نشطاء يغلقون بوابة السفارة السعودية في برلين تضامنا مع غزة

في سابقة هي الأولى من نوعها، أقدم نشطاء ألمان وعرب في العاصمة الألمانية برلين، على إغلاق بوابة السفارة السعودية، في خطوة احتجاجية لافتة ضد ما وصفوه بـ”تواطؤ الرياض الإعلامي والسياسي مع إسرائيل في حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة”.
وحمل المحتجون لافتات كُتب عليها شعارات مثل: “العربية.. صوت الاحتلال” و “السعودية تتآمر على غزة”. وقام عدد منهم بسلاسل حديدية وأقفال بإغلاق البوابة الرئيسية للسفارة، ما أعاق دخول الموظفين والزوار لفترة من الوقت، قبل أن تتدخل الشرطة الألمانية لفتح البوابة وإبعاد المتظاهرين.
ورغم أن عدد المشاركين لم يتجاوز بضع عشرات، إلا أن رمزية الفعل لفتت الانتباه، إذ اعتُبر أول تحرك مباشر يستهدف البعثة الدبلوماسية السعودية في أوروبا على خلفية الموقف من حرب غزة.
دوافع النشطاء
أوضح المنظمون في بيان صحفي وزعوه خلال الفعالية أن احتجاجهم جاء رفضًا لما وصفوه بـ”التغطية المنحازة لقناة العربية”، التي اعتبروا أنها “تعمل على ترديد رواية الاحتلال الإسرائيلي، وتشويه صورة المقاومة الفلسطينية، والتقليل من حجم المجازر التي ترتكبها إسرائيل في القطاع”.
وأضاف البيان: “بينما يُذبح الفلسطينيون في غزة، تواصل السعودية عبر منصاتها الإعلامية، وخاصة قناة العربية، التحريض على المقاومة وتبرير الحرب الإسرائيلية، في انسجام تام مع أجندة تل أبيب وواشنطن”.
وأشار النشطاء إلى أن إغلاق بوابة السفارة جاء كـ”رمز لإغلاق الأبواب أمام التواطؤ مع جرائم الإبادة، ورسالة واضحة بأن الرأي العام العالمي لم يعد يتسامح مع الصمت أو التواطؤ العربي مع إسرائيل”.
انتقادات متصاعدة للسعودية
يعكس الاحتجاج في برلين موجة متصاعدة من الانتقادات الموجهة إلى السعودية، سواء في الأوساط العربية أو الأوروبية، على خلفية ما يصفه ناشطون بـ”تقاعس الرياض عن نصرة الشعب الفلسطيني”.
ويقول مراقبون إن السعودية، التي تمثل القوة السياسية والاقتصادية الأبرز في المنطقة، تبنت منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023 خطابًا مترددًا، مع تركيز واضح على استهداف المقاومة الفلسطينية بدلًا من دعمها.
كما وُجهت اتهامات متكررة للرياض بـ”التآمر مع إسرائيل لإنهاء المقاومة الفلسطينية”، من خلال دعم مبادرات سياسية تتجاهل المطالب الفلسطينية الجوهرية، وإطلاق منصاتها الإعلامية لمهاجمة فصائل المقاومة، في حين تلتزم الصمت تجاه الجرائم الإسرائيلية واسعة النطاق.
قناة العربية في دائرة الانتقادات
تُعتبر قناة العربية المملوكة للسعودية من أكثر الوسائل الإعلامية التي تتعرض لانتقادات قاسية منذ بدء الحرب.
إذ يتهمها ناشطون ومنظمات حقوقية فلسطينية بتبني الرواية الإسرائيلية الرسمية، عبر وصف العمليات العسكرية في غزة بأنها “حرب على الإرهاب”، مع التركيز على استهداف المقاومة وتجاهل المجازر بحق المدنيين.
في هذا السياق، قال أحد منظمي احتجاج برلين: “بينما تنقل وسائل الإعلام العالمية صور الأطفال المحترقين تحت الأنقاض، تخرج قناة العربية لتتحدث عن صواريخ المقاومة، متجاهلة أن غزة تُباد بالكامل. هذه ليست صحافة، بل دعاية سياسية”.
السياق السياسي الأوسع
يأتي هذا الاحتجاج في ظل حالة توتر متصاعد بين السعودية والرأي العام العربي والإسلامي، خاصة بعد تقارير عن تقارب غير معلن مع إسرائيل، رغم تجميد مسار التطبيع رسميًا عقب اندلاع حرب غزة.
ويرى محللون أن الصمت السعودي تجاه الجرائم في القطاع، مقابل التركيز على الدعوة إلى “تهدئة” و”حل سياسي” بمعزل عن المقاومة، يعزز الانطباع بوجود تفاهمات خلف الكواليس مع تل أبيب.
ويشير البعض إلى أن هذا الموقف لم يعد يثير استياء الفلسطينيين وحدهم، بل وصل صداه إلى المجتمعات الأوروبية، حيث تنشط الجاليات العربية والإسلامية في تنظيم وقفات واحتجاجات تضامنية مع غزة.
ويتوقع مراقبون أن تشجع هذه الخطوة نشطاء آخرين في عواصم أوروبية مختلفة على استهداف البعثات الدبلوماسية السعودية رمزيًا، ما يضع الرياض أمام حملة ضغط شعبية متزايدة تطالبها بإعادة النظر في مواقفها الإعلامية والسياسية.



