مسؤولة عن ظهور الجيل الجديد من التكنوقراط المتغربين وأبناء المحظيين من السعوديين، الذين سُمح لهم بترقي درجات في سلم الأحلام قبل تأميم الشركة منتصف السبعينيات.
لكنها كانت قبل ذلك مسؤولة عن ظهور جيل سابق من القادة العماليين والمعارضين السياسيين والمنشقين والمنفيين وحتى الأدباء المعارضين، الذين ظل تأثيرهم في مجتمع قبلي في المقام الأول محصورًا حول أسلاك “الكامب الأميركي”.
استمر ذلك حتى منتصف السبعينيات، حين قرر السعوديون شراء حصص الشركاء الأميركيين في أرامكو متأثرين بأجواء الحرب العربية الإسرائيلية، وبموجة التأميم الوطني التي اجتاحت الشرق الأوسط، بما يعني أنه أصبح على السعوديين والأميركيين أن يبحثوا معًا من جديد عن صيغة جديدة لإعادة تعريف علاقة زواجهم الخاصة.
كان ضوء الفجر قد شق السماء الملبدة بالغيوم في (يوليو/تموز) عام 1974، عندما صعد وليام سايمون وزير الخزانة الأميركي المعين حديثًا، ونائبه غيري بارسكي، على متن الرحلة المنطلقة من قاعدة أندروز الجوية.
لم تكن الأمور تسير على نحو جيد في واشنطن آنذاك، حيث تضاعفت أسعار النفط أربع مرات خالقة تضخمًا غير مسبوق في الولايات المتحدة، بعد الحظر الذي فرضته دول أوبك العربية ردًا على المساعدات العسكرية الأميركية للإسرائيليين خلال حرب (أكتوبر/تشرين الأول) 1973.
على المستوى الرسمي، لم تكن رحلة سايمون سوى إحدى الجولات المكوكية للدبلوماسية الاقتصادية في أوروبا والشرق الأوسط.
ولكن مهمته الحقيقية، التي كانت معروفة فقط للدائرة المقربة من الرئيس ريتشارد نيكسون، كانت التوقف بضعة أيام في مدينة جدة الساحلية في السعودية، والهدف كان بوضوح تحييد النفط الخام كسلاح اقتصادي، وإقناع السعوديين بقبول صفقة تاريخية جديدة مع واشنطن.
وفقًا لـبلومبيرغ، لم يكن الفشل يومها يعني مجرد تهديد السلامة المالية للولايات المتحدة فحسب، ولكنه كان يعني أيضًا المزيد من النفوذ السوفيتي في العالم العربي.
وقد كان سايمون بحكم وظيفته يعي أكثر من أي شخص آخر ما يعنيه اتساع الدَين الحكومي الأميركي، وكيف يمكن أن يبيع خطة نيسكون الجديدة للسعودية، الخطة التي تنص على أن الولايات المتحدة المكان الأفضل لاستثمار عائدات السعودية النفطية المتنامية من البترودولارات، موظفًا ذعر فيصل من السوفييت وحلفائهم القوميين بالقدر الذي يستلزمه تأمين موافقته على الصفقة الجديدة.
وكان الإطار الأساسي بسيطًا بشكل لافت للنظر، وشديد الشبه للغاية بصفقة كوينسي التاريخية: سوف تقوم الولايات المتحدة بشراء النفط من السعوديين وتلبية الاحتياجات العسكرية للمملكة، وفي المقابل فإن السعوديين سوف يستثمرون ثروات البترودولار مرة أخرى في سندات الخزانة الأميركية من أجل تمويل الإنفاق الأميركي.
استغرق الأمر شهورًا من المفاوضات من أجل الاتفاق حول التفاصيل، وأعقدها إصرار الملك فيصل على أن تكون قيمة مشتريات السعودية من سندات الخزانة الأميركية سرية تمامًا، حيث كان الملك السعودي متخوفًا من تصور أن أموال النفط السعودي يمكن أن تتحول بشكل مباشر أو غير مباشر إلى مساعدات أميركية إلى إسرائيل مما يتسبب في إحراج المملكة.
