نواب بريطانيون يرفضون التبيض الرياضي لانتهاكات بن سلمان
عارض ستة عشر نائبا بريطانيا من جميع الأحزاب خطط ولي العهد محمد بن سلمان للاستيلاء على نادي نيوكاسل الذي ينافس الدوري الإنجليزي الممتاز، واعتبره الخطوة تبييض رياضي لصرف الانتباه عن انتهاكات حقوق الإنسان.
ووجه النواب رسالة إلى الحكومة البريطانية تثير القلق بشأن خطر غسل الرياضة في المملكة المتحدة في حال الموافقة على المساعي بن سلمان لشراء نادي نيوكاسل يونايتد.
وقال السياسيون – بمن فيهم زعيم حزب العمال السابق نيل كينوك والنائب المحافظ السير بيتر بوتوملي – إن دفع 300 مليون جنيه استرليني من بن سلمان مقابل حصول صندوق الاستثمار العام السعودي على 80 في المائة من النادي، وسيلة لصرف الانتباه عن سجل حقوق الإنسان في المملكة.
وتشير الرسالة، التي نشرتها صحيفة الإندبندنت، إلى جريمة بن سلمان في قتل الصحفي البارز جمال خاشقجي، وسجن نشطاء حقوق الإنسان، واستخدام التجسس عبر الإنترنت، فضلا عن تورط نظام آل سعود في الحرب على اليمن.
ودعا النواب بموجب مبادرة من منظمة فيفا ووتش، الحكومة إلى “أخذ زمام المبادرة النشط” في منع الغسيل الرياضي في المملكة المتحدة وتطوير اختبار أكثر صرامة لائقا وصالحًا لإيقاف المواءمة بين الشركات والأنظمة مع سجلات حقوق الإنسان سيئة مع الدوري الممتاز.
يأتي ذلك بعد أن أبلغ الدوري الإنكليزي الممتاز (بريميير ليغ)، خديجة جنكيز خطيبة الصحفي خاشقجي، بتعاطفه معه، واعدا بالنظر في مطالبها قبل إتمام صفقة نادي نيوكاسل يونايتد.
وذكرت صحيفة “ديلي تلغراف” في تقرير حصري، أن الدوري الإنكليزي الممتاز (بريميير ليغ) ينظر في مطالب دعت لوقف عملية استحواذ مجموعات مدعومة من السعودية على نادي نيوكاسل يونايتد.
وقال رئيس الدوري ريتشارد ماسترز في رسالته، لمحامي جنكيز إنه “متعاطف جدا مع موقف موكلتك”، بعدما كتب المحامي رودني ديكسون مرتين إلى رئيس الدوري يحثه على منع عملية بيع أسهم نادي نيوكاسل إلى مجموعة تقودها هيئة الاستثمار العام السعودية التي يتولاها ولى العهد محمد بن سلمان.
وهذه هي المرة الأولى التي يكشف فيها الدوري الممتاز أنه يقوم بالنظر في مزاعم انتهاكات حقوق إنسان كجزء من فحص الملاك والمدراء الذي يقوم الدوري عادة بإجرائه كعملية روتينية قبل موافقته على عرض بيع لواحد من النوادي التابعة له.
ولكن ماسترز رفض مقابلة جنكيز بعدما حثه ديكسون على عمل هذا “في أسرع وقت”.
وكانت جنكيز قد تحدثت لأول مرة عن الموضوع في نيسان/إبريل حيث حذرت من مخاطر السماح لصندوق سيادي خليجي بشراء النادي وأنه سيكون “لطخة في سمعة أغنى دوري ممتاز في العالم وبريطانيا بشكل عام”.
واتهمت ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي اتهمته الأمم المتحدة والمخابرات الأمريكية بإصدار أوامر قتل الصحفي السعودي في قنصلية بلاده بإسطنبول عام 2018 بأنه “يقوم باستخدام الرياضة وبطريقة استراتيجية لتحسين صورته التي تضررت بشكل سيئ”.
ثم تبع ذلك تبادل في الرسائل بين ديكسون وماسترز، حيث ورد في رسالة رأي أحد مدراء الدوري الممتاز السابقين بأن فحص الملاك والمدراء لن يسمح بالتأكيد لمحمد بن سلمان وهيئة الاستثمار العام بشراء النادي بـ 300 مليون جنيه وذلك في ضوء الأدلة المتوفرة حول تورطه بمقتل جمال خاشقجي.
ورد ماسترز قائلا: “طبعا، ما أزال متعاطفا جدا مع موقف موكلتك، ولكنني لا أستطيع الكشف عن تفاصيل عن الأمر أكثر مما كشفنا، وعملنا سري وخاص ويجب أن يظل هكذا” و”لهذا السبب فاللقاء ليس ممكنا في ظل التواصل وظهور الموضوع السري في الإعلام”، و”لكنني أؤكد لك أن موكلتك وموقفها يتم النظر به بالكامل في عملية الفحص”.
وقالت جنكيز إن رد ماسترز “يجعلني متفائلة بأن الدوري الممتاز سيقوم باتخاذ القرار الصائب”، و”أنا متأكدة أن الدوري الممتاز يقوم باتباع قواعده والقوانين خاصة فحص الملاك والمدراء، وأنهم سيمنعون محمد بن سلمان وهيئة الاستثمار العام من الاستيلاء على نادي نيوكاسل يونايتد“.
وأضافت: “حتى تتم محاسبة بن سلمان على دوره في جريمة قتل جمال، فيجب على المنظمة (الدوري الممتاز) الامتناع عن التعامل معه”.
وأدانت منظمة التجارة العالمية، سابقا، سلطات آل سعود بتمويل قناة “beoutQ”، التي كانت تسرق إشارة ومحتوى مجموعة beIN القطرية الرياضية، الناقل الحصري للبريميرليغ والدوريات الأوروبية الكبرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقالت صحيفة “الغارديان” البريطانية إن استحواذ سلطات آل سعود على أسهم نادي نيوكاسل يونايتد، أضحى في محل شك أكثر من أي وقت مضى، وذلك بعد إدانة المملكة من قبل منظمة التجارة العالمية، بتمويل قناة “بي أوت كيو”.
وجاء تقرير المنظمة العالمية، بعد تسريبات إعلامية تتحدث عن اقتراب صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي يُديره ولي العهد محمد بن سلمان، أوشك على غلق صفقة الاستحواذ على 80% من أسهم “سان جيمس بارك”، وذلك مقابل حوالي 300 مليون جنيه إسترليني، بزعم أن المالك الحالي مايك أشلي وافق على تخفيض 40 مليون بعد الأزمة الاقتصادية التي خلفها فيروس كورونا، لكن حتى الآن لم يتم الإعلان الرسمي عن الاستحواذ.
وأشارت “الغارديان” التي انفردت بالرواية الجديدة إلى أن منظمة التجارة العالمية بالكاد وضعت اللمسات الأخيرة على التقرير النهائي، والمكون من 130 صفحة، للبت في اتهام المملكة بتمويل “بي أوت كيو”، مع تلميحات بأن التقرير أدان المملكة، وبالتبعية بنك الاستثمار التابع للحكومة، لكنه لن ينشر إلا في منتصف شهر يونيو المقبل.
وقالت إن: الفيفا واليويفا والبريميرليغ والليغا وآخرون، اتخذوا بالفعل إجراءات قانونية ضد الشبكة المجهولة الهوية، بسبب بث المباريات بشكل غير قانوني، لكن تسع شركات قانونية محلية رفضت قبول قضية حقوق الطبع والنشر، وذلك قبل تحريك دعوى قضائية ضد المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، باعتبارها أعلى هيئة قضائية يمكنها البت في الأمر.
وخلصت المنظمة العالمية في النهاية إلى أن سلطات آل سعود انتهكت القانون الدولي بما فعلته مع “beoutQ”وهي الإدانة التي قد تفسد استحواذ المملكة على طيور الماكبايس، كونها جريمة لا تتماشى مع سياسة البريميرليغ.
وذكرت الصحيفة أنه مر قرابة شهرين على المفاوضات لإبرام الصفقة، رغم أنه كان من المتوقع ألا تستغرق أكثر من شهر، والسبب العراقيل التي يواجهها رئيس الصندوق السيادي بن سلمان بسبب قضية القرصنة، التي تتعامل معها الحكومة البريطانية على محمل الجد.
ولا يعد اعتراض منظمة التجارة العالمية، الأول على صفقة الاستحواذ بل بدأت الاعتراضات تطفو إلى السطح، مؤخرا، بسبب سجل السعودية في مجال حقوق الإنسان، والاتهامات التي تُطارد بن سلمان شخصيا.
وسارعت منظمة العفو الدولية للتحذير من تضرر سمعة الدوري الإنجليزي حال صار النادي المُلقّب بـ “الماكبايس” تحت السيطرة السعودية.
وقالت مديرة المنظمة البريطانية كيت ألين في خطاب وجهته لمدير الدوري الإنجليزي ريتشارد ماسترز: “أعتقد أن هناك أسئلة صعبة وجدية يجب الحصول على إجابات لها لمعرفة ما إذا كان مالكو الصندوق الاستثماري الساعي لشراء نيوكاسل مناسبين للحفاظ على سمعة البطولة واللعبة”.
وأضافت: “ولي العهد السعودي بحكم سلطة الواقع وتحكمه في الاقتصاد السعودي وسيطرته على الصندوق السيادي الاستثماري سيصبح مالكاً ومتحكّماً في نادي نيوكاسل، فكيف يكون ذلك أمراً إيجابياً لسمعة البطولة وصورتها الذهنية؟”.