وقد حل مسؤولو وزارة الخزانة هذه المعضلة للسعوديين، ونجحوا في إخفاء أي وجود للمملكة العربية السعودية في سوق السندات الحكومية الأميركية. وبحلول عام 1977، كانت السعودية قد اشترت نحو 20% من جميع سندات الخزانة الأميركية المباعة للأجانب.
بخلاف مخاوف فيصل حول السرية، لم يكن الأمر مدعاة للكثير من القلق بالنسبة لأي من الطرفين؛ فمنذ اللحظة الأولى كان إنفاق الكثير من المال جزءًا ضمنيًا من العلاقات الأميركية السعودية: الولايات المتحدة توفر الأمن وفي المقابل يشتري السعوديون الأسلحة الأميركية، وخدمات البناء، وأنظمة الاتصالات، وكل شيء من الشركات الأميركية التي يشرف عليها في النهاية مسؤولون أميركيون سابقون، أو مقربون من دوائر صناعة القرار في واشنطن.
كان الأمر أشبه بعملية “إعادة تدوير” مثالية للغاية تراكمت على مدار عقود، وتسببت في زيادة التجارة الثنائية بين السعودية والولايات المتحدة من 56.2 مليون دولار في عام 1950 إلى 19.3 مليار دولار في عام 2000، وصولًا إلى 38 مليار دولار(11) في عام 2016.
لنأخذ مثالًا بمجموعة كارلايل، وهي شركة استثمارية خاصة، تأسست في عام 1987، وقامت منذ تأسيسها بإجراء أعمال مربحة للغاية مع المملكة العربية السعودية لا تزال مستمرة إلى الآن.
في الفترة من 1993 إلى 2002 كان رئيس كارلايل هو فرانك كارلوتشي، مستشار الأمن القومي لـرونالد ريغان، ثم وزير الدفاع في إدارته، بينما كان كبير مستشاري المجموعة هو جيمس بيكر، الذي شغل منصب وزير الخارجية تحت إدارة جورج بوش الأب.
ومن بين الأشخاص الآخرين الذين علقوا معاطفهم في كارلايل حتى وقت قريب يبرز اسم آرثر ليفيت، رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات في إدارة بيل كلينتون، وجون ميجور، رئيس الوزراء السابق لبريطانيا العظمى والرئيس السابق لـ فرع كارلايل في أوروبا، وغيرهم من كبار المسؤولين الأميركيين والغربيين الذين عملوا كواجهات لشركات اقتصادية مارست أنشطة كبيرة الحجم مع المملكة العربية السعودية.
هناك أيضًا شركة هاليبرتون التي كانت خاضعة لإدارة ديك تشين، وزير دفاع جورج دبليو بوش ثم نائب الرئيس في ولايته الثانية. واستفادت هاليبرتون بشكل متكرر هي الأخرى من المال السعودي، ففي أواخر عام 2001 وقعت هاليبرتون عقدًا بقيمة 140 مليون دولار لتطوير حقل نفط سعودي جديد.
ولسنوات عديدة أيضًا عملت كوندوليزا رايس، مستشارة جورج دبليو بوش لشؤون الأمن القومي، في مجلس إدارة شركة شيفرون، التي اندمجت في عام 2001 مع شركة تكساكو، وتشاركت شيفرون تكساكو مع أرامكو السعودية في العديد من المشاريع للتنقيب عن النفط في آسيا.
ومن شيفرون إلى أميرادا هيس، حيث عمل نيكولاس برادي، وزير الخزانة في عهد بوش الأب، ومساعده إديث هوليداي في مجلس إدارتها، حيث تعاونا مع السعوديين لأجل استكشاف النفط في أذربيجان، وسرعان ما انضمت شركة فرونتيرا ريسورسز ومقرها هيوستن إلى عملية أذربيجان في العام نفسه.