واعتبرت ألين أن الـ “بريميير ليغ” سيُغامر بسمعته لمصلحة ولي العهد السعودي “الساعي لاستخدام بريق الرياضة للتغطية على تصرفاته غير الأخلاقية والمخالفة للقوانين الدولية، سيضع البطولة ومبادئها وقيم لعبة كرة القدم العالمية في مهب الريح”.
وطالبت مجموعة beIN الرياضية رابطة الدوري الإنجليزي لكرة القدم، بالتحقق من خلفية المالكين والمديرين لصفقة الاستحواذ المحتملة على نادي نيوكاسل يونايتد.
وجاء في الخطاب الذي وجّهته المجموعة: إلى الرئيس التنفيذي لرابطة الدوري الإنجليزي، ريتشارد ماسترز: “تدعو رابطة الدوري الإنجليزي ورؤساء الأندية إلى التحقق من خلفية المالكين والمديرين لصفقة استحواذ محتملة على نادي نيوكاسل يونايتد، حيث بعثت المجموعة برسالتين تتعلقان بتقارير عن صفقة استحواذ محتملة على النادي من قبل نفس الأطراف المسؤولة عن سرقة حقوق beIN”.
وأضاف يوسف العبيدلي الرئيس التنفيذي للمجموعة: “في حال ثبتت صحة التقارير بشأن الاستحواذ على نادي نيوكاسل يونايتد، فإننا نرى أنه من الضروري أن يجري الدوري الإنجليزي الممتاز تحقيقاً كاملاً لخلفية المشتري المحتمل للنادي يشمل جميع المديرين والمسؤولين وغيرهم من ممثلي صندوق الاستثمارات العامة السعودي أو الكيانات السعودية الأخرى المشاركة في الاستحواذ أو تقدم أي تمويل فيه”.
وتتهم شبكة “بي إن”، سلطات آل سعود بالوقوف وراء شبكة “بي آوت كيو” للقرصنة، التي قامت ببث عدد كبير من المباريات والمنافسات الرياضية بشكل غير قانوني، لا سيما خلال منافسات بطولة كأس العالم 2018 التي أقيمت في روسيا.
وإزاء هذه التطورات، دعت خديجة جنكيز خطيبة الصحفي السعودي الراحل جمال خاشقجي جماهير فريق نيوكاسل يونايتد الإنجليزي إلى وقف استحواذ ولي العهد السعودي على الفريق.
وطالبت خديجة في رسالة مفتوحة إلى جماهير نادي نيوكسل، الجماهير بالتفكير فيما إذا كان استحواذ ولي العهد السعودي على النادي، الذي نافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، هو القرار الصائب.
وقالت خديجة في رسالتها التي نشرتها على حسابها على تويتر: “أناشدكم بالتحرك والضغط من أجل ناديكم، حتى لا يقع في يد بن سلمان الذي يحكم شعبه بالقبضة الحديدية ويقتل معارضيه ويضطهد عائلته”.
وأضافت “لا تجعلوا كرة القدم تدنس بهؤلاء الأشخاص الذين يستخدمونها كغطاء لأفعالهم القبيحة، هذه هي اللحظة التي يجب أن تقفوا فيها من أجل ناديكم ومدينتكم وفريقكم والدفاع عنه والحفاظ على نقاء لعبة كرة القدم”.
ودعت خديجة، قبل ذلك، إدارة الدوري الإنجليزي إلى وقف استحواذ السعودية على الفريق.
وتعرض خاشقجي للقتل في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، داخل القنصلية السعودية في إسطنبول حيث ذهب لاستخراج وثائق للزواج من جنكيز، وباتت قضيته من بين الأبرز والأكثر تداولاً في الأجندة الدولية منذ ذلك الحين.
وعقب 18 يوماً على الإنكار، قدمت خلالها الرياض تفسيرات متضاربة للحادث، أعلنت مقتل خاشقجي إثر “شجار مع سعوديين”، وتوقيف 18 مواطناً في إطار التحقيقات، دون الكشف عن مكان الجثة.
وبحسب لائحة الاتهام التركية، فإنها تشير إلى ضلوع ولي العهد محمد بن سلمان بجريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي.
وقال رودني ديكسون محامي خديجة جنكيز إن عملية الاستحواذ ليست مجرد “عمل تجاري” لولي العهد والسلطات السعودية، ولكنها محاولة للهروب من العدالة والمحاسبة الدولية.
وأضاف أن “السماح لولي العهد والسلطات السعودية باستخدام هذا الاستحواذ سعياً لإصلاح مكانتهم الدولية، أمر ضد المبادئ والقواعد الأساسية للدوري الإنجليزي الممتاز وسيدمر سمعته الجيدة”.
وسبق أن حاول بن سلمان خلال 2019، شراء نادي مانشستر يونايتد، وقدم عرضاً ضخماً في سبيل ذلك، وصل إلى 4.9 مليار يورو، لكن العرض لم يقنع عائلة غليزرز الأمريكية مالكة النادي، ليوجّه بوصلته نحو نيوكاسل الأقل شهرة