وضم مجلس المستشارين في فرونتيرا آنذاك كلًا من عضو مجلس الشيوخ السابق في تكساس، ووزير الخزانة السابق، ومرشح منصب نائب الرئيس عن الحزب الديمقراطي لعام 1988 لويد بنتسن؛ إضافة إلى جون ديوتش، نائب وزير الدفاع الأميركي الأسبق والمدير السابق لوكالة المخابرات المركزية.
ضمنت الديون السيادية للسعودية لدى الحكومة الأميركية، والتي قدرتها مجلة ذي أتلانتيك بقرابة تريليون دولار، عام 2004 عمل علاقة الزواج بشكل جيد بمعزل عن التدخل الأميركي المعتاد في الشؤون الداخلية للدول، وأعطتها درجة ملحوظة من النفوذ في واشنطن.
ولكن العلاقات لم تكن لتسير بهذا القدر من السلاسة دون شخص لديه ما يكفي من المهارة لضمان اتصال مريح بين الطرفين، ومع دخول الصفقة الأميركية السعودية حيز التنفيذ الفعلي مع مطلع الثمانينيات، لم يكن ذلك الشخص سوى الأمير الذي سطع نجمه مؤخرًا بندر بن سلطان.
لا يتمتع بندر بن سلطان بنسب رفيع في العائلة المالكة السعودية، فرغم أن والده هو سلطان بن عبد العزيز وزير الدفاع وولي العهد الراحل، إلا أنه أمه هي خيزران، الجارية اليمنية للأمير سلطان.
ربما تكون الرغبة في إثبات الذات إذن هي التي دفعت بندر أن يختار صناعة تاريخه الخاص كطيار مقاتل، بعد أن تخرج في الكلية الجوية الملكية في بريطانيا، قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة كمستشار لولي العهد فهد بن عبد العزيز، ويثبت جدارة سريعة في صفقة الأواكس.
بيد أن مساعدات بندر بن سلطان والعائلة المالكة بلغت أوجها مع صعود إدارة الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، الذي اعتاد استضافة صديقه السعودي في منزله بشكل متكرر، إلى درجة تسميته في الأوساط السياسية الأميركية باسم “بندر بوش”، وفي المقابل اعتاد بندر دعوة بوش لممارسة هواية قنص الطيور حول قصره الخاص في فيرجينيا، كما ساهم أيضًا بمبلغ مليون دولار في إنشاء مكتبة بوش الرئاسية في محطة كوليدج بولاية تكساس.
كانت الرياض هي محطة أوباما الأولى خلال زيارته إلى الشرق الأوسط في عام 2009، ورغم أن الاجتماع مع الملك عبد الله لم يكن ثريًا، إلا أن أوباما وعده بمعالجة القضية الفلسطينية.
لكن عبد الله اعتقد فيما بعد أن أوباما خضع لـبنيامين نتنياهو، لذا فإنه أصيب بخيبة الأمل السعودية المعتادة من جديد.
على الجانب الآخر، لم يكن أوباما يرى السعوديين أكثر من “راكبين بالمجان” يعتمدون على الولايات المتحدة لأجل أمنهم، رغم أنه باعهم أسلحة أكثر مما فعل أي رئيس أميركي آخر.
ولكن أسلحة أوباما جاءت بلا أي ضمانات، ومصحوبة بانتقادات علنية غير مسبوقة، لذا فإنها لم تفلح بأي شكل في تخفيف الرعب الذي يكتنف الرياض.
وصار الحديث عن نهاية الزواج الكاثوليكي أمرًا مألوفًا في العاصمتين مع قرب رحيل أوباما وانتعاش صناعة النفط الأميركية وتهاوي حصيلة البترودولار السعودية، بما يعني أن واشنطن لم تعد محتاجة إلى الرياض.
سيرحل أوباما ولكن البدائل ليست أفضل بحال: إما هيلاري كلينتون التي تمثل امتدادًا طبيعيًا لأوباما، وإما دونالد ترمب الذي لا يرى المملكة أكثر من “بقرة حلوب” ينبغي أن تدفع مقابل كل شيء.
وصل ترامب إلى البيت البيض على خلاف توقعات الأغلب، ومع وصوله فقد أثبت للجميع أن عدوانية آل سعود في اليمن وغيرها كانت دليلًا على الضعف أكثر منها معبرًا عن الحسم والقوة.
اختارت الرياض أفقر دولة عربية لتستعرض فيها نتائج عقود من المشتريات العسكرية ولتمزقها بمساعدة الإمارات تمامًا، وفشلت في تحقيق نتائج تذكر على كل حال.
وإذا كان القادم الجديد إلى البيت الأبيض يحب المال فلنمنحه المال إذن وبوتيرة غير مسبوقة: مئات المليارات من الدولارات من العقود المفتوحة للتسليح والاستثمار دون أي مقابل غير الرضا والاستثمار الخطابي في معاداة إيران.
مليارات مثلت تجديدًا ضمنيًا لصفقة البترودولار التاريخية، ولكن بشروط ترمبية جديدة تضع جميع الالتزامات على طرف واحد فقط.
تتدفق أموال المملكة إلى الجيوب الأميركية بوتيرة أكبر من أي وقت مضى: 50 مليار دولار من الاتفاقات لأرامكو مع الشركات الأميركية، كدفعة أولى من اتفاقات يبلغ مجموعها أكثر من 200 مليار دولار، و15 مليار دولار من العقود مع جنرال إلكتريك، وميزانية مفتوحة لمشروع للبتروكيماويات مع إكسون موبيل في ولاية تكساس، ووحدة أعمال جديدة لعملاق الأسلحة رايثون، ومشروع لتجميع طائرات بلاك هوك في السعودية لصالح لوكهيد، و7 مليارات لشركة الحفارات روان من أجل أعمال الحفر البحرية، و9 مليارات مع نابورس، ومليارين مع وذيرفورد، وعشرات المليارات من الاستثمارات في البنية التحتية لأصدقاء ترمب، ومائة مليون لإرضاء إيفانكا نفسها، كل ذلك في وقت توقفت فيه ثروات البترودولار عن التدفق وبدأت المملكة تحرق مخزوناتها النقدية بوتيرة غير مسبوقة.
لم يكن الراحل سعود الفيصل محقًا إذن حين عارض ابن عمه بندر بن سلطان في وصفه للعلاقات السعودية الأميركية بالزواج الكاثوليكي. في تصريحه لديفيد أوتاوي من صحيفة واشنطن بوست، أعطى الفيصل توصيفه الخاص للعلاقة أنها أشبه “بالزواج الإسلامي” حيث يسمح للمسلم بالزواج من أكثر من واحدة.
كان الفيصل يلمح إلى أن المملكة لا ترغب في فض علاقاتها مع الولايات المتحدة في أعقاب حرب العراق، ولكنها فقط راغبة في البحث عن شركاء جدد.
ولكن بلاده لا تزال تثبت يومًا بعد يوم أن مغامراتها خارج إطار الزواج الأميركي لا تلبث أن تنتهي قبل أن تبدأ، لتعود لاهثة إلى أحضان واشنطن من جديد. هو زواج كاثوليكي إذن كما وصفه بندر، لكنه كذلك بالنسبة إلى طرف واحد لا يزال يدافع هواجسه حول المصير الذي ينتظره في اللحظة التي تنتهي فيها هذه العلاقة، التي يعلم الجميع أن ما بقي من عمرها لا يساوي أكثر من حجم الوقت الذي ستبقى المليارات السعودية فيه قادرة على التدفق إلى واشنطن، وهو وقت لم يعد طويلًا في كل الأحوال، لأن الحقيقة التي يغفلها التشبيه غالبًا أن الموت يبقى قادرا على وضع حد لأي علاقة، بما في ذلك الزواج الكاثوليكي نفسه حقيقة لا مجازًا